كتب: أحمد سلامة
سأروي قصتي ابتداء مع (كامل) من بعد ذلك سأقول رأيي في تجربته، التي تشبه اغلب القصص الأردنية والتي لا يحب اصحابها اشهارها
والحق أنني لم استأذن صاحب الحدوثة بنشر ما ساكتبه اليوم، إذ أن بقيني بحبه للمعرفة واشهار وسائل الوصول اليها من سماته ككاتب نبيل…
ذات ضحى قبل ما ينوف عن السنتين، تلقيت اتصالا هاتفيا تعلوه نبرة من الثقة بالذات، شأن الكثير من الاعلاميين الذي يحسسك أن الدنيا كلها بمسؤولية ادارتها وانقاذها قد وقعت على كاهله.. وقدم نفسه على انه كامل النصيرات ويرغب بلقائي..
حييته، ولم اكن قد سمعت به قبلا، وهذا لا ينتقص من قدر موهبته، بقدر ما يعكس سوء متابعتي للمواهب الوطنية، والحق انني لست من قراء، الكتابة الساخرة ليس في مرحلة (كامل) بل منذ ان باشرت رحلة التعلم في مهنة الكتابة واضحت لي مهنة دائمة..
كان عملي بالبحرين قرابة 13 عاما قد افقدني فرص المتابعة والاستفادة ممن نضجوا في ذلك العقد وربما ان (كامل) كان اخد كتاب تلك المرحلة…
اكرمني بزيارة في المنزل وكان طلبه محددا وحاسما بيقينه موافقتي على مطلبه يريدني ان اظهر معه في مقابلة لبرنامج تلفزيوني هو يشرف عليه في احدى محطات تلفزيونات القطاع الخاص ورمى لي باسماء كلها نجومية مرت على كرسيه…
اعتذرت بكل صراحة واوضحت له ان ليس عندي اي شيء جديد اقوله في هذه المرحلة من حياتي ولذا التمست منه قبول اعتذاري، حاول
وتماديت بالاعتذار… لكن تلك اللقيا قد جعلت منا اصدقاء بحميمية خارجة عن شروط الزمن واضحى كامل، من احدى ثوابتي في الصداقة والاخوة…
لا اريد ان اصنع عنه بحثا اكاديميا بل باختصار استطيع تكثيف شخصيته، بانه (حقيقي، وبريء، ومباشر، والمال جافاه من بدري لا اقول انه فقير بالعكس انه غزير العطاء والكرم ومحترم وطيب، وفيه وعي محمود، ويحيط بالاشياء التي حوله، ويخلو من اي ادعاء، وان الوطن لم يقع انقاذه كواجب وحده خصه الله به)..
تصاحبنا خارج زياراته لي مرتين او ثلاثة كنت احب ان اراه وسط الناس كيف يكون مزاجه تبين لي انه هو ذات كامل المدخن والكاتب والمعاني والصادق والكريم والاجتماعي هو هو)
ذات جلسة دافئة بيننا ذكر لي انه لا يتحصل على الثانوية العامة.. الحق اني جفلت لثانية، اذ ان التحصيل الاكاديمي عندي ليس فيما يمنحك من فرص المعرفة بل بما يهبك من منهج تتعاطى فيه مع الحياة على نحو انضج
انقضضت على كامل بمودة حميمة واوصلته الى قناعة بضرورة ان يقدم فحص الثانوية وسألني طيب واذا رسبت ؟!
فاجبته: نعيد التجربة حتى تظفر بها وحشدت له من الاسباب التي حفزته للقبول..
بعد ذلك جرى ما جرى، وكامل النصيرلت الان على ابواب الانتهاء من السنة الاولى في الجامعة واترك له هو ان اراد الكتابة عن تجربته الباذخة في مغامرتها، ختيار كاتب لا يتحصل على الشهادة الاولى قبل الجامعية وماشي في الحياة دون ان يعرف احد بذلك وفجأة
يشهرها ويحققها ويمضي الى ما بعدها طالب كهل يكتب عن مذكرات سنفور في السنة الاولى..
تلك قصة لا يبجل صاحبها وحسب بل تروى بقصد ان تكون مثلا وتجربة تحاكى وتقلد لهذا ذكرتها..
اختم.. إن الجامعة الأردنية التي تحتاج الى كل الطاقات الثقافية لتسترد القها وروحها التي جروحتها عوامل كثيرة تحتاج الى الاستفادة من نموذج كامل النصيرات الكاتب الساخر والاعلامي المجلي، والطالب الذي حقق معجزة اختراق في اعادة ترتيب اولوياته في الحياة فيما يشبه البطولة وفي ظروف اقتصادية حرجة للغاية ما بين تبعات ان تكون ربا لاسرة وطالبا في جامعة ودخلك محدود…
تلك صورة اردنية بهية على الجامعة السعي لرفع قدرها بالدعم والمؤازرة ومنحها الفرص التي تستحق…
في بلادنا قصص نبيلة، وفاضلة.. وحقنا ان نباهي بها وواجبنا ايضا ان نفتح لها الدروب بمرونة وبدعم حاسم
كامل النصيرات قصة محترمة يليق بها ان تدعم وان تكرم
**
ردًّا على الكبير أحمد سلامة
كتب: كامل النصيرات