د. أحمد الهباهبه
تشهد كل من غزة ولبنان تصعيدًا عسكريًا كبيرًا بفعل العدوان الإسرائيلي، مما أدى إلى فقدان آلاف الأرواح ودفع الملايين إلى النزوح. ومع ذلك، ما يثير القلق بشكل خاص هو عدم توازن ردود الفعل الدولية تجاه هذه الأحداث المأساوية، حيث ينظر العديد من الخبراء والمحللين إلى هذه الأحداث من منظور العدالة الإنسانية.
وتسود أجواء من الغضب والاستنكار من قبل المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، حيث تُعتبر الأفعال التي يقوم بها الاحتلال في كل من غزة ولبنان بمثابة “جرائم ضد الإنسانية”. إن استهداف المدنيين، بما في ذلك الأطفال والنساء، يجعل من هذه الهجمات أعمالاً تتطلب المحاسبة القانونية على مستوى عالمي.
في تصريحات أدلى بها ناشطون وخبراء قانونيون، تم التأكيد على أن “هؤلاء الأطفال الذين تقتلهم إسرائيل في غزة ولبنان ليسوا لا من حزب الله ولا من حماس، وهذه جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية تتطلب أن يتحدث أهل القانون بجميع اللغات عنها”. هذه التصريحات تُظهر ضرورة محاسبة الاحتلال الإسرائيلي، وتبرز أهمية استخدام جميع الوسائل المتاحة من قبل المنظمات الدولية والمجتمع المدني للضغط على القوى الكبرى لتحمل مسؤولياتها.
على الرغم من تكرار الانتهاكات، لا يزال المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، في موقف متردد أمام الجرائم المروعة التي ترتكب. وهذا الصمت يُظهر معايير مزدوجة في التعامل مع الأزمات. ففي الوقت الذي يتم فيه فرض عقوبات على دول أو جماعات معينة بسبب تصرفاتها، نرى أن العدوان الإسرائيلي يحظى بدعم سياسي واقتصادي، مما يطرح تساؤلات حول فعالية المنظومة الدولية في حماية حقوق الإنسان.
يتطلب الوضع الحالي تكثيف الجهود من قبل المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، لوضع حد لهذه الانتهاكات. فبينما يتم إصدار بيانات شجب وإدانة، يجب أن يكون هناك إجراءات ملموسة تضمن محاسبة المجرمين ووقف الحرب ضد الأبرياء.
منذ 23 سبتمبر، وسعت إسرائيل نطاق هجماتها لتشمل لبنان، ما أدى إلى وقوع مآسي إنسانية واسعة. وفقًا لرصد الأناضول، أسفرت الغارات عن مقتل 1437 شخصًا وإصابة 4123 آخرين، في حين يعاني أكثر من مليون و340 ألف شخص من النزوح. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل تعكس واقعًا مأساويًا يعيشه المدنيون الذين يتعرضون للقتل والتشريد.
في الجانب الآخر، يرد “حزب الله” على هذه الاعتداءات من خلال إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، مما يزيد من تعقيد الوضع. بينما تتحدث التقارير عن الخسائر الإسرائيلية، تبقى الكثير من المعلومات محجوبة بسبب الرقابة العسكرية، مما يطرح علامات استفهام حول الشفافية والمصداقية في نقل المعلومات.
في خضم هذه الأزمة الإنسانية، يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ موقفًا حازمًا وواضحًا. لا يمكن أن تستمر المعايير المزدوجة في التعامل مع الأزمات الإنسانية. فقد حان الوقت للتأكيد على أن العدالة لا تتجزأ وأن كل ضحية تستحق الاعتراف والمحاسبة. إن عدم التحرك من قبل المؤسسات الدولية سيكون بمثابة تواطؤ في جريمة الإبادة الجماعية التي تشهدها غزة ولبنان.
في نهاية المطاف، يجب أن تتحد أصوات المجتمع الدولي لمنع المزيد من الدماء، وأن يتم التأكيد على القيم الإنسانية الأساسية التي تضمن السلام والعدالة لكل شعوب المنطقة.