د. أحمد الهباهبه
تواصل الطائرات الإسرائيلية قصفها لمختلف مناطق قطاع غزة، في اليوم الـ 380 من الحرب، مخلفة أعدادًا كبيرة من الشهداء والجرحى. إن التصعيد المستمر في هذا العدوان يثير القلق والأسى، حيث ارتكب الاحتلال الإسرائيلي ثلاث مجازر ضد العائلات في القطاع، أسفرت عن استشهاد 19 شخصًا وإصابة 91 آخرين خلال الـ 24 ساعة الماضية فقط.
تدعو الأرقام الصادمة التي تعكس حصيلة العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من أكتوبر إلى التأمل العميق في حجم المأساة التي يعيشها أبناء غزة. فقد ارتفعت حصيلة الشهداء إلى 42,519، مع تسجيل ما يقارب 99,637 إصابة. إن هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات؛ بل هي قصص مؤلمة لأسر فقدت أحبتها وأخرى تعيش في ظل خوف دائم من قذائف قد تنهال عليها في أي لحظة.
أحد أكثر الحوادث إيلامًا هو المجزرة المروعة التي وقعت في مشروع بيت لاهيا شمال القطاع، حيث استهدف الاحتلال مربعًا سكنيًا يضم عائلات عانت بالفعل من ويلات الحرب. وقد أظهر مدير مستشفى كمال عدوان، د. حسام أبو صفية، الصورة القاتمة للواقع، حيث أكد أن هناك عشرات المفقودين تحت الأنقاض، وللأسف، لا توجد الإمكانيات اللازمة لانتشالهم بسبب الاستهدافات المستمرة.
يستمر العدوان أيضًا في محيط مخيم جباليا، حيث تتركز العملية البرية للأسبوع الثالث على التوالي. تقوم دبابات الاحتلال بمداهمة مراكز الإيواء، واعتقال الشبان، وفرض النزوح على النساء والأطفال نحو مدينة غزة. هذا المشهد يذكرنا بمدى بشاعة الحرب وكيف يمكن أن تتحول منازل الآمنين إلى أهداف للقصف العشوائي.
ولا يقتصر القصف على الشمال فقط، بل يشمل أيضًا المناطق الجنوبية، حيث استشهد أربعة مواطنين من رفح في غارات متفرقة. وأيضًا، استشهد أربعة من العاملين في مصلحة بلديات الساحل نتيجة قصفهم في قرية خزاعة شرق خان يونس.
إن ما يحدث في غزة هو مأساة إنسانية تتطلب تضافر الجهود الدولية لوقف هذه الانتهاكات. يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ موقفًا حازمًا من هذا العدوان، وأن يعمل على إحياء الأمل في نفوس الفلسطينيين، الذين عانوا من ويلات الحروب والاحتلال لعقود طويلة. من يوقف هذه المآسي؟ من سيعمل على إعطاء الحق لأصحابه؟ هذه الأسئلة تبقى مطروحة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، والمجتمع الدولي مطالب بأن يكون له دور فعال في إعادة بناء ما دمرته آلة الحرب.