فايز شبيكات
نثق بالاعلام الامني ولا يسارونا ادنى شك بمصداقية الارقام الاسبوعية المتعلقة بعدد المقبوض عليهم في جرائم الترويج والاتجار بالمخدرات، لكن الرقم بكل صراحة رقم فلكي مفزع وعسير الفهم، ويبعث على الحيرة ومحاط بكل علامات التعجب والاستفهام، ما يجعل من الصعوبة بمكان اخضاعه لقواعد التفسير والتحليل، ولا يصل بنا بشكلة الحالي الى نتيجه مستقرة يمكن الاطمئنان اليها .
والمسألة برمتها سهلة لتحسين طراز الاعلام الامني لتنقية الرقم، ولا تتعدى ضرورة اعادة النظر بكيفية العد، واسلوب التدقيق بمصادر الارقام والتعامل معها قبل كشفها بشفافية ووضوح امام المواطنين، ووضعهم بصورة التطورات الميدانية لما سمي مؤخرا بحرب المخدرات في احوال الدفاع او الهجوم على حد سواء.
متوسط العدد الاسبوعي للمقبوض عليهم 250 متورط، ما يعني بالعمليات الحسابية البسيطة الف شهريا، واثني عشر الف سجين سنويا اذا ما عرفنا ان عقوبة الاتجار والترويج لا تقل عن خمسة سنوات حسب منطوق المادة التاسعة عشر من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية ولا يتم كفاله المتهمين اثناء المحاكمة حتى تنفيذ الحكم.
وحتى عند اخذ احكام البراءة بعين الاعتبار فلن يهبط الرقم الى اقل من عشرة الاف سجين سنويا حسب هذا الواقع الاحصائي سيقضون مده خمسة سنوات قيد السجون كحد ادنى.
واذا افترضنا ان حرب المخدرات وارقامها ستستمر على ذات الوتيرة واظنها ستستمر خلال الخمسة سنوات القادمة فإن عدد الموقوفين والمحكومين منهم سيصل الى خمسين الف سجين، وهو رقم يتجاوز حدود العقل والمنطق، لان سعة السجون لا تتعدى خمسة عشر الف نزيل من مختلف الجرائم ، وموجودها الحالى في حدود العشرين الف نزيل، ناهيك عن جموع المتعاطين الذين تغيب ارقامهم في التصريحات اليومية والاسبوعية.
ما يعزز موجبات طرح هذه الفكرة الرقمية المجرده ان تتبع الارقام اظهر الى حيز الوجود ذلك البون الواسع ما بين الاعلانات الرسمية التي تتلى علينا بشكل شبه يومي كلما القي القبض على شخص او بضعة اشخاص وبحوزتهم كميات متواضعة من المواد المخدرة، ولا يتعدى مجموعهم العشرات اسبوعيا، ليقفز الرقم الى المئات في بيان نهاية الاسبوع، الامر الذي يؤدي لاختلال فهمه واستيعاب تناقضاته عند محاولة استقصاء ظاهرة المخدرات والوقوف على حجمها الفعلي.