ما زلتُ أحبو ..طفلًا لا يفقه من أمر الحالكات شيئًا ..أبدّد عمري على جبلٍ من خريف ؛ هو الفصل الوحيد الذي يرافقني ..في البيت خريف و في الشارع خريف ..في قضيتي الكبرى خريف ..في هيكلتي خريف و في إعادة هيكلتي خريف ..و عندما يأتي الخريف الحقيقي ..يكون كل شيء قد انقضى ؛ ليبدأ بعدها فصل خريفٍ لا ينتهي ..!!
ما زلتُ أحبو ..وأبحث في داخلي عنّي و لا أجدني ؛ إلاّ … إلاّ ماذا ..؟ ماذا عساي أقول بعد إلاّ هذه ..؟ كم كبيرة على قلبي ( إلاّ ) ..!! و لكنها الحقيقة ..لأني حقيقة أبحث عني ولا أجدني إلا مُترفًا بنعيم الخوف و الرهبة ؛ أسبح في بحر الحاجة و العوز ..أسوق مركبة لا تسير إلا على وقود هو الوجع ..!!
أقسم إني أحاول أن أعرفني ..أحاول أن أعقد معي صفقة ( تبادل أسرى ) ..أُعطيني ( العربي الأسير الخائف و القابع داخلي ) مقابل أن أعطيني ( الطفل العربي الأسير الذي ما زال يحبو ) ..!! أريد أن أبقى أحبو ..لا أريد المشي ..هو لكم كله ولو كان رقصًا على أنغام الامتلاك و معرفة أسرار الكون كلها ..!! فدعوني أحبو كيفما أشاء بعد أن أُطلق ( لأربعتي ) العنان ..!!
ما زلتُ أحبو ..ولا أريد أن أكبر ..ولا أريد لا زوجة ولا أولادًا ..لأنني عربي لا يعرف كيف يتعامل مع هذه الدنيا و هو كبير ..!! فإذا كبرتُ ( وقد جرّبتها ) فهذا يعني بأن الدنيا ستضيق حتى يصبح ملعبي ( خرم إبرة ) ..ويصبح غاية مطمحي أن أكون ( شيئًا عربيًا بكرامة ) ..!! ولكن الطفل الذي يحبو لا يدرك من الكرامة إلا أنها ( حبة شوكلاتة ) وأن غاية مطمحه أن يلعب حتى ينام ..وينام حتى يصحو ويلعب ..!!
فمن يعيد إليّ ( حبوي ) ..بل من يعيدني إليّ ؛ طفلًا بلا مفاهيم ولا أفكار.. وبلا وطن عربي يمنّ عليّ ليل نهار بـِ( أنه وطني ) ولا يسمح لي أن أمنّ عليه مرّة واحدة فقط بـ ( إنني ضحيته التي لا تموت ) …!!
ما زلتُ أبحث في داخلي عن شيء لا أعرفه ..لكنه يحبو ..قالوا لي يومًا سيصبح ( فارسًا عربيًا ) عندما يكبر ..ولمّا كبر لم يصبح إلا ( نكّاشة أسنان ) تُستعمل بعد موائد الكبار العرب ..!! فمن يعيدني إليّ ولو في صفقة ( تبادل نكّاشات ) …!!
&&&&
كامل النصيرات