كتب ماجد القرعان
ليس اصطفافا لما قاله بعض الأعيان خلال مناقشتهم لمشروع قانون الجرائم الإلكترونية والذين التزموا بحقهم الدستوري في ابداء الرأي سواء جاء مخالفا لما قدمته الحكومة أو مؤيدا كما اعتدنا في غالبية الدورات السابقة لكنني اعجبت بجراءة البعض الذين خرجوا عن المألوف بخصوص مشروع القانون الذي حمل بنودا غامضة ومفردات فضفاضة وتُفسر بعض مواده بأنها تستهدف السلطة الرابعة ( الصحافة ) للحد من انتقاد المسؤولين والتأشير على مواطن التجاوزات والتغول بصورة أو اخرى على موارد الدولة والقصص والحكايات كثيرة في هذا الشأن وتستهدف ايضا توفير الحماية لمن تُوجه لهم سهام النقد الذي يكفله الدستور وكافة القوانين الناظمة لعمل الصحفيين .
وحقيقة قد تكون المرة الأولى التي نسمع فيها اعضاء في مجلس الأعيان أمثال ( خالد الكلالده وخالد رمضان وابراهيم الطراونة ومصطفى حمارنة … ) والذين اختلف جذريا مع نهجهم وتوجهاتهم السياسية ولي موقف من يتحدثون بصورة حملت قناعات جوهرية كان من المفترض ان تلقى تأييدا من زملائهم ليس من اجل رد القانون بل على الأقل التروي والتريث في اقراره على ان يتبع ذلك ادارة حوار حقيقي مع الخبراء المختصين في هذا الشأن من أكاديميين وقانونيين واعلاميين وسياسيين …..فالأردن وكما قال العين خالد رمضان يحتاج دوما الى التوافق والخط الأحمر هو المثلث الذهبي ( العرش والجيش والشعب ) وغير ذلك يبقى تحت النقد والسؤال .
وأزيد هنا بأن اذكر ان الإعلام الاردني بكافة انواعه وتوجهاته لم يتخندق يوما ضد الدولة منذ نشأتها ما يفرض على المشرعين أن يأخذوا ذلك بعين الإعتبار ليعملوا على حماية العاملين في السلطة الرابعة وتوفير البيئة الضامنة لسلامتهم وتمكينهم من القيام بواجباتهم وليس التضييق عليهم كما لمسنا في حديث البعض من اعضاء المجلسين النواب والأعيان .
خروج بعض الأعيان عن المألوف خلال مناقشة مشروع القانون ذكرني بمقالة كتبتها في عام 2020 وتناولت فيها مهام الأعيان وفقا للدستور والذي لا يقل عن دور ومهام اعضاء مجلس النواب الذين من المفترض انهم يتحدثون بصفتهم ممثلين للشعب فيما الأعيان يتحدثون باسم جلالة الملك باعتبار انهم عيونه في مجلس الأمة وليسوا لأجل الدفاع عن الحكومة ودعم نهجها وتوجهاتها كما اعتدنا .
اعيد هنا نشر المقال وكان بعنوان (أين نحن من عيون الملك ؟ )
يتشكل مجلس الأمة دستوريا من مجلسي الأعيان والنواب ويجب ان لا يتجاوز عدد الأعيان نصف عدد النواب ويتم تعينهم مباشرة بارادة ملكية سامية يُصدرها جلالة الملك ومدة العضوية فيه أربع سنوات فيما بالنسبة للنواب فيتم انتخابهم من قبل الشعب ومدة عضويتهم اربع سنوات أيضا .
ووفقا للدستور فان مهام الإعيان هي ذات مهام النواب ( الرقابة والتشريع ) غير ان النواب يتحدثون بصفتهم ممثلي الشعب في مجلس الامة فيما الأعيان يتحدثون باسم جلالة الملك لتكتمل حلقات المراقبة والتشريع كما نص عليها الدستور وبالتالي فالإعيان هم بمثابة عيون الملك في مجلس الأمة .
واقع الحال الملموس منذ سنوات طويلة ان المشهد يقول خلاف ذلك حيث لم يسجل تاريخ مجالس الأعيان الا حالات نادرة في ممارسة جانب الرقابة على الحكومات تحديدا ( سيتم تناولها في مقالة اخرى ) لا بل ان الملموس لعامة الناس ان وجودهم في مجلس الامة هو لدعم برامج الحكومات .
ويظهر دعم الأعيان للحكومات بصورة واضحة خلال الجلسات المشتركة التي يتم عقدها حين يحدث خلاف مع النواب على مشروع قانون معين وتضم الجلسة المشتركة اعضاء الغرفتين لكن الكفة الراجحة تكون دائما للأعيان ويكون القرار في الغالب لصالح المشروع كما جاء من الحكومة أو كما اصبح في ضوء التعديلات التي ادخلها الأعيان على المشروع والتي تكون ايضا كما تريد الحكومة .
ونذكر هنا ان القسم الذي يؤديه الأعيان قبل مباشرتهم مهامهم هو ذات قسم النواب في أول جلسة لهم وكما يلي .
” اقسم باالله العظيم أن أكون مخلصا للملك والوطن وان احافظ على الدستور ، وأن أخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة ألي حق القيام”
وعودة على بدء بالنسبة لمهام اعضاء مجلس الأعيان التي حددها الدستور فقد نص النظام الداخلي لمجلس الأعيان لعام 1998 أنه يجوز لعشرة اعضاء أو أكثر اقتراح القوانين وان لكل عضو ملء الحرية بالتكلم وابداء الرأي ولا يجوز مؤاخذته أو ملاحقته بسبب أي تصويت أو رأي يبديه أو خطاب يُلقيه في اثناء جلسات المجلس
ونص أيضا انه يحق للعين اثارة أي موضوع يتعلق بالامور والقضايا العامة وأنه يجوز لخمسة اعضاء أو اكثر ان يتقدموا بطلب مناقشة أي أمر او قضية عامة ويحق لهم ايضا ان توجيه الأ سئلة والأستجوابات لواحد أو أكثر من الوزراء حول أي أمر من الامور العامة .
كذلك فان اسماء اللجان في مجلس الإعيان وعددها لا يختلف عما هو بالنسبة لعددها واسمائها في مجلس النواب وكذلك مهامها فيما احكام الدستور والنظام الداخلي يُقسم الوظيفة الرقابية لمجلس الإعيان الى وظيفتنين اساسيتن وهي الرقابة على أعمال الحكومة في إدارة شؤون الدولة ومراقبة مشروعية عملها بحيث يكون مطابق للدستور والقوانين والأنظمة المعمول بها في الدولة مما يحقق ويصون المصلحة العامة وفي نفس الإطار رقابة مجلس الأعيان للحكومة في سياستها الخارجية في معاملاتها وعلاقاتها مع العالم الخارجي والمواقف السياسية التي تتخذها الحكومة.
ويبقى السؤال أين نحن من عيون الملك في مجلس الأمة وأين هم من المهام التيي حددها الدستور والنظام الداخلي للمجلس .
نقدر ونحترم جميع من سنحت لهم الفرص ليحظوا بثقة جلالة الملك والتي بالتأكيد تمت في غالبيتها بناء على تنسيب أو تزكية من مرجعيات حكومية لكنها وللاسف الشديد تعدت في أحوال كثيرة التركيز على الخصائص التي يتوجب توافرها في الشخص وبات التزام من تم اختيارهم للجهة التي زكتهم .