د. أحمد الهباهبه
في ظل التحولات الاقتصادية التي يشهدها الأردن، جاء تصريح وزير العمل، الدكتور خالد البكار، حول الإعلان المرتقب للحد الأدنى للأجور خلال عشرة أيام ليُسلط الضوء على القضايا المحورية التي تهم سوق العمل المحلي.
وأوضح الوزير أن الوزارة تعمل ضمن منظومة متكاملة تضم عدة مؤسسات، مثل مؤسسة الضمان الاجتماعي، وصندوق التنمية والتشغيل، ومؤسسة التدريب المهني، وهيئة تنمية المهارات المهنية والتقنية. الهدف الأساسي لهذه المؤسسات هو إعداد وتأهيل الشباب لدخول سوق العمل من خلال برامج تدريبية وشهادات مزاولة مهنية.
هذا النهج يعكس إدراك الحكومة لحاجة السوق إلى كوادر مؤهلة تمتلك مهارات متخصصة، سواء للعمل في القطاع الخاص أو لتنفيذ مشاريع ريادية.
وأكد الوزير أن الاقتصادات العالمية لا تعتمد فقط على المشاريع الكبرى، بل تقوم على قاعدة صلبة من المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر. هذه المشاريع تمثل محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي المحلي، حيث يضطلع صندوق التنمية والتشغيل بدور محوري في دعم هذه الفئة من المشاريع، خاصة تلك القائمة في المحافظات والبوادي، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتقليل الهجرة نحو المدن.
ومن المثير للاهتمام أن الوزير أشار إلى أن مشاريع النساء الممولة من الصندوق كانت أكثر نجاحاً في توفير فرص العمل مقارنة بالمشاريع التي يديرها الرجال، ما يبرز أهمية تمكين المرأة اقتصادياً.
فيما يتعلق بزيادة الحد الأدنى للأجور، فإن القرار ينتظر الإعلان الرسمي من قبل اللجنة الثلاثية التي تضم ممثلين عن العمال وأصحاب العمل والحكومة. هذه الخطوة تأتي في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة تتطلب تحقيق توازن بين تحسين مستوى معيشة العمال وتخفيف الأعباء على أصحاب العمل.
أما بخصوص العمالة غير الأردنية، فإن الوزارة تسعى لضبط وتنظيم وجودها عبر الالتزام بالقوانين، مع خيارين أمام العمالة المخالفة: تصحيح الوضع القانوني أو مغادرة المملكة. هذا الملف يمثل تحدياً مزدوجاً يتمثل في الحاجة إلى سد الفجوات في سوق العمل من جهة، وتنظيم السوق بشكل يحفظ حقوق العمالة الأردنية من جهة أخرى.
ربط الوزير بين الجهود الحالية وبين رؤية التحديث الاقتصادي والسياسي والإداري التي أُطلقت مع بداية المئوية الثانية للدولة الأردنية. هذه الرؤية تهدف إلى تعزيز الأداء الحكومي، وإحداث إصلاحات هيكلية، ووضع أسس لسياسات تدعم النمو المستدام وتحسن مناخ الأعمال.
التصريحات تكشف عن جهود متوازنة للتعامل مع تحديات سوق العمل من خلال سياسات مرنة ومتطورة. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو مدى قدرة هذه السياسات على تحقيق أهدافها في ظل محدودية الموارد، والضغوط الاقتصادية الناتجة عن الأوضاع الإقليمية والعالمية.
كما أن الاهتمام بتدريب الشباب وتسويق الكفاءات الأردنية في الخارج يشير إلى توجه استراتيجي لاستغلال المهارات الوطنية في تحقيق قيمة مضافة، ليس فقط محلياً، بل على المستوى الإقليمي والدولي.
الإعلان المرتقب عن الحد الأدنى للأجور يمثل جزءاً من حزمة شاملة من السياسات التي تستهدف تطوير سوق العمل وتحقيق التنمية المستدامة. لكن النجاح يعتمد على مدى القدرة على التنفيذ الفعّال لهذه السياسات واستجابة القطاع الخاص والمجتمع لها.