د. مفضي المومني.
يحكى أنه في بلد قريب منا..كان هنالك عسكري وكيل قوه، ينادونه أبو سليمان… وهذا ابو سليمان كان كلما حل دوره في الإجازة يرفضها…ويقول لمين بدي اترك السرية… لمين بدي اترك الجيش، بخاف يخربوا بغيبتي وبإجازتي… ووصل الأمر لقائد الفرقة، فأمر بترميجه على الفور… وشرح على الكتاب ( يلعن ابو الجيش اللي بخرب إذا روح ابو سليمان) ومن يومها وأبو سليمان يندب حظه… والجيش لم يخرب… ويتطور… ( وما إجاه إشي)..!.للعلم رفاق ابو سليمان يقولون إنه كان شريف ونظيف وليس فاسد…!.
سُقت هذه المقدمة وبذهني الكثير ممن فقدوا مناصبهم العليا في إداراتنا ووزاراتنا وجامعاتنا ومؤسساتنا؛ بشكل طبيعي بالتقاعد أو إنتهاء الفترة، أو بشكل إستثنائي جراحي؛ لعدم الكفاءة والأهلية أو بالعزل أو الإختلاس وسوء الإدارة وإنعدام الشفافية والنزاهة وسرقة المال العام أو الخيانة العظمى… وغيرها… !.،
لا بأس، التغيير سنة الحياة، يقولها الشريف النظيف الواثق بنفسه وعمله، ويؤمن بأنه لكل زمن دولة ورجال، يغادر بكل إحترام وهدوء، ويكون رديفاً إيجابيا لمن حل مكانه… وداعما لمؤسسته، لا يحرد ولا يتمرد، هؤلاء موجودون وهم رجال دولة بحق.
على الجانب الآخر ترى البعض من أصحاب المناصب، ممن تم تنحيتهم وعزلهم أو إنهاء خدماتهم، ووتاريخهم الإداري والوظيفي سيء، أو إنكشف أمرهم بسرقة من هنا وإختلاس من هناك أو تلقى الرشاوي والقبض من تحت الطاولة وأصبحت الإدارة بالنسبة لهم مصدر تربح وجمع الملايين من المال السحت الحرام وأصبحوا من أصحاب العمارات والسيارات والأطيان والمزارع… وقد تحاذقوا وطوبوها بأسم البنين والبنات… لزوم التمويه، وكانوا عند دخولهم المنصب مشبعين بكل مقومات الطفر…، للعلم كل مبادئ المالية تقول (لا يمكن للراتب أن يصنع الثراء…لا بل نقل عن سيدنا علي أنه قال: ما جمع مال إلا من شح أو حرام)… المهم هذا البعض يجد نفسه بعد لحظة عزل من (منجم الذهب أي المنصب بالنسبة له )، وقد اصبح وحيداً يلاحقه الذل وفقدان الجاه والوجاه والسيارات والخدم ومجموعة السحيجة الفاسدين والمستفيدين من حوله، ويفقد دعم الجهات المستفيدة واصحاب المناصب، وبما أنه خرج (بعزارة) فينبذه أصحاب المصلحة والمجتمع…ولم يعد أحد منهم يرد علي تلفوناته… ثم ماذا… ؟ يجلس فاقد المنصب من هذا النوع منزويا متوارياً عن الأنظار ، يعيش الذل والإنكسار… ويدخل بدوامات المرض النفسي… وبعد فترة… يبدأ محاولات الظهور من جديد…بكل وقاحة، ويبدأ بمحاولات تخريب المؤسسة التي كان يعمل بها… مستعيناً بشلته الرديئة المتكسبة، وبمحاولات بائسة لتشويه عمل من خلفه، ومحاولات إفشاله بأي طريقة بالإشاعات أو المؤامرات… أو الطرق الدنيئة ليثبت للإدارات العليا، أنه أبو العريف وصنديد القيادة وأن هذه المؤسسة لا يضبطها إلا هو..!، يجتر بطرق رديئة بطولاته الموهومة… ويحاول تسويق الكذب هنا وهناك ويظهر بثوب الناسك الورع… والثعلب، متناسياً أسباب عزله، ويخرج بين حين وحين كالفأر من جحرة، ويكذب ويكذب لعل أحداً يصدقه، ويمارس دور (أبو سليمان مع فارق أن أبو سليمان رجل نظيف ومحترم)..! ولكن هيهات هيهات فالناس لا تنسى والدولة لا تنسى… فمن وصم بالعار لا يجني الغار..!
متى سيتعلم مثل هؤلاء… أن المؤسسات تبنى بالجهد الجمعي، والمؤسسة المبني نجاحها على شخص واحد فاشلة، فكيف إذا كان النجاح كاذب وموهوم،
ومتى سيتعلم مثل هؤلاء نسيان أحلام اليقضة بالمنصب الذي كانوا وبالاً عليه وبلاء مستطير على المؤسسة والوطن، وأنهم وكلاء قوة على مؤسساتهم بعد استبعادهم أو عزلهم..!، وينامون ويصبحون وهم يحلمون بالعودة للمنصب الذي لفظهم متأخراً..بكل استحقاق…!
مخطئ وغبي من عاش سحر المنصب وهو يظن أن لعنة الفشل والظلم والفساد لن تطارده…وأنه قادر على تسويق نفسه من جديد بمحاولات بائسة لا تنم إلا عن نفسية محطمة ذليلة… فاتكم القطار…!.
ومحق ومقدّر من أشغل منصباً، وعمل بإخلاص وتفاني ونظافة يد وخرج منه، شريفاً عفيفاً يذكره الجميع بالخير…وطيب المناقب… وكان سنداً قوياً لمؤسسته حتى بعد المنصب… .
الوطن ومؤسساته بحاجة للشرفاء المخلصين… وأما الفاسدين الضعفاء فسينكشفوا ولو بعد حين ويذهبو إلي قمامة التاريخ…وسلامتكم… هذا عهد الأمم الحية والفاضلة… حمى الله الأردن.