د. مفضي المومني.
نقابة المهندسين اكبر النقابات في الاردن، وربما يقترب عدد المهندسين من 200 الف قريباً، وكتبت سابقا عن مهنية النقابة، ومحاولات الألوان الأيديولوجية والنفعية السيطرة عليها، ومن تجاربنا العربية، الألوان الأيديولوجية والاختراع الأردني أبيض أخضر وما انبثق أو انشق أو خرج عنها ولو بأسم المستقلين أو نمو… وغيرها… تتناحر منذ زمن على السيطرة على النقابة، والفوز في انتخاباتها ولا ننكر ذلك على أحد، ولكن..!.
قبل أيام صرح دولة المخضرم الروابده وهو صاحب فكر أتفقت أو اختلفت معه واقتبس؛” ( – الأحزاب العقائدية هي من دمرت الاوطان العربية كاملة وضمن خطة استعمارية….. استبدلنا الأحزاب الديمقراطية والقومية بالأحزاب العقائدية والدينية……- لا اعتقد أن مفهوم الحزبية دخل إلى المواطن بشكل جيد وغير مقتنع بالاحزاب
– المواطن الذي جاء إلى الحزب لم يأتي لقناعة، بل يأتي بسبب هدف شخصي محض
– لا اعتقد أن هنالك أمل في قيام الحزبية)”.
انتهى الإقتباس، وهنا نتفق كثيرا على ما صرح به ليس لأنه فكره فقط… بل لأن الواقع والنتائج تؤكد ذلك، ولأن الحزبية يجب أن تكون برامج لا عقائد… وايديولوجيات، والتجارب العالمية الجيدة نهضت ببلدانها والتجارب العربية والمحلية تصفعنا كل حين… ولم نصحو بعد..!.
هذا عن الأحزاب التي تشتغل سياسة… فما بالك بالنقابات التي تعنى بالمهن..!.
وهل ستنطبق علي النقابات المسيسة مقولة جورج أورويل (السياسيون في العالم كالقرود في الغابة !
إذا تشاجروا أفسدوا الزرع، وإذا تصالحوا أكلوا المحصول !).
استفقنا في نهاية شهر تشرين ثاني الماضي على توقف صرف الرواتب التقاعدية للمهندسين، مع أن البيض وتحالفاتهم تسيدوا إدارة النقابة لأكثر من 16 عاماً وقبلهم الخضر ومن ثم نمو لأكثر من اربع سنوات..، كانوا يطمئنونا بدراسات اكتوارية عرمرمية وأن نقاط التعادل الأولى 2026 بعد تعديل مضى ستنقل نقطة التعادل إلى 2054… .وأن موجودات الصندوق تقترب من 300 مليون… وان الصندوق قوي والبعض ذكر بضرورة التعديلات سابقا… ولكن لم يفعلوا جميعا ما يجب فعله..! ومنذ توقف الرواتب اتابع اراء المهندسين متقاعدين وغير متقاعدين وأختصرها:
1- البيض يلومون الخضر والخضر يلومون البيض وكل من هم ليسوا من نمو يلومنهم لأنهم يتسيدون المشهد حاليا ويسيطرون على النقابة… والكل يتهم الكل أنهم لم يفعلون شيئاً لأنقاذ صندوق التقاعد.
2- هنالك تبادل تهم بالفساد من جميع الأطراف والتكسب وضعف الإدارة وإنعدام الإختصاص.
3- هنالك اتهامات لنمو ومجلس النقابة الحالي انها تعمدت إيقاف الرواتب التقاعدية لاستخدامها كورقة ضاغطة لتمرير التعديلات المقترحة على نظام صندوق التقاعد للمهندسين والذي فشل تمريره سابقاً… لأن البعض صوت حسب اللون وكل لا يريد للآخر عمل بطولة… أو أن يسجل الإنجاز بأسمة وتناسى الجميع وضع الصندوق وانحداره نحو التوقف وربما التصفية.
4- هنالك تهم بأن النقابة ذاتها مستهدفة… وأن صراع الألوان يستخدم لإضعافها وأول إستهداف صندوق التقاعد.
5- هنالك اراء أن نظام الصندوق والإشتراكات كان فيها خلل منذ البداية لتدني الإشتراكات نسبة للرواتب، وزاد الطين بلة رفع رواتب بعض الفئات دون رفع الإشتراكات، ولم يكن ليظهر ذلك سابقاً لقلة أعداد المتقاعدين، وحين زاد العدد أخيراً إنكشف المستور والذي وجب أن تنبهت له مجالس النقابة سابقاً.
6- الإستثمار كان يجب أن يكون رافداً أساسياً للصندوق، وهنالك اتهامات كثيرة بعدم تخصصية القائمين على الإستثمار وأن غالبيتهم عينوا بالتنفيعات، وأن الإستثمارات غالبها أراضي؛ وأن شراء الأراضي شابه فساد وتغول وتكسب لأموال صندوق التقاعد، وأن الموازنات السنوية كانت تظهر أرقام مضخمة للقيم الدفترية لا تحاكي القيم الحقيقية.
7- هنالك اتهامات بالتغول على صندوق التقاعد لصالح صناديق وشؤون أخرى… وكذلك دفع رواتب ومصاريف إدارية بأرقام كبيرة جداً استنزفت أموال الصندوق.
8- نمو تقول انها ورثت ذلك عن البيض وحلفائهم من الخضر والمستقلين في ما مضى، والبيض يقولون لنمو ماذا فعلتم لإنقاذ الصندوق في الاربع سنوات ونصف الماضية.
9- بعض الزملاء المهندسين يتعاركون على صفحات التواصل كل يدافع عن لونه متناسين أن انهيار الصندوق وتوقف الرواتب التقاعدية سيحرق الجميع الأبيض والأخضر واليابس… وعنزه لو طارت، وهنالك تحريض لوني على التعديلات(حسب اللون نعم أو لا) وبعد أن وقع الفأس بالرأس… ولا مناص من التعديلات لإعادة الروح للصندوق.
10- ارتكبت نمو او المجلس الحالي للنقابة خطأً كبيراً في إيقاف الرواتب وبشكل مفاجئ؛ مما افقد الثقة بالصندوق وتوقف شريحة كبيرة من المهندسين عن دفع الإشتراكات مما زاد (الطين بله… حد الوحل… !)، وإن إعادة الثقة بالصندوق ستحتاج لوقت طويل إن قدر له الأستمرار… ولا سبيل إلا إلى إلزامية الإشتراك التي لا يؤيدها البعض… وكانت الثقة لوحدها كفيلة بدعم الإستمرار…!.
11- في خضم هذا وذاك… هنالك حديث كبير عن الفساد والتربح واستغلال المنصب والتكسب الحرام والتعيينات والرواتب الفلكية التي أثقلت كاهل النقابة والصندوق… وفي المقابل لا يوجد فاسدين… ! فصح فينا مقولة كثرة الكلام عن الفساد والفاسدين اضاع دمه بين الأمم… وصار منجاة للفاسدين الحقيقين.
الخلاصة: الصندوق أحوج ما يكون لتعديل مسيرته ونظامه، والمهندسين يجب أن ينفصلوا عن ألوانهم في ذلك، وأن تحركهم المصلحة العامة للصندوق والنقابة، فالتجارب علمتنا أن البيض والخضر والنمو والأيديولوجيات جميعها تتساوى في البحث عن السلطة، وأن الفساد ليس له ألوان فهو أسود دائما… وللعلم أنا لم أنضوي بحياتي تحت أي لون أو حزب ولتاريخه والحمد لله… حتى لا اتهم بالإصطفاف..، هي دعوة للتفكير بالنقابة ومصلحتها لأن (الألوان ودتنا للدار السودا)… حمى الله الاردن.