فارس الحباشنة
«افي شلايم» مؤرخ يهودي، وكتب كثيرا من الكتب في حقل الصراع العربي / الاسرائيلي، واشرف على اطروحات اكاديمية في جامعات غربية متعلقة في العالم العربي. و كتبه في الصراع العربي / الاسرائيلي لاقت رواجا عربيا وعالميا.
والمؤرخ شلايم من انصار حل الدولتين وحل الدولة الواحدة للقضاء على نظام «الابرثايد «، وقد هاجر من اسرائيل الى بريطانيا وليستقر هناك، وتعرض في اسرائيل الى مضايقات بحثية واكاديمية، وفتاوى من حاخامات ورجال دين متطرفين جرموا تداول كتبه وظهوره على الاعلام الاسرائيلي و الغربي.
الكتابة في الصراع العربي / الاسرائيلي في لغات اجنبية والانجليزية تحديدا « حقل الالغام «.
و موضوع الصراع / الاسرائيلي يأخذ اهتماما كبيرا ويفتح سجالات واسعة. وفي الغرب، الحركة الصهونية تروج لرواية تقارب ما بين حق العودة للشعب الفلسطيني وبين الهجرة الطوعية لليهود العرب من دول عربية. وكما لو ان الشعب الفلسطيني في حرب عام 48 كان هاجر ارضه وبلاده طوعا. ومنظمات مدنية عربية ممولة ومدعومة من حكومات اوروبية وغربية تضخ روايات عن يهود العرب، وتصويرهم انهم ضحايا للتوحش العربي. هناك كثير من الكتاب اليهود انصفوا القضية الفلسطينية، واعترضوا على سردية اسرائيل والحركة الصهونية في تقديم الصراع العربي / الاسرائيلي للعالم.
و حاربوا الدوغمائية الايدولوجية الصهيونية، ويمثلون ظاهرة تستحق القراءة والمراجعة، وطبعا في الوقت الراهن، فان المؤرخ افي شلايم واحد من اهم عناونيها والاسماء اللامعة في دحض وتفنيد الروايات الصهيونية في الصراع العربي / الاسرائيلي. و في حرب غزة، للاسف فان مثقفي ومفكري وسياسيي الغرب دون استثناء سقطوا في اختبار غزة الاخلاقي والانساني.
و فيما يستند سياسون ومفكرون اوروبيون وغربيون الى مرجعيات ومعايير لمبادئ عنصرية وعرقية تتيح لهم شرعنة ابادة وقتل الشعوب الاخرى واحراقها، وتدميرها. الغرب مصاب في مرض عصاب ولوثة فكرية وثقافية، ومصاب بداء « المركزية الغربية»، واسرائيل تدور في رحى الغرب، والساسة الاسرائيليون استنسخوا ثقافة العنصرية والموت والكراهية من مرجعيات غربية فلسفية وفكرية وسياسية، والتي يراد فيها للضحية ان يعتذر من الجلاد، وتوزع على البشر اقنعة ليختفي الذئب وراءها، وتلصق لهم وجوه بريئة وطفولية، تحمل لشعوب العالم رايات من الحروب والقتل ودبابات بيضاء، وبوارج وحاملات طائرات لابادة شعوب العالم المناهضة والمطالبة بالتحرر، والحق الوطني.
من تجربة المؤرخين : افي شلايم وايلان بابيه، ولمواقفهما كلفة باهظة.. وافي شلايم في كتبه عن الصراع العربي / الاسرائيلي رصد انتهاكات وفضح تاريخا محرفا ومزورا وادعاءات صهيونية في مشروعية دول اسرائيل تاريخيا ودينيا..
و ايضا، ان «ايلان بابيه» صاحب مقولة : يمكن ان تكون صهيونيا دون ان تكون يهوديا. وفي كتابه الشهير المعنون ب10 خرافات حول اسرائيل، فضح التضليل الاسرائيلي وتزوير التاريخ، والتمترس الاسرائيلي حول سياسة القمع والابادة، وقسم ايلان بابيه كتابه الى 3 اجزاء لعرض الخرافات الاسرائيلية العشرة من الماضي الى الحاضر والمستقبل.
و لافي شلايم وايلان بابيه، و من قبل كان نعوم تشومسكي اول مفكر يهودي خاصم الحركة الصهيونية وانكر مشروعها، وهاجم افكارها، وعرى عنصرية المشروع الصهيوني، ودحض الحق التاريخي والديني المزعوم لاسرائيل في فلسطين.
مفكرون مؤرخون يهود يناضلون امام الرأي العام العالمي والاوساط السياسية والاكاديمية من اجل عدالة القضية الفلسطينية.. وفيما تظهر ابواق
عربية في اعلام ومنابر اكاديمية غربية يدافعون عن اسرائيل والحركة الصهيونية، ويصنفون المقاومة بالارهاب، وحماس بداعش، وفي تعليقهم واستنكارهم يقولون : الارهاب الفلسطيني، واسرائيل طبعا، وحرب الابادة في غزة لا يجرؤ على وصفها بالارهابية. الحركة الصهيونية عرفت كيف تجند وتوظف عربا كي يكتبوا ويغردوا بلغات اجنبية ويروجوا للدعاية الاسرائيلية والغربية.
و برز اولئك المتصهينون العرب في الحرب على الاسلام والمجتمعات الاسلامية في اوروبا، والدفاع عن العنصرية الفرنسية المغلفة باسم علمانية الدولة لاستهداف المسلمين وحدهم. وفي بداية طوفان الاقصى وحرب غزة، كتب الاديب المغربي الطاهر بن جلون مقالا في مجلة لو بوان «الفرنسية « اعلن عن موت القضية الفلسطينية.
وقال في المقال : ان الاستهداف كان موجها لليهود، وصف المقاومة بداعش والعرب بالبربرية، وقدم صورة لتمنيط غربي وصهيوني عن العرب و الاسلام.
بن جلون قدم قربانا الى الحركة الصهيونية، وقد يقوده المقال ليصعد الى سلالم جائزة نوبل للاداب تكريما وتقديرا للمقالة لا غيرها.