أنهيتُ الفصل الصيفي على خير وسلام.. ونتائجي فيه كانت “لوز” بل “لوز اللوز”.. كان فصلًا سريعًا وخفيفًا لطيفًا لولا بعض منكدات “الشوب” الذي اجتاح المنطقة وحرم كثيرا من الطلاب من الالتحاق بمحاضراتهم أو أن هناك كثيرين تلكّكوا بالحر الشديد وأجت منك يا جامعة مش يا جامع..!
بعد انتهاء فصلين دراسيين كاملين لا بدّ أن أعترف بأنني لم أندمج للآن في “عالم الطلاب”.. ليس لي ولا صديق واحد.. ليس لي أحد ينتظر مجيئي للجامعة أو تحت شجرة أو عند باب مدرّج أو قاعة.. ليس عندي مشاوير كبقية الطلبة في شوارع الجامعة.. بل إن كلمة “عمّو” و”عمّو الحج” تسيطر على غالب من يحدثني.. وأحيانًا تأتي صبيّة بعمر التورّد وتقول لي: دكتور.. أضحك وأصحح لها بأنني زميل فتضحك وتتركني وتغادر .. حدث هذا أكثر من مرّة..!
وآه من الانتظار أمام باب “الاستيودنت” للامتحانات المحوسبة.. كلهم وكلهنّ واقفون وواقفات يتكلّمون ويتكلمن.. وأنا وحدي أمارس اللاشيء.. لا أحد يجبر أو تجبر خاطري بدردشة سريعة قبل الدخول للامتحان..! يا لهذا الشيب الصانع حواجزي؛ يا لعمري الذي يفضحني.. يا لدخّاني الرديء الذي لا يساعدني على كظم غيظي الداخلي..!
قلت لكم في اليوميّات الأخيرة سأحدثكم عن الدكتور رائد القرعان.. وحتى لا يظنّن أحدٌ إنني “أمسح جوخ” ؛ فالقرعان لم يعطني أي مادّة وليس هناك أي مادة مستقبلًا سيعطيني إيّاها؛ ومش ماسك منصب من الممكن أن أستفيد منه؛ ومش مبسوط ماليًا لأستدين منه؛ ومش مرشّح لأي شيء كي أكتب عنه وأنول رضاه.. بل هو “دكتور مسخمط”، وعندما أتجرّأ وأقول “مسخمط” دون أن أستأذنه فهذا يدلّ مدى الصداقة التي وصلت بيننا؛ هو وأنا في حالة نقاش دائم.. قال لي في لحظة صفاء أو أعتراف أو تكتيك: احكي لرئيس الجامعة أنا ما بشتغل بالراتب اللي بآخذه..! قلتُ له: يعني بدك ينقصو منّو؟؟ قال: لا لا لا.. بدي يشغلوني أكثر.. الراتب أعلى من قيمة ما هو موكول إليّ من أعمال..!
طبعًا؛ بطلت أحكي لكم عن تفاؤله بالإصلاح والتحديث والأحزاب لأنني شعرت بآخر لقاء معه أنه مش “مترتح” بالفكرة كما أول نقاش بيننا.. سأدعها للأيام.. وأشوف وين توصّل مع القرعان.
لا أعلم إن كنت سأستمر في العطلة بكتابة اليوميّات إذا استجد أو طرأ طارئ.. أو تذكرت بعض ما فاتني.. انتظروني.
&&&&
كامل النصيرات