أنت في قفص زجاجي محكم تمامًا وعالٍ جدًا لا تستطيع الخروج منه للوهلة الأولى والثانية.. ويجب أن تتعايش معه وفيه أو هكذا تعتقد..! في أعلى القفص الكثير من الحنفيّات التي تفتح فجأة وتُغلق فجأة.. حينما تفتح إحدى الحنفيّات تصل المياه منتصفك أو إلى رقبتك؛ تذهب كالملخوم خوفًا من الغرق تبحث عن “السدّادة” في القفص الزجاجي..!
لا عليك .. المشهد مؤلم؛ لكن تابع معي يا ملخوم.. تجد السدّادة.. تشلعها بعد جهدٍ جهيد.. ولكن حجم تصريفها للمياه أقل من حجم المياه النازلة عليك من الحنفيّة.. تكتشف فجأة أن هناك سدّادة أخرى.. وما إن تشلعها حتى تفتح حنفيّة ثانية قد تكون حنفيّة الأقساط أو الضرائب أو السياسة.. تزداد المياه ارتفاعًا حولك.. تجد سدّادة جديدة وأنت تلاطش الغرق.. وما أن تشلعها حتى تفتح حنفيّة جديدة قد تكون حنفيّة أجرة البيت أو فواتير الكهرباء.. أو حنفيّة حساب لمستشفى.. أو حتى حنفيّة المصاريف اليوميّة.. وهكذا دواليك..!
حياتك للآن مرهونة بين الحنفيّات وبين السدّادات.. ما تكاد تشلع سدّادة اجتماعية حتى تفتح حنفيّة اقتصادية وسياحية وفضائية عليك وتصبّ جام مائها فوقك.. حتى وصلت إلى مرحلة “البقبقة” وهي وصول المياه إلى مستوى فمك.. وأنت تجاهد وتبقبق وتحاول البحث عن سدّادة جديدة لتفتحها مع دعاء خاشع بالأ تفتح عليك أية حنفيّة جديدة..!
إن بقيت في “البقبقة” أبشّرك بأنك “غرقان غرقان غرقان” وبذا تصبح شهيد البقبقة..! ليس لك إلّا أحد حلين فقط.. الأوّل أن يأتي من يحطّم لك قفص الزجاج كلّه وتخرج للحياة ! وهذا الحل بعيد المنال لأنك طول عمرك في القفص ولم يأتِ أحد.. أو أن تفكّر خارج الصندوق وتحطّم أنت بنفسك قفصك بيديك أو بكل ما عندك.. أمّا كيف؟ فلا أعلم.. أنت أدرى بقدراتك العقلية..!
إيّاك أن تستسلم للبقبقة.. خارج الصندوق يا ملخوم..!
&&&&
كامل النصيرات