ليس مطلوب كل هذه الدعاية لحث المواطنين على الانتساب للاحزاب. و كما نشاهد في الشوارع ووسائل الاعلام الرسمية والخاصة، واعلام الحكومة تلفزيون وراديو، ووكالة انباء.
فالاحزاب ختمت سجلاتها لدى الهئية المستقلة للانتخاب، وحصلت على تراخيص قانونية، وكل حزب انتخب امينا عاما ورئيس مجلس مركزي، و قيادة حزبية عليا.
الحزب والمواطن علاقة لا تنبى وتنتج تحت الضغط والالحاح الاعلامي. و الحزبية تنتج في بيئات سياسية واجتماعية طوعية و اختيارية، وعامل الوقت هو الرهان على النضوج واكتمال المسيرة، وحسن صوابها سياسيا.
و كيف نحول الحزب الى حاضنة ورافعة اجتماعية وسياسية ؟
لربما، هي صراع افكار وبرامج حتما، الحزب دون برنامج وفكرة فهو دكان وسوبرماركت ومحل خضار وسموا ما تشاؤون باستثناء انه حزب سياسي. المواطن الاردني في الانتخابات القادمة سوف ينتخب مرشحا حزبيا. و لذا، فان الاحزاب ستكون على محك صعب وعسير في اول جولاتها السياسية، فالحزب معني في تقديم برنامج وتوجهات فكرية وسياسية، واجتماعية. و اذا ما ضمنا ناخبا اردنيا دون تدخلات وتأثيرات للمال السياسي، وغيرها من دوافع الانتخاب التقليدية في الاردن، فان الاحزاب ستكون على مفرزة ومقصلة، وسوف تسقط وتفشل احزاب، وتنهار اخرى.
و الاهم في المرحلة القادمة هو حث المواطنين على المشاركة بالانتخابات، ورفع نسبة الاقتراع.
و اسمع كلاما كثيرا في ندوات ومحاضرات وبرامج توعية تستهدف «جغرافيا ديمغرافية» معنية، وتوجه لها خطابا انتخابيا وليس سياسيا لاخراجها من مربع عدم المشاركة الى المشاركة.
الهئية المستقلة للانتخاب نجحت في الشوط الاول من تأسيس الاحزاب في الترويج لمفهوم وفكرة الحزب سياسيا واجتماعيا، وحفرت بالصخر، وطرقت مسامع الناس في مفاهيم ايجابية وتبعث على الاطمئنان في اكمال عودة وانبعاث الحياة الحزبية.
بعض الاحزاب الوليدة والقديمة تبالغ في الترويج لنفسها، وتبالغ في طرح موضوع الحزبية في المجال العام، وكما لو ان الاردن كان في صحراء سياسية، وقد عاد الاردن عطشا الى الاحزاب والانتخابات، وغيرها.
و بعض الحزبيين يتناسون او يجهلون ان الربيع الاردني هبت بشائره من 89 في انتفاضة نيسان، وقد حمل الملك الراحل الحسين بن طلال مطارح الديمقراطية الاردنية، ولم تكن ايضا هي البداية، بل انها استنئاف لديمقراطية خمسينات القرن الماضي، وانتجت اول حكومة برلمانية اردنية ترأسها الراحل سليمان النابلسي . في 89، كان الاردنيون اشد عطشا ولهفة الى الديمقراطية والاحزاب. و ليس ضروريا ان يصبح كل الاردنيين حزبيين، ولكن الاهم ان يقبلوا على الاقتراع وينتخبوا مرشحي الاحزاب، وان يكون الحزب هو المحرك والدافع الانتخابي.
الحديث المبكر عن المال السياسي والاحزاب والانتخابات يدفع الى القلق، وما يشاع ويقال هنا وهناك، وعن عروض من رجال اعمال وبزنس لاحزاب لكي يترشح بالرقم واحد او الثاني على القائمة الحزبية لا توحي بالاطمئنان والثقة، وهو لون جديد لتوظيفات المال السياسي في الانتخابات الذي طالما شكونا منه.
من يفسدون الانتخابات في الاردن بالمال السياسي معروفون، ومن المؤكد انهم يحاولون اليوم التسلل الى الاحزاب، ويبحثون عن طرق تتكيف مع المرحلة الحزبية ليحصلوا على مقعد نيابي، وبعضهم حلمه عريض وكبير ، ويسعى من بوابة النيابة الى الوزارة.