تقرأون هذه المقالة وأنا أعيش الساعات الأولى بعد انتهاء فصلي الجامعي الأوّل ولم يبقَ إلّا ظهور العلامات النهائية.. وهكذا يكون “إللي قبّع قبّع وإللي ربّع ربّع”..!
ياه.. بالأمس التحقتُ.. واليوم أنهيتُ الشوط الأوّل.. الزمن عجيب..! بالأمس كنتُ تائهًا غريبًا أبحث عمّن يدلّ شيبتي وكبريائي على أسخف الأشياء في الحياة الجامعيّة.. واليومَ؛ أركض في غالبية التفاصيل نشوانًا أسكرُ بأرصفة الجامعة وأشجارها ومبانيها.. اليومَ؛ تحوّل كثير من الدكاترة الذي كنتُ أسمع بأسمائهم إلى أصدقاء.. اليومَ؛ “عمّو الحج” يتوق إلى العودة للشعر كي يضع على كل جدران في الجامعة الأردنية مُعلّقة ..!
لن أطيل الحديث.. سأتوقّف فقط عند د. هاني أيوب.. الذي درّسني مادة الأخلاق والقيم الإنسانية.. والذي تحوّل إلى صديق حميم والذي يرانا اليوم يعتقد أن علاقتنا ممتدّة منذ سنوات طويلة؛ والحقيقة أنه أنهى محاضرته الوجاهيّة الأولى وهو لا يعرف من هذا “الشايب” الجالس بين الطلاب الورود؟ من هذا الشاذ الذي يخرّب تناسق العمر في القاعة..؟
وكان التعارف.. وأصبحتُ ركنًا ركينًا في النقاشات .. أعجبني أسلوبه التحفيزي للطلاب للتفكير والحث على المناقشة وإبداء الرأي وطلب التعليق مهما كان التعليق.. أصلًا الفلسفة والفكر لا تصلحان دون أسئلة وحوارات وعواصف ذهنية..!
د. هاني أيوب من أجمل الأشياء التي حدثت لي في الجامعة؛ وأجمل ما فيه هو “الواتس أب” بل تلفونه كلّه غير منقوص.. يعذّبك حتى يردّ عليك.. والرسالة في الواتس قد تمكث أيّامًا وتراه بعد إرسالها عشرين مرّة وهو بعدُ لمّا يفتحها..! لكنك لا تُستفز منه لذلك لأنك مطمئن إليه..!
هو صاحب أجمل جملة سمعتها منه عنّي في الجامعة لغاية الآن: عندما أنهيتُ تقديم الامتحان النهائي لمادته وهممت بالخروج ودّعني ونادى الدكتورة منسقة المادة ( فلتعذرني على نسيان اسمها) وقال لها الجملة الساحرة التالية: دكتورة؛ أعرّفك على كامل النصيرات؛ هو طالب عندي وأنا أتعلّم منه..! ورغم أن الجملة رفعت منسوب “الأنا” لدي ودغدغتني وأسكرت جميع حواسي إلّا أن الرجل مثقف ومتعلّم ومحاور وصاحب آراء وأنا حقيقةً تعلمتُ منه أشياء لا يعلمها..!
لا أعلم هل سأتوقف عن كتابة اليوميّات حتى الدخول في الفصل الصيفي؛ أم أن هناك ما سيدعوني للاستمرار والحقيقة أن هناك ما لم أقله بعد.. فلننتظر معًا لمن شاء أن ينتظر.. دعواتكم لي بنتائج وردية.
&&&&
كامل النصيرات