محمد علي الزعبي
ستدفعك الايام يا ولدي ان تتجرع كأس مذاقه علقم ، في بئر الحكايات المظلم ، في زمان الذكريات وترجمه الحال التي لا يروق لك تذكرها فيما بعد ، وسينتابك شعور الفزع والخوف والرهبه مما سمعت ستطغي كلها على أحلامك ، وسترى الشوك في طريقك الذى عبدوه ستراها يا ولدي عقبات في أحلامك وامالك .
فلف سجائر الهيشي لا يتقنه الا الرجال الذين جرحت اقدامهم سهول وجبال الاردن ، ولا يجيد مسك الفدان الا من لعب بتراب الارض ، وعرف القادم والشاعوب والبيدر ، وعرف كل حجر فيها ، وكل حبة قمحاً وسنبله ترعرعت في أعماق أرضه ، سقاها من عرق جبينه ، ولمن ركب دابتة في ظلمات الليل ليسقي بساتين الخير من نبع الأرض مجراها ، وعرف حراثه العفير واكل وجهه صقيع الصباح ، وعرف رسم التلم الذي يلي الآخر ، ويحدوا بهجيني ويتمتم بها ذلك المتلثم بشماغ العز .
انت لما تقرأ يا ولدي تاريخ الأردن وحضارته ، ولم تقرا عن وصفي التل وهزاع المجالي ، وعن حسين باشا الطراونة، وعن جدعان الخرشه ومفلح عبيدات ، ولم تقرا عن فضل الدلقموني والهنداوي ، ولم تكن في اللطرون ولا في باب الواد ولم تقرا عن المرحوم القائد مشهور الجازي ، ولا عن عاكف الفايز ، ولا عن المرحوم الشيخ فواز الزعبي ورجالات الشمال ورجالات بني صخر وعن عوده ابو تايه ولم تقرا عن عودة القسوس، ولم تقرا للدكتور علي المحافظة ، ولم تقرا عن المرحوم ناصر الدين الاسد .
اقرأ يا ولدي عسى من تلك الرموز تتعلم ، أن الأردن تاريخ وحضارة وصمود ، وانا رجالاتها لم يحملوا شهادات العلم العليا ، كانوا يفكون الخط ، و يرسمون الحروف على الورق بجمل الوطنية.. اقرأ يا ولدي .