د. احمد الهباهبه
في ظل ما نراه اليوم من مشاهد مؤلمة ومؤثرة من سجون سوريا، والتي انتشرت في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لا يسعنا إلا أن نشعر بالحزن العميق والغضب تجاه ما يعانيه الأبرياء في تلك السجون. صور الجوع، التعذيب، والقهر الذي تعرض له الإنسان السوري تثير فينا مشاعر مختلطة من الألم والدهشة. هذه المشاهد تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وتشير إلى أن هناك نظامًا يعامل شعبه وكأنهم مجرد أرقام أو أشياء يمكن أن تُهمل وتُسحق.
إن التعذيب الذي تعرض له الآلاف من المعتقلين في سجون النظام السوري ليس مجرد ممارسات عشوائية أو فردية، بل هو جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى كسر إرادة الإنسان السوري وإخماد صوته. لم يعد المعتقلون مجرد أرقام في التقارير الإنسانية، بل أصبحوا رموزًا لمعاناة طويلة ومتواصلة. إن ما يعانيه هؤلاء السجناء يعكس الظلم والقهر الذي يعيشه الشعب السوري بأسره، حيث يحرم من أبسط حقوقه الإنسانية في الحرية والكرامة.
ورغم قسوة هذه المشاهد، تبرز أمامنا بعض العبر والتساؤلات حول واقع الشعوب التي تواجه أنظمة قمعية، وكيف يمكن للعالم أن يوقف هذا العبث الذي يمس أبسط حقوق الإنسان. في الوقت نفسه، يجب أن نذكر كيف يمكن أن تكون نعمة الأمن والاستقرار سببًا رئيسيًا في تحصين الشعوب وحمايتها من مثل هذه المآسي.
وفي المقابل، نجد أنفسنا في الأردن، وهو بلد يفتخر بتمتعه بنعمة الأمن والاستقرار، قيادًة وشعبًا، حيث يتجلى ذلك في مظاهر حياة المواطنين اليومية، وفي زيارات ملكية مثل تلك التي جرت في مدينة السلط، حيث احتشد الأهالي لاستقبال جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد. هذه الزيارة التي كانت بمناسبة اليوبيل الفضي تُظهر صورة أخرى للإنسانية، صورة تتسم بالتقدير المتبادل بين القيادة والشعب، وتؤكد أن الأمن والحرية هما أساس التنمية والازدهار في أي دولة.
لقد كانت زيارة جلالة الملك إلى محافظة البلقاء، بداية من زيارة مدرسة السلط الثانوية للبنين، رسالة أمل لشعب يقدّر القيادة الحكيمة التي تضمن له حقه في العيش الكريم والمستقبل الواعد. هذه الزيارة تبرز لنا الفرق الكبير بين معاناة الإنسان في سجون الظلم والطغيان وبين الإنسان الذي يعيش في وطن يحترم حقوقه ويمنحه فرصة الحياة الحرة.
إن المشاهد المتداولة من سجون سوريا تذكرنا جميعًا بنعمة الأمن التي نعيشها في الأردن، وتدفعنا للتفكير في ضرورة الوقوف مع كل مظلوم في العالم، وتوفير الدعم اللازم للذين يعانون من الانتهاكات في كل مكان. كما أنها تذكرنا بأهمية الحفاظ على قيم العدالة والإنسانية في المجتمعات، وإعلاء الصوت ضد الظلم والقمع في كل زاوية من هذا العالم.