د. أحمد الهباهبه
تعديلات وزارة العمل بشأن انتقال عاملات المنازل بين القطاعات تطرح العديد من التساؤلات حول التمييز بين العاملات الملتزمات بنظام الإقامة وتصريح العمل وبين المخالفات. جاء هذا القرار ليسمح للعاملات اللواتي انتهت إقامتهن وتصريح عملهن بالانتقال للعمل في قطاعات أخرى، بينما يُقيّد العاملات اللواتي يحملن إقامة وتصريح عمل ساريين. هذا التناقض الواضح يضع علامة استفهام حول مبررات هذا التوجه وأهدافه.
أول ما يثير الانتباه هو تضارب القرار مع أساسيات قانون العمل، الذي يفترض أن يشجع الالتزام ويضع الضوابط اللازمة لضمان حقوق العامل وصاحب العمل. السماح للعاملات المخالفات بتغيير مجالات عملهن يكافئ، بشكل غير مباشر، المخالفة ويثبط الالتزام، مما يخلق انطباعًا خاطئًا بأن النظام في مصلحة من يخالف، بدلاً من أن يحمي ويشجع من يلتزم بالقوانين. هذا يبعث رسالة مضللة في سوق العمل، وقد يشجع عاملات أخريات على مخالفة الإقامة أو تجاهل تجديد تصاريح العمل، أملاً في الحصول على حرية الانتقال بين القطاعات.
تتضح خطورة هذا القرار عندما ننظر إلى دوره في خلق ازدواجية غير مبررة في سوق العمل؛ فالعاملات اللواتي التزمن بإجراءات الإقامة وتصاريح العمل يُحظر عليهن التنقل بين القطاعات، بينما يُسمح لغير الملتزمات بذلك. وهذا التمييز في المعاملة يضر بمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات.
ولا يمكن تجاهل تأثيرات هذا القرار على العلاقة بين العاملات وأرباب العمل. إذ يمكن أن يترتب على القرار صعوبة في استقطاب عاملات ملتزمات، إذا علمن بأنهن لن يتمتعن بنفس الحقوق الممنوحة للمخالفات، مما يدفع البعض لترك عملهن أو تجاهل التزامات الإقامة. كما أن هذا القرار قد يؤدي إلى زعزعة استقرار العلاقة بين العمالة المنزلية وأرباب العمل، لاسيما أولئك الذين يعتمدون على علاقات طويلة الأمد وموثوقة في منازلهم، ويفتح المجال أمام التنقلات المفاجئة والمستمرة التي لا تتماشى مع طبيعة العمل المنزلي.
كما يُعدّ هذا القرار، إلى جانب إرباكه لسوق العمل، مثار جدل حول نزاهة المعايير المتبعة لتصويب أوضاع العمالة، مما يستدعي تدخل الجهات المعنية، وخاصة وزير العمل خالد البكار، لمراجعة هذا القرار وتحديد أهدافه وإعادة صياغته، لضمان التوازن بين حقوق العاملات وأرباب العمل.
إنّ سياسات العمل في أي دولة يجب أن تكون مبنية على الإنصاف والعدالة، بحيث تكافئ من يلتزم بالقوانين وتعاقب المخالفين، وليس العكس.