كتب ماجد القرعان
اكتب بمرارة وحسرة وأنا ارقب اداء العديد من الحكومات التي تعاقبت على ادارة شؤون الدولة الإردنية وموقف مجلس الأمة بغرفتيه منها وكذلك أداء مستشاري جلالة الملك حيالها واتابع في ذات الوقت المبادرات التي يطلقها جلالة الملك بين حين وأخر وما تضمنته كتب التكليف لتلك الحكومات من توجيهات سامية لأخرج بموقف واحد ان حكوماتنا وكما قال المثل ” أذن من طين والأخرى من عجين ”
وللدلالة هنا يكفي الإشارة بالنسبة للحكومة الحالية الى نقطتين اشار اليها الاستطلاع الذي اجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية ( مؤسسة رسمية ) والذي يأتي بعد مرور عامين على تشكيلها بان ثلثي الأردنيين لا يثقون بها ( رئيسا واعضاء ) وانها أي حكومة الخصاونة لم تُحقق نسبة نجاح في 19 بند من اصل 22 بندا تضمنها كتاب التكليف الملكي والحديث يدور الآن بوجود نية بالسماح لرئيسها باجراء تعديل على طاقمها أو اعادة تكليفه بتشكيل حكومة جديدة أو تكليف رئيس سابق تاجر يوما بموارد الدولة الأردنية .. لأتوقف عند استفسار واحد أجزم ان غالبية الأردنيين بشوق لمعرفة الإجابة عليه .. ماذا كان موقف مستشاري جلالة الملك من هذه الحقائق ؟.
في هذه العجالة سأتوقف فقط عند الأمن الغذائي ومبادرات جلالة الملك العديدة حيال هذا الأمر الحيوي والذي تسمح به بيئة الأردن حيث تؤكد توجيهات جلالته بضرورة العمل الجاد وصولا الى الإكتفاء الذاتي وما قرار جلالته الأخير خلال زيارته للبادية الجنوبية بتخصيص 9 آلاف دونم للأسر في البوادي لإقامة مشروعات زراعية الا تأكيد على رؤية وتطلعات جلالته .
ما تقدم يذكرني بواقع معروف للجهات الرسمية في محافظة المفرق على سبيل المثال وليس الحصر حيث القصور واضح وملموس لضمان نجاعة استغلال نحو خمسة آلاف بئر ارتوازي تنتشر في ارجاء المحافظة التي مساحتها تتجاوز 26 كم مربع وتُعتبر اراضيها من اخصب الأراضي الزراعية حيث تركيز اصحاب الآبار على زراعة الخضروات والفواكه بشكل خاصة دون اعتماد اجندة للمحاصيل كما تفعل العديد من الدول لضمان عدم حصول اختناقات تسويقية .
المعلومات المتوفرة تشير الى ان نحو مليون دونم يتم زراعتها بالخضروات وبعض انواع الفاكهة فيما تفتقر المحافظة للصناعات الغذائية التي كان آخرها مصنع لرب البندورة وتم اغلاقه في عام 2009 فيما الإقبال على زراعة الحبوب شبه معدوم ليس لأن المزارعين لا يرغبون بذلك بل بسبب تجاهل الحكومات أهمية دعمهم وأهمية وضع خطط وبرامج للتشجيع على ذلك لوقف نزيف ما تتحمله الخزينة العامة جراء الإعتماد على استيرادها بالعملة الصعبة وبأسعار خيالية والذي يُعتبر لو تم الخطوة الاولى نحو الإكتفاء الذاتي من القمح والشعير بوجه خاص .
وفي الشأن الزراعي لا تتوقف معاناتنا عند عزوف المزارعين عن زراعة القمح والشعير فحسب بل ايضا عن قصور الحكومات للاستفادة من المياه الخارجة عن غسيل الفوسفات لاستخدامها في تشجير جانبي الطريق الصحراوي حيث كانت احدى الحكومات ( نادر الذهبي عام 2007 ) قد باشرت مشروعا بهذا الصدد وتم اجهاضه من قبل الحكومة الخلف .
الحديث يطول في هذا الأمر ولا يتوقف عند الزراعة فقط بل ايضا المياه اذا ما علمنا ان الأردن الذي يُعد من افقر الدول في مصادر المياه لا يستفيد أكثر من 1 % من مجموع الأمطار التي تهطل عليه سنويا حيث هنالك قصور واضح في انشاء السدود الترابية وكان بالأمكان استخدام المساعدات الدولية التي يتلقها الأردن لهذا الشأن بدلا من صرفها على الإجتماعات والندوات الشكلية والإستعراضية ووجبات السناكات ولقاءات الفنادق وتكريم الفنانات التي لا تُقدم ولا تُثمر .
خلاصة القول اننا ما زلنا نعاني من عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب سواء في تقلد المناصب الرسمية أو بتمثيل الشعب في السلطة التشريعية ومبادرات الملك شأنها شأن تعامل كافة السلطات مع الأوراق النقاشية الملكية .