د. أحمد الهباهبه
في الآونة الأخيرة، يلاحظ بشكل متزايد تحول عدد كبير من المواطنين الأردنيين إلى محللين سياسيين، خصوصاً عند وقوع أي حدث سياسي داخلي أو خارجي يمس البلاد. تعج وسائل التواصل الاجتماعي بالتعليقات والتحليلات التي يقدمها الأفراد، والتي غالبًا ما تفتقر إلى العمق أو الدقة المطلوبة لمثل هذه المواضيع.
هذا التحول السريع إلى التحليل السياسي العشوائي لا يخلو من انعكاسات سلبية على المشهد العام. إذ أنه يؤدي إلى انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة، ويخلق حالة من الفوضى في فهم القضايا السياسية المعقدة. ولعل المشكلة تكمن في غياب الوعي الكامل بالمواضيع السياسية وافتقار الكثيرين إلى الخبرة والمعرفة اللازمة لتحليل تلك الأمور بشكل منطقي وموضوعي.
الأردن كغيره من الدول يمر بأحداث سياسية دقيقة، وهو ما يتطلب فهماً عميقاً من أصحاب الاختصاص في مجالات السياسة والعلاقات الدولية. فبينما يُعد الانخراط في النقاشات السياسية حقًا للجميع، إلا أن تقديم تحليلات غير مدروسة أو الانسياق وراء الأخبار غير المؤكدة قد يضر بالصالح العام، ويغذي الانقسامات داخل المجتمع.
من المهم أن ندرك أن السياسة ليست مجرد آرائنا الشخصية، بل هي علم له أصوله وقواعده، ويجب ترك المجال لأهل الاختصاص للقيام بعملهم وتحليل المواقف والأحداث بشكل علمي دقيق. كذلك، يجب على المواطنين توخي الحذر في تداول المعلومات، والاعتماد على المصادر الموثوقة في متابعة الأحداث السياسية.
في ظل هذه الظاهرة، يُصبح من الضروري التركيز على توعية الأفراد بكيفية التفريق بين التحليل المسؤول والشائعات. فالوعي العام القائم على المعرفة الدقيقة يمكن أن يسهم في بناء موقف شعبي أكثر تماسكاً وقوة في مواجهة التحديات السياسية، بدلاً من الانجراف في موجة التحليلات غير المنطقية التي قد تضر بالمصلحة الوطنية.
ختاماً، يجب علينا جميعاً أن نعي أن السياسة ليست ميدانًا مفتوحًا للجميع للخوض في تفاصيلها، وأن التحليلات العشوائية قد تكون ضارة أكثر من كونها مفيدة. لذا، ينبغي ترك السياسة لأهلها، والاستناد إلى مصادر موثوقة قبل تبني أي موقف أو رأي.