د. أحمد الهباهبه
يبدو أن الاحتلال الاسرائيلي لم يكن يتوقع أنه بإغتياله قائد المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) سيظهر له الرجل الذي تصفه بأخطر عدو لها في المنطقة كما تصفه يحيى السنوار، الذي كانت قد وافقت على تحريره ضمن صفقة أسرى في العام 2011، وهو نفس الرجل الذي أذاقها الأمرين بعد 12 عاما.
والمفارقة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو هو من وافق على قرار الصفقة التي خرج بموجبها السنوار من السجن، والذي تسلم بعدها مسؤوليات قيادية وأدوار بارزة في قيادة حماس، وهذا الأمر جعل نتيناهو يندم على قراره، ومع اندلاع طوفان الأقصى حيث تحول الأمر بالنسبة لنتينياهو إلى ثأر شخصي للانتقام من الرجل الذي ألحق الضرر البالغ في إسرائيل.
ومع اعلان حماس اختيار السنوار رئيسا لمكتبها السياسي بعد نحو أسبوع على استشهاد رئيسه السابق إسماعيل هنية، لا بد أن نسلط الضوء على اهم المحطات في تاريخه النضالي حيث أبصر السنوار نور الحياة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 1962 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، وهو المخيم الذي ينتمي لمدينة عرفت بدورها البطولي في مقاومة الاحتلال البريطاني ثم الاحتلال الإسرائيلي.
وتلقى السنوار تعليمه في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة ويتخرج فيها بدرجة الباكالوريوس في شعبة الدراسات العربية، وبعد ذلك أسس مع خالد الهندي وروحي مشتهى -بتكليف من مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين– عام 1986 جهازا أمنيا أطلق عليه منظمة الجهاد والدعوة ويعرف باسم “مجد”.
وأمضى السنوار نحو 23 ربيعا من حياته في السجون الإسرائيلية، وتلقى أحكاما بأربع مؤبدات، قبل أن تفرض كتائب القسام الإفراج عنه بصفقة أسرى في عام 2011، فقد اعتقل لأول مرة في العام 1982، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى في 20 يناير/كانون الثاني 1988، وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل 4 فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع إسرائيل، وصدرت في حقه 4 مؤبدات (مدتها 426 عاما).
وخلال فترة السجن التي استمرت 23 عاما لم ييأس يحيى السنوار بل استثمر وقته في القراءة والتعلم والتأليف، تعلم خلالها اللغة العبرية وغاص في فهم العقلية الإسرائيلية، وألف عددا من الكتب والترجمات في المجالات السياسية والأمنية والأدبية، ومن أبرز مؤلفاته: رواية بعنوان “شوك القرنفل” صدرت عام 2004 وتحكي قصة النضال الفلسطيني منذ عام 1967 حتى انتفاضة الأقصى.
الى أن أطلق سراح يحيى السنوار عام 2011، وكان واحدا من بين أكثر من ألف أسير حرروا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ضمن ما سمي صفقة “وفاء الأحرار”.
وقد سجل السنوار بصمات واضحة في تاريخه النضالي ضد الاحتلال الاسرائيلي في الدفاع عن وطنه، والآن هو يكمل ما بدأه صديقه هنية في سبيل تلقين الاحتلال درسًا موجعًا وتحقيق النصر بإذن الله …