&&&&
لن أحدثكم هذه المرّة عن امتحانات الفاينل وعجقتها التي ما زلتُ أعيشها، ولا عن المواعيد الأكيدة ولكنها بقدرة قادر تتأجل..! ولا عن جلساتي ونقاشاتي التي سأرويها بالتأكيد.. ولكنني سأخصّص الكلام عن انتخابات اتحاد الطلبة في الجامعة الأردنية.. فهذه أوّل انتخابات أراها وأنا في الجامعة.
استغربتُ من تسكير بوابات الجامعة في كل الاتجاهات والتشديد القاسي على الداخلين.. من حقّ أي جامعة أن تأخذ احتياطاتها ولكن بما لا يضرب اسم العلم والاستنارة.. قيل لي أنه في سنوات سابقة جرى عنف طلابي في الانتخابات..! عنف؟ يعني أنهم يضربون بعضهم بالأيادي وبالآلات؟ نرسل الطلاب بالأقلام والدفاتر إلى الجامعة لكي يستبدلوها بالقناوي والبلاوي..؟!
إذن الجامعة الأردنية ككل الجامعات الأخرى تأخذ حصتها من المظاهر الأمنيّة خوفًا من تصارع الكُتل المرشحة.. هذه الكُتل التي تدعو إلى العلم والحوار وجلب الحقوق؛ الخوف كل الخوف أن يفلت الزمام ويصبح العنف هو الفيصل..؟! كم أُشفق على رئيس الجامعة في هذا الظرف فهو محكوم له وليس متحكِّمًا تمامًا فيه..
حمدتُ الله أن لم يفطن لي أحد ويطلب ودّ صوتي؛ خصوصًا بعد أن رأيت اليافطات الباذخة في شوارع الجامعة .. يافطات تشرح النفس إلى درجة أنك تتمنّى أن يفوز الكلّ من شدّة العبارات البرّاقة التي أكل الدهر عليها وشرب وترع أيضًا..!
تفاجأت بزميلة تطلب صوتي.. يااااه.. أخيرًا التفت إليّ أحد.. وعدتها بالصوت ولقائمتها فقط لأنهم شعروا بوجودي.. لم أكن أتوقع أن أحدًا سيلتفت لي وأنا العجوز الطاعن في الانتخابات.. ثم توالت الاتصالات.. أصابني الحرج.. مسجات وراء مسجات.. ما هذا؟ أنا أصوّت إذن أنا موجود.. ههههههه كم كنتُ مستعجلًا..!
حين حزبتُ الأمور.. وجدتُ أن لا مصلحة لي في كلّ الأمر.. فهم شباب بعمر الورد.. ولا يجوز لشيبتي أن تنحاز لفريق ضد فريق.. دعهم يعيشوا تجربتهم بلا تدخل منّي ولو بصوت ناعس..!
حزين على كل الشعارات.. حزين على المظاهر المتشددة التي تجري الانتخابات في ظلها.. حزين على العلم وتربية العقول.. حزين على تأجيل اللقاء بالحضارة حين تدخل باب الجامعة ولا تخرج منها فارسًا من فرسان النهضة..!
الذي يجري يعيدني إلى رحم الحقيقة: نحن نعيش على حواف الأشياء؛ فإمّا نسقط فيها أو نسقط عنها..!
&&&&
كامل النصيرات
المقال المنشور يوم أمس في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (٠٧٩٩١٣٧٠٤٨)
((ملاحظة مهمّة: المقالات تعبّر عن وجهة نظر الكاتب فقط ولا تشتبك أو تتصارع مع وجهات النظر المخالفة لها بل تحترمها ))