هلا نيوز/ عمان
&&&&
كان العربيُّ لا يقتل امرأةً مهما كان السبب؛ بل كان لا يقتل رجلًا يختبئ خلف امرأة؛ بل لا يقتل رجلًا يتدرّع بامرأة أو إذا دخل بين درعها وثوبها مهما كانت جناية الرجل؛ ولو كان مبيدًا عشيرةً بأكملها، لأن لمس سيف الغاضب لثوب امرأة يعتبر عارًا لا تمحوه الأيّام ويرث العار أبناؤه وأبناء أبنائه..!
بُنيَ العربيُّ على الأخلاق.. ورغم أن كثيرين لا يعترفون صراحةً بالحضارة العربية ويرونها منقوصة إلّا أن آخرين يرون أن حضارة العربي هي الأخلاق التي توارثتها الأجيال.. فللآن يكرم العربي ضيفه بينما لا تنشغل الأمم الأخرى بذلك.. وللآن يأويك العربي وقد يموت دونك (اقصد العرب الأقحاح) بينما الأمم الأخرى براغماتيتها لا تسمح لها بذلك.. وللآن العربي يعلو ويهبط وهو منشغل بـ( ماذا يقول عنّي الناس) بينما الأمم الأخرى تفعل ما تفعل وحالها يقول (طزّ بكل الناس)..!
العربي في الصحارى والقرى أكثر تمسّكًا بالأخلاق منه في المدينة.. بل قد قيل: العربي إن تماهى مع المدينة أصابه بعض التخنّث والمقصود الميوعة ولا تصبح الأخلاق الصارمة مقياسه وقانونه. لذا تجد أبناء القرى والصحراء أكثر خشونة وصقلًا وحسًّا بالمسؤولية من غيرهم وأحكامهم قاسية على غيرهم وعلى أنفسهم لأنهم أقرب للسجية والفطرة من طبائع المدن المصطنعة والتي دخل فيها شوائب النزعات الفردية وعدم الالتفات إلى ما يجب وما لا يجب.. بينما القرية والصحراء لديهما تفكير جمعيٌّ ولديهما حسابات أخلاقية يقومون ويمشون وينامون ويصحون وهم فيها منشغلون..!
نعم؛ للعرب حضارة الأخلاق وإن انزاح العربيّ الآن وصار مدنيًّا حتى في القرية والصحراء ولكنه انزياح سبب له كل ما ترونه من انفصام نفسي.. فلا هو صار مدنيًّا بكل قوانين المدينة ولا هو بقي على الفطرة والسجيّة.. وصار هجينًا ضائعًا بين أخلاق الأمس وضياع الهويّة وضياع اتزانه وقرارته معها.. لأنه تخنّث دون أن يعلم؛ وتداعى دون أن يسقط؛ وتأمرك وتعلمن دون أن يسقط حقّ الضيف وحقّ الجار وحق الفزعة وحقّ (ماذا يقول عنّي الناس).
يا لأبناء القرى والصحراء؛ مهما فتنتهم المدينة ستبقى في جيناتهم التي ورثوها وسيورثونها:- الخيل والسيف والأخلاق..!
&&&&
كامل النصيرات
المقال المنشور اليوم في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (٠٧٩٩١٣٧٠٤٨)
((ملاحظة مهمّة: المقالات تعبّر عن وجهة نظر الكاتب فقط ولا تشتبك أو تتصارع مع وجهات النظر المخالفة لها بل تحترمها ))