من جوهر البيان القول أن ما يحدث فى فلسطين ليست حالة أمنية تحمل سمة عمليات محدودة او سياسية تنقضي بزوال المناخ المحيط، أو تتطلب احتياجات انسانية انية فحسب، بل هى استراتيجيه يترتب على نتائجها جمل أمنيه واخرى سياسية ستطال تبعاتها عناوين بوصلة الاتجاة، فان تحقيق إسرائيل لأهدافها في اسرلة غزة والقدس والضفة وفق جمل عسكرية، وقيامها بعمليات التهجير القسري او الترحيل الممنهج سيشكل حالة جديدة قائمة على تصفية فلسطين القضية وإنهاء الصراع بالقوة الجبرية، وسيؤدي بالمحصلة الى ترتيبات اخرى لها أبعادها في الجغرافيا السياسية القادمة التي يبدوا انها اصبحت واضحة فى ميزان الرؤية وباب الاستشراف.
فإن تصفية القضية الفلسطينية يعني انهاء الصراع بفرض واقع سياسي جديد يقوم على بسط نفوذ دولة إسرائيل على كل مناطق فلسطين التاريخية، وتهجير معظم سكانها لاعتبارات ديموغرافية وقيام دولة إسرائيل اليهودية وإجبار معظم الدول العربية بالتطبيع مع اسرائيل بقوة النفوذ الأمريكي، وذلك بربط الشؤون الأمنية والعسكرية ببعض الدول ببعض وإخضاع أنظمتها لتوثيق التعامل التنموي الإقليمي بالقوى السياسية، وهو ما يجعل من المنطقة تحمل سمات اخرى وعناوين مغايرة عن ذي قبل وهو البرنامج الذى تقوم على تنفيذه آلة الحرب الاسرائيلية بموافقة ضمنية امريكية.
إن الحديث عن حل الدولتين والحلول السياسية أصبح حديث قديم ولغة لا تخدم الا الاستهلاك الشعبي، التي كانت قائمة بزمن إدارة الصراع وليس بعدما يتم فرضه بالقوة الجبرية والة الحرب العسكرية، وهو ما سيرتب على دول المنطقة صورة جديدة من التعامل عندما تبدأ مراحل التنفيذ بالترسيم وسط مناخات فيها من عدم الممانعة الضمنية بالتهجير لدواعي انسانية، اخرى تستند لقياسات سياسية وتقوم لمبررات اقتصادية أو لترتيبات أمنية تتعلق ببقاء الأنظمة واستمرارية وجودها، وهو ما يجعل من الملف الفلسطيني هو ملف وجودي في جوهرة وليس ملف سياسي أو أمني فحسب كما يتصور البعض وكما يتم التعاطي معه من الجمل السياسية المتبعة.
فمن المهم ان يتم النظر لمسالة التهجير ليس من واقع تحقيق منافع أو جني مكتسبات اقتصادية او حتى امنية، لان هذه المسألة لا يجب النظر اليها بشكل اني لانها لن تنتهى بزوال المسبب وانتهاء مسرح الاحداث لكون نتائجها ستبقى الى ما بعده موجودة، وسيكون التعامل مع الجمل السياسية المترتبة عليها تاخذ زوايا مغايرة، هذا اذا مانجحت اسرائيل من اسرلة غزة والضفة بالحلول الاحادية العسكرية وقامت بفرض ايقاعها العام على بيان سير الأحداث في المنطقة، فإن ذلك سيرتب الكثير من الجمل و سيجبر الجميع للاجابة على كثير من الاسئله التى كانت فى رسم التسويف وبيان جملة ترحيل الملفات الاستراتيجية.
إن العمل لتشكيل “هيئة” لإدارة أزمة فلسطين يعتبر الركن الأساس الذى يمكن الاعتماد عليه فى كل قضايا العمل المتعلقة بهذا الملف وشؤونه، على أن تعمل هذه الهيئة ضمن مرجعية ملكيه اجده مهم في هذه المرحلة لأن طبيعة هذا الملف متشعبة ورواسية متنوعة وتفاصيله عديدة، فان هذه الهيئة يمكنها التعاطي مع كل هذه القضايا بطريقة مؤسسيه موضوعية بحيث تضم من بين أعضائها خبرات سياسية واخرى اقتصادية وامنية وعسكرية وتنموية ضمن منظومة عمل استراتيجية من المهم أن تكون حاضرة فى المشهد العام، بما يمكن الدولة من التعامل البناء في ادارة هذه الازمة الاستراتيجية على المستوى الرسمي وعلى الصعيد الشعبي لاسيما والاردن له روابط عضوية مع فلسطين باعتبارها قضيته الوطنية كما هى قضية النظام الهاشمي المركزية.
فان العمل على تهجير أهل القطاع من ثم ترحيلهم أو بقاءهم فى سيناء، سيجعل من حكومة اسرائيل تقوم بذات السياسية للأردن من مدن الضفة ومن المدن العربية فى اسرائيل وهو خيار من المهم أخذه بعين الاعتبار في حالة الإصرار والتعنت، التى مازالت تقف عليها الحكومة الإسرائيلية لاستكمال بأهدافها باسرلة غزة وتهجير سكانها إلى سيناء على الرغم من الأصوات التي نادت بضرورة التوقف عن هذه السياسات وعدم التمادي بذلك، لكن يبدو أن كل هذه الاصوات انطلقت للاستهلاك الشعبي وليس لبيت القرار حيث الجانب الرسمي.
صحيح ان الاردن قدم نموذج عمل سياسي وشعبي يحتذى في التعاطي مع هذه الأزمة، واستطاع جلالة الملك من تغيير حدية التوجه للمجتمع الدولي لعظيم علاقاته مستخدما نفوذه الواسع، لكن ما هو صحيح أيضا عن هذه الازمة لها تبعات عميقة على كافة الصعد ولها انعكاسات سلبية على الواقع الاجتماعي والمعيشي، وقد تحمل اجواءها رياح أتربة وهي باتت بحاجة إلى هيئة تقوم على تحقيق حالة المنعة الشعبية في مسألة التواصل المباشر وغير المباشر، وتصميم برامج احترازية وأخرى وقائية قادرة على ادامة التعاطي مع هذه الازمة بطريقة مركزية بكل ما فيها من اسقاطات امنيه وجمل سياسية موضوعية، حتى توسع من نطاق الاعمدة الحامل فإن الاحمال القادمة ستكون ثقيلة ولا تقارن بما سبقها من أحداث كونها جملة استراتيجية بإمتياز.
د.حازم قشوع