د. مفضي المومني
2023/11/7
هذا بوح اطلقته قبل تسع سنوات في 24/7/2014… إبان الهجمة الوحشية للعدو الصهيوني على غزة الذي بدأ في يوم 8 يوليو 2014 تحت عملية الجرف الصامد وردت عليه كتائب القسام بالعصف المأكول… وتكرر المشهد الوحشي سبع مرات لتاريخه…ولكن اختلفت موازين القوى… وفي طوفان الأقصى 7 تشرين أخذت المقاومة زمام المبادرة… ولقنت العدو صفعة سيسجلها التاريخ…واعتقد أن هذه المرة لن تكون كسابقاتها… فقد تأكد وتحقق الردع والنصر… رغم القصف الوحشي لغزة ومحاولات تركيعها أو القضاء على حماس…، ورغم الآف الشهداء الأبرياء وجحافل الأطفال والنساء الذين استشهدوا… فقد سجلت المقاومة النصر… والباقي عناوين نعرفها عن وحشية المحتل… وقد كرره عبر سنوات الإحتلال… ولم يكن وقتها طوفان الأقصى حاضراً، وخذلان يجتاحنا حد النخاع… ليصح فينا غثاء السيل…والوقوف خلف الأبواب..!.
نعم هذا ما كتبته في 2014/7/24 ولم يتغير شيء… إلا المقاومة… والمحتل الغاشم ذات المحتل:
علمونا ونحن صغاراً… أن عدونا واحد هو الكيان المغتصب لفلسطين، وعلمونا أن فلسطين احتلت عبر التاريخ أكثر من مرة وعادت إلى أمتها بأيدي أبنائها، ودون مجلس الأمن أو القوى الغربية….!فتحها صلاح الدين وفتحها عمر …..وفي زمن الخذلان العربي الجاثم على صدورنا لا تنتظروا احداً….ربما بعد حين ….ربما بزمان غير زماننا…ربما بعدنا بأجيال… لكن النصر آت لا محالة….فدورة الزمن ودورة الحق أتت على إمبراطوريات وقوى عظمى تجبرت وطغت وعاثت في الأرض فسادا….لكن… لنكن واقعيين؛ زمننا وحكوماتنا وشعوبنا في وقتنا الحالي ليست شعوب تحرير ولا انتصارات..!، ونكذب على أنفسنا إن قادتنا أحلامنا وعواطفنا إلى غير ذلك.
كنا نمني النفس منذ سنين وعلى مبدأ اضعف الإيمان، عند كل عدوان إسرائيلي على أهلنا في فلسطين، ببضع بيانات استنكار وشجب وخطابات ناريه أو (خنفشاريه) لكنهم كانوا يلعبون لعبتهم على الشعوب وكان ثمة (عرق حياء) يحفظ ماء وجههم أمام شعوبهم مسلوبة الإرادة، وكان الغرب يفضحهم بان الخطاب خلف الأبواب في عواصم الأسياد غير الخطاب الموجه للاستهلاك الشعبي وامتصاص غضب الناس، وكانوا يعطون هامشا للمناورة والمؤامرة وكنا نحسن الظن بهم حينا وندعو الله أن يخلصنا منهم حينا ولو مناجاة مع أنفسنا خوفا من مخبر أو سطوة حاكم.
وفي الهجمة الحالية على أهلنا في قطاع غزة وما يتعرضون له من آلة القتل والعدوان وهدم البيوت على رؤوس أصحابها وهذا العنف الرهيب والأشلاء والإصابات والتشريد تحت حصار لا مثيل له …..اشتقنا لبيانات الشجب والاستنكار أو لكلمة تقال على استحياء من هنا أو هناك من بعض أنظمتنا العربية… ! فقد سقطت ورقة التوت (وطق عرق الحياء) ولم نمر سابقا بما يحدث حاليا، ولم تكتفي بعض هذه الأنظمة بالسكوت حتى بل بدا واضحا لكل مطلع أن البعض متصهين أكثر من الصهاينة واتضح للجميع من يخطط ومن يتآمر، والهدف النهائي هو الإجهاز على حماس وحركات المقاومة الإسلامية والوطنية على يد إسرائيلية ومباركة من بعض الوكلاء من جلدتنا، حتى آخر طفل فلسطيني، يعرفون أنهم يغتصبون السلطة وأنهم يجثمون على صدور شعوبهم وأنهم لم يأتوا بالانتخاب ولم تنصبهم حتى أشباه ديمقراطيات..!، لذا يسكنهم الخوف ويتحالفون مع الشيطان ضد شعوبهم وامتهم، ليستمروا أكثر وقت ممكن وبأي ثمن، لكن هيهات هيهات فالأنظمة الوطنية تنتهي ولكن يخلدها التاريخ وضمير الأمة، والأنظمة العميلة تسقط الى زوال والشعوب تبقى رغم أنوفهم… والأيام دول ولا يغرنكم سيادة القوة الغاشمة… فالله غالب على أمره ولو بعد حين.
ومن المحزن المبكي أن الصف الأول في بعض أبناء جلدتنا… تجاوز حد الخنوع والعمالة والتآمر ووصل إلى أعلى درجات العمالة والصهينة، وتماها مع الإنحياز الغربي واعلامه ووصل بهم الانحطاط إلى درجة الإسفاف وتشجيع جيش العدو وتبرير القتل للشعب الفلسطيني ومساواة المُحتل بالمحتل، وتسويق كل الاكاذيب لإيذاء الشعب الفلسطيني وأهلنا في غزة وشيطنتهم دون أن يرف لهم جفن لمدى تآمرهم، ويخرجون علينا بتصريحات ظاهرها عقلانية ووطنية وباطنها يفوح منه رائحة العمالة لمصالح سياسية وانبطاحية وغيرها… وبعضهم يلتزم الصمت… لأن السفارة تراقبه… ألا شاهت الوجوه.
هذا هو المشهد الذي تعيشه امتنا وأهلنا في غزة، وها هم أهلنا في غزة قرأوا المشهد مبكرا وعرفوا حجم التآمر فاعدوا العدة بما تيسر رغم الحصار الإسرائيلي والعربي إلا النزر اليسير ممن ما زالت فيهم روح العروبة… وأما المقاومون فقد خرجوا من معادلة الخنوع التي استمرأها البعض، وهم يسطرون كل يوم ملاحم بطولية رغم عدم التكافؤ مع الكيان الغاصب لكنها إرادة الحياة وإرادة النصر وطعم الكرامة الممزوج بدماء الأطفال والنساء …وهي تضحيات مرة وضريبة التحرر..ليتنا مثلهم ليتنا معهم ليتنا لم نقاد إلى ما نحن عليه من هوان. فالجبان يموت كل يوم ألف مره والشجاع يموت مرة واحدة.
غزة وما يدور فيها غصة في قلب كل عربي مخلص لكنها عنوان كرامة الأمة العربية رغم كل الشهداء…ورغم الدمار هو الوطن يا سادة… وكما قال شاعر فلسطين محمود درويش : وتسال ما معنى كلمة وطن؟ سيقولون هو البيت وشجرة التوت وقن الدجاج وقفير النحل ورائحة الخبز والسماء الأولى، وتسال هل تتسع كلمة واحدة من ثلاثة أحرف لكل هذه المحتويات ….وتضيق بنا؟؟ لن يضيق بكم الوطن يا أهل غزة ومن استشهد ستحتضنه السماء، ومن تآمر فسيذهب إلى مزابل التاريخ ولو بعد حين، رحم الله شهدائكم ونصركم على عدوكم وأما نحن فلنا قوت يومنا…..حمى الله غزة وحمى الله الأردن.
نرجو من الله غاية الرجاء… أن لا يستمر المشهد…ونستمريء القتل اليومي ودماء الشهداء… ونعود لخذلاننا… ويستمر العدو ببطشه… فإن حقق أهدافه القذرة… فالدور علينا لا محالة… وأرجو من الله إذا كتب لي عمر… أن لا أعود واكرر ما كتبت بعد سنوات تطول وتقصر.
حمى الله اهل غزة وفلسطين ونصرهم… وأمد الله امتنا بعز يعوزها… وحمى الله الأردن بلد الأحرار.