فايز شبيكات الدعجه
كنت استكشف الرجل وكنا بصدد المباشرة بتنفيذ مشروع صداقة قائم على تحقيق منفعه متبادله، وبدأنا نمارس مناسك الصداقة بانتظام، لكنه هجرني على نحو مباغت لأنه تولى منصب قيادي جديد (مدير عام مؤسسة)، أخذ يشكو من ضيق الوقت وعبيء الالتزامات الرسميه والتوسع المفاجيء بعلاقاته المتشعبه. فلقد تضاعفت علاقاته الشخصية على ما قال لي ، وتضخمت بزمن قياسي ما إن جثم على كرسيه هناك.
اوقف معي اتصالاته قاطبة باشكالها المختلفة واحدة تلو واحده ،كانت اتصالات يومية او اسبوعية في اسوأ الاحوال ، ابعث اليه رسائل بوسائل شتى وقلما يرد ، لان وظيفته لها رزانة ووقار وترفض اي علاقه من هذا النوع غير الضروري حسب ما اصبح يظن.
صديقي، او للدقة السابق، او ان شئتم صديقي المتحول ابيض البشره، ممشوق القد، ساهم الطرف، شعرة ناعم كالحرير ،عريض المنكبين ،انيق ،ذو عينين زرقاوين ، وشارب هتلري .وعابق ابدا بالعطور ،ويقرض الشعر ،والى هنا اكتفي ولا اريد ان ازيد.
وحتى لا تظنوا بي الظنون ينبغي لي التوقف هنا لاقول ان ذاك الرجل فائق القبح ،بل وعلى درجه متقدمة من الدمامة، وجه دائري مصغر، ممتلئ بالكهوف ،شفتان مدلتان، واسنان صفراء، وتجاعيد عميقة محفورة في جنبات وجهه وتبدو متراصة كأنها محروثه بمحراث البغال ، والى جانب ذلك ينكش انفه باستمرار ، وهو قبل كل هذا وذاك جزوع هلوع، والى هنا يكفي ولا اريد ان ازيد.
بسبب موقعه المتقدم طلب مني ان لا ازوره الا بموعد مسبق وان بإمكاني التواصل مع مدير المكتب او السكرتيره إن اردت .وطلب اضافة لذلك اعفائه من اغلب مهام الصداقه، وكلفني بإعادة جدولة علاقتي به، وتغيير نمط تواصلي معه وضغطه لمستوياته الدنيا، وعلى فترات متباعدة ، الا اذا اقتضت الضروره القصوى خلاف ذلك.
كنت بصدد تفكيك عرى الصداقه مع القبيح، وهي عملية بالغة السهولة وتخلوا من اوجه الصعوبة والتعقيد، لأن صداقتنا لم يمض عليها سوى شهر ،وﻻنه يظن انه صديقي الوحيد فلقد ألمح بضرورة ان ابادر للبحث عن صديق بديل يلائمني.
لأمر ما فقد منصبه ذاك على وجه السرعه وعاد لي يشكو الوحدة والفراغ، ويلح لاستكمال مشوار مشروعنا فاعتذرت وطلبت منه عدم التواصل معي الا اذا اقتضت الضرورة القصوى خلاف ذلك.