د. أحمد الهباهبه
بعد الإعلان عن اغتيال يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قطاع غزة، فإن المنطقة قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة من التصعيد والتوتر، ليس فقط على مستوى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ولكن أيضًا على مستوى العلاقات الإقليمية والتحالفات الدولية.
في حال تأكيد خبر اغتيال السنوار، فإن حركة حماس ستواجه تحديًا كبيرًا في التعامل مع هذا الحدث. السنوار ليس فقط قائدًا عسكريًا بل رمزًا قويًا للمقاومة ومهندسًا لاستراتيجيات الحركة. اغتياله قد يؤدي إلى تفعيل آليات الرد السريع من قبل حماس، وقد يكون من المتوقع أن تُصعّد الحركة من هجماتها ضد إسرائيل، سواء عبر الصواريخ أو الهجمات المباشرة.
ومن جهة أخرى، قد تؤدي هذه الحادثة إلى تعزيز الوحدة الداخلية بين الفصائل الفلسطينية، لا سيما بين حماس والجهاد الإسلامي. ولكن في الوقت نفسه، قد يفتح اغتيال السنوار الباب لصراعات داخلية حول القيادة والتوجهات، ما قد يضعف الحركة على المدى البعيد ويثير تساؤلات حول مستقبل القيادة.
إسرائيل، بافتراض صحة الخبر، تكون قد اتخذت خطوة استراتيجية محفوفة بالمخاطر. اغتيال شخصية قيادية من حجم السنوار قد يكون له تأثير مضاعف على الأمن الإسرائيلي. بينما قد ترى القيادة الإسرائيلية أنها أزالت تهديدًا كبيرًا، إلا أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصعيد غير مسبوق من قبل حماس والفصائل الأخرى. قطاع غزة قد يتحول إلى ساحة معركة مفتوحة، مع تكثيف الهجمات المتبادلة.
إلى جانب ذلك، قد تشهد الضفة الغربية وداخل الأراضي المحتلة تحركات واسعة من قبل الفلسطينيين، حيث تعتبر هذه الفئة عملية الاغتيال تحديًا كبيرًا للمقاومة.
على مستوى الإقليم، يمكن أن يؤدي اغتيال السنوار إلى تعقيد الوضع الأمني في المنطقة بأسرها. إيران، التي تدعم حماس بشكل كبير، قد تعتبر هذا الاغتيال استفزازًا يتطلب رد فعل مباشر أو غير مباشر من خلال حلفائها في المنطقة، سواء عبر الجهاد الإسلامي أو مجموعات أخرى.
كما أن دولًا مثل قطر وتركيا، التي تحتفظ بعلاقات مع حماس وتلعب دورًا في الوساطة، قد تجد نفسها في موقف حرج. قد تحاول هذه الدول تهدئة الوضع، ولكن احتمالية نجاح الوساطة تبدو ضعيفة في ظل الاحتقان الكبير.
على الساحة الدولية، يمكن أن يؤثر هذا الحدث على العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، خاصة إذا تبين أن عملية الاغتيال تمت بموافقة أو دعم أمريكي غير مباشر. إدارة بايدن قد تجد نفسها مضطرة للدفاع عن موقفها أمام المجتمع الدولي، الذي قد يدين مثل هذه العمليات باعتبارها تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة.
أما على مستوى الدول الأوروبية، التي تحاول لعب دور الوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن اغتيال شخصية بقوة السنوار قد يدفعها لمراجعة سياساتها تجاه إسرائيل.
احتمالات التصعيد المستقبلي
في ضوء هذه التطورات، من المحتمل أن نشهد سيناريوهات عدة:
تصعيد عسكري واسع النطاق: من المحتمل أن تدخل المنطقة في دائرة جديدة من العنف تتسم بتصعيد غير مسبوق من كلا الطرفين. قد تلجأ إسرائيل إلى عملية برية في غزة، في حين قد تتوسع هجمات حماس إلى عمق الأراضي الإسرائيلية.
تدويل الصراع: مع تزايد الضغوط الإقليمية والدولية، قد يدفع هذا الحدث بعض الدول للعب دور أكثر نشاطًا في محاولة تهدئة الوضع أو على الأقل إدارة الصراع.
استقطاب داخلي في إسرائيل: قد يثير هذا الحدث جدلاً داخليًا في إسرائيل حول جدوى هذه الاغتيالات ودورها في تحقيق الأمن على المدى البعيد.
اغتيال يحيى السنوار، إذا تأكد، سيكون له تأثيرات ضخمة على مستقبل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والمنطقة بشكل عام. ستحاول الفصائل الفلسطينية الرد بقوة، بينما ستواجه إسرائيل تحديات جديدة في إدارة التصعيد. وفي ظل هذه الديناميات المتسارعة، ستظل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار، ما قد يؤثر على الأمن والسلام في الشرق الأوسط بشكل عام.