د. أحمد الهباهبه
يعاني المواطن الأردني منذ أكثر من 12 عاماً من تدهور القدرة الشرائية نتيجة ثبات الأجور وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق. وفقاً للتقديرات، لا يتجاوز متوسط الأجر في الأردن 640 دولاراً، بينما تحتاج الأسرة الواحدة إلى حوالي 1500 دولار شهرياً لتلبية احتياجاتها الأساسية. هذا الفجوة الكبيرة بين الدخل والاحتياجات تعكس الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد.
في خطوة استجابة للضغوط الاجتماعية والاقتصادية، أعلنت الحكومة الأردنية عن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 300 دينار (420 دولاراً) اعتباراً من عام 2025، بعد أن ظل ثابتاً عند 260 ديناراً (366 دولاراً) لأكثر من خمس سنوات. ورغم أن هذه الخطوة تُعتبر ضرورية، إلا أن مراقبين يرون أنها لن تحدث فارقاً جوهرياً في حياة الأردنيين، حيث إن الأجور لا تزال غير كافية لمواجهة التكاليف المتزايدة للمعيشة.
يعيش الأردنيون في بيئة تتسم بالتضخم المستمر، الذي أثر بشكل سلبي على كلفة المعيشة، مما زاد من نسبة البطالة والفقر والديون. فقد أظهرت البيانات الرسمية ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية والسكن والتعليم، مما يجعل الزيادة المرتقبة في الحد الأدنى للأجور، رغم أهميتها، غير كافية لتعويض الفجوة الكبيرة التي تعاني منها الأسر.
وفي هذا السياق، يؤكد وزير العمل خالد البكار أن وزارته ملتزمة برفع الحد الأدنى للأجور، مع وجود حزمة من القرارات الأخرى التي تتضمن تعديل قانوني العمل والضمان الاجتماعي. لكن لا يمكن تجاهل آراء رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، خالد الفنطاسة، الذي يعتبر أن رفع الحد الأدنى للأجور هو حق وواجب بعد خمس سنوات من الجمود.
على الرغم من أن زيادة الأجور قد تعزز العدالة في سوق العمل، إلا أن هناك مخاوف من تأثير ذلك على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي قد تجد صعوبة في تحمل تكاليف أجور أعلى. وهذا قد يؤدي إلى تقليص فرص العمل أو زيادة معدلات البطالة في بعض القطاعات.
وبالنظر إلى هذه الأبعاد، من الضروري أن تتبنى الحكومة إجراءات موازية تشمل تحسين السياسات الاقتصادية، وضبط الأسعار، وتعزيز برامج الدعم والحماية الاجتماعية للفئات الفقيرة والمتوسطة. فعلى الرغم من أهمية رفع الحد الأدنى للأجور، إلا أنه يجب أن يكون جزءاً من حزمة شاملة من الإصلاحات الاقتصادية التي تسعى إلى معالجة جذر المشاكل التي يعاني منها المواطن الأردني.
في النهاية، يبقى التساؤل: هل ستتمكن الحكومة من تنفيذ خطط متكاملة تساهم في تحسين الوضع المعيشي للأردنيين، أم سيبقى المواطنون رهائن للأزمات الاقتصادية المستمرة؟