هلا نيوز / عمان
د. مفضي المومني.
2024/9/12
انتهى الاستحقاق الانتخابي… بكل شجونه وفنونه… ومارسنا عبثنا.. وخبثنا… وصلاحنا… وطلاحنا… وقفنا هنا واصطففنا هناك…30% انتخبوا و70% مارسوا الغياب بعضهم حزب الكنبه والبعض متشائم وقانط… وبعضهم فضل حضور مباراة المنتخب على التصويت..! وخرجنا بمجلس بالنهاية كيفما اتفق..!
اعجبتني همة المترشحين وجهودهم الجبارة… في المهرجانات والحملات الاعلامية والصور المفلترة التي غطت واقتحمت الطرقات واعمدة كل شيء… لا بأس… والكنافة الخشنة واحيانا الناعمة كانت هدف البعض… والمناسف لم تغب… وفوق هذا وذاك الفزعات والخطابات الممجوجة والمكررة…والعرمرمية.. وقلتها… تمنيت أن يبقى المترشحون الفائزون بذات الهمة والإنطلاق في الاداء النيابي.. ولو بنسبة 10% ولا اعمم… لكي نبعد فكرة مجلس الديكور…والنوام عن ذهنية الناس…!
ربما كان مجلس ال 89 اخر عهد لنا بالمجالس النيابية الحقيقية… فبعدها… سعت الحكومات والسفارات ومن هم خلف الكواليس لافراغ المجالس النيابية من مضمونها… وتدجينها حتى اصبحت دائرة تابعة لقسم في مهاجع الحكومات… واصبحت المفاهيم النيابية مقلوبة… فبدل أن تخطب الحكومات ود النواب… اصبح بعض النواب يتسكعون على فتات الحكومات وعطاياها… من اكراميات… لتوظيفات… لمناصب… وعود توزير… والقائمة تطول… واصبح المشهد منتهكاً لكل أصول النيابة وسلطة ممثلي الشعب في التشريع والرقابة… ولم نرى أي معارضة أو معاناة للحكومات لتمرير كل ما ارادت… واصبحت ال (الو..) هي محرك الكثيرين وهم متبرعين بالاصل…!
الحكومات القوية والديموقراطية تحتاج لمعارضة قوية… وهذا شأن كل الديموقراطيات الحقيقية في العالم… ونجحنا في تدجين الديموقراطية بعد أن افرغناها من مضمونها بكل صلافة… معتقدين أن هذا في مصلحة البلد…وأننا في (لعبة شد الحبل) والصحيح أن غياب المعارضة الوطنية الحقيقية تقويض للحكومات ومصلحة البلد واضعاف لمواقفنا أمام القوى المهيمنة… ولو من باب ذر الرماد في العيون..!
اشهد هذه المرة أن من يحرك المشهد… حاول قليلا… وغض الطرف كثيرًا… ولم يكرر الممارسات السابقة في هندسة الانتخابات.. ولهذا أخذ حزب جبهة العمل الأسلامي استحقاقه من النواب… وبإرادة الناخب… الذي لم تقنعه كل الأحزاب الوليدة والمهجنة…رغم الترويج والدعم الحكومي…! بالمختصر يسميها الناس أحزاب الحكومة…! ولا نخفي توقعات الكثير من المطلعين قبل الانتخابات بأن هذه الاحزاب ستحوز حصة الأسد… ولكن ثبت عكس ذلك… وهذا بعث ارتياحاً بأن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح.
المرحلة تتطلب مجلس نواب قوي معارض ومراقب جدي للحكومات… فالحكومات استسهلت الإختباء تحت عبائة الملك ووضعته دائما بمواجهة الخارج والداخل…وهذا اثقل كاهل الملك… ووضعه بمواجهة العالم… وتحمل الضغوطات والتي هي ليست بصالح البلد…ونسيت أن نظام الحكم هو نيابي ملكي… والاصل أن تعمل الحكومات بولايتها… ورقابة النواب ومعارضتهم الوطنية… وأن لا تسعى لتحجيم دورهم… فمعارضتهم قوة لقرارها… ودعماً للملك… وأن لا نكرر اغلاطنا بشيطنة المعارضة ..ووسمها بعدم المولاة…وانتفاء الوطنية..! واصر هنا على المعارضة الحقيقية الوطنية البرامجية… وليس معارضة اليوتيوب… وغيره.
الحكومة الحالية ومن سبقها… افقدونا الثقة بالاصلاح… والتطوير… لأن المعلن شيء والفعل شيء آخر في مواقف سابقة… إذ لا يستوي الإصلاح مع تهميش النواب والمعارضة… وربما ادرك عقل الدولة أن المرحلة تتطلب اشراك الجميع والخروج من بعبع الاخوان والمعارضة… فكانت النتائج مقنعة هذه المرة… وبالمقابل يطلب من المعارضة والتي سيمثلها الاسلاميون في الغالب أن تكون على قدر المسؤولية وأن تبتعد عن المغالبة وركوب الأمواج… الى كل ما هو في مصلحة بلدنا… وأن نتفق أننا جميعا نحب بلدنا ولا يزاود أحدنا على الآخر فحب الأوطان ليست وجهة نظر… وما دون ذلك قابل للاختلاف والاجتهاد دون اصطفافات تفرق ولا تجمع…!
نتأمل خيراً… فالديموقراطية… ليست مزاج ولا هيمنة ولا سيطرة… الديمقراطيات التي لا تنجح ببناء وتقدم الاوطان فاشلة…والديكتاتوريات اثبتت دائماً فشلها… فالشرق شرق والغرب غرب… وبين كل هذا يجب أن نتلمس جميعاً طريق الإصلاح وأن لا نسعى لتحجيم من يخالفنا الرأي ونستبعده ونحيده…!، يجب أن نفتح مجالا لنشر ثقافة الفكرة تواجه الفكرة…وكلنا للوطن… وسنرتقي إن فعلنا ذلك… وإلا سنبقى لا سمح الله مكانك سر… من فشل إلى فشل… فتفكروا يا حكومة ويا نواب… ويا جماعة… حمى الله الاردن.