مما لا شك فيه ان النتائج المبهرة لعملية طوفان الأقصى التي نفذها رجال المقاومة في قطاع غزة يوم أمس تؤكد ان قرار بدء العملية لم يكن وليد الساعة وان التخطيط لها أخذ وقتا طويلا واستند المخططون على معلومات استخبارتية مكنتهم من تحديد ساعة الصفر وسهولة العبور الى الداخل الفلسطيني وتنفيذ المهام بدقة متناهية قبل ان يتنبه العدو فكان هذا الكم الكبير من القتلى من جنود الإحتلال وكذلك الأسرى الذي شمل عددا من كبار قادتهم اضافة الى السيطرة على عدد من المستوطنات والإستيلاء على اليات عسكرية ثقيلة واسلحة مختلفة والإستمرار بمقارعتهم لليوم الثاني على التوالي محافظين على معنوياتهم العالية .
القراءة الأولى ان المقاومة الفلسطينية نجحت بالحصول على معلومات دقيقة مكنتهم من تحديد ساعة الصفر ومثل ذلك لا يتم دون ان يكون لهم اعوان ( عملاء ) لتزويدهم بما يجب من معلومات عسكرية تساعدهم على وضع الخطة التي تمكنهم من تنفيذ العملية وتحقيق أكثر مكاسب ممكنة وهذا يؤكد ان قوات الإحتلال التي تتفاخر بعملائها في غزة والمدن الفلسطينية هي مخترقة ايضا .
والقراءة الثانية في نتائج العملية والذي لا يتوقف عند العدد الكبير من قتلى قوات الإحتلال الذي زاد عن 700 قتيل بحسب ما نشرته العديد من وسائل الإعلام العبرية بل في عدد الضباط والجنود الذين اسرهم رجال المقاومة ولم يتم الإعلان عنهم حتى الآن وكذلك في الوثائق التي تم الإستيلاء عليها .
فالأسرى والوثائق بحد ذاتها كنز عظيم للحصول على المزيد من المعلومات العسكرية التي تحتاجها قيادات المقاومة والأهم هنا ما سيتم الكشف عنه من معلومات بخصوص اسماء العملاء المتعاونين مع الإحتلال حيث من المستحيل على اية قوات نظامية في العالم ان تحدد اهدافها في الدولة المعادية لها على سبيل المثال دون الإعتماد على عملاء لها من داخل الدولة المستهدفة .
والقراءة الثالثة ما اصاب المدنيين من سكان المستوطنات والعديد من المدن التي وصلتها صواريخ المقامة من هلع وخوف وهم الذين كانوا على يقين ان جيشهم لا يُقهر حيث انكشف لهم زيف ما كان يعتقدون وأن اصحاب الحق ( الفلسطينيين ) مصرون على استعادة اراضيهم المغتصبة ولو بعد حين .
والقراءة الرابعة تتمثل في تداعيات العملية على مستقبل دولة الإحتلال محليا ودوليا وكذلك الدول الداعمة لها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والذي بان من حادثة اقدام شرطي مصري في اليوم الثاني من العملية على اطلاق النار على فوج من السياح الإسرائيليين وقتل اثنين منهم وهذه رسالة الى جميع دول العالم ان نظرة الشعوب العربية الذين ابتهجوا بنتائج العملية لم تتغير ولن تتغير حيال الكيان الإسرائيلي ميقنين بزواله يوما ما ولن يُثنيهم سعي اسرائيل المستمر للتطبيع مع قيادات انظمتهم واستذكر في هذا السياق ما قاله المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال يوم توقيع ما سمي بمعاهدة السلام انه ( خيار استراتيجي ) نظرا لضعف الأمة وسيطرة القوى العظمى .
وفي الختام على قيادات دولة الإحتلال ان يُعيدوا حساباتهم حيال حلمهم باقامة دولة كبرى باستحالة تحقيقه ولن تنفعهم اعتى الأسلحة ما دام على الأرض من أمثال من نفذوا عملية طوفان الأقصى .