هلا نيوز – عمان
قد يتعجب البعض من عنوان المقالة لأن الملايين من المسلمين يقرأون القرآن بانتظام وعدد ليس بالقليل منهم يقرأه كاملاً في رمضان ولا يكف الناس عن الكلام في الدين في المجامع والطرقات وحتى في المقاهي والأماكن العامة.
فهل من الممكن أن يكونوا غافلين عن أمور كثيرة جاءت في القرآن الكريم ولكنها ليست حاضرة في فكر الكثيرين منهم؟!
والإجابة هي: نعم…. فهناك أمور كثيرة في القرآن لا يقف عندها الكثيرون ليتفكروا أو يتدبروا فيها وربما لا يعرفونها من الأصل.
ومن هذه الأمور هو ما يلي:
أولاً: أن القرآن الكريم أمر بوضوح بالرد على الإساءة بالإحسان فقال صراحة “ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ” (المؤمنون 96). وقد يقول قائل وماذا عن قوله تعالى “وَجَزَٰٓؤُاْ سَيِّئَةٍۢ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ ” (الشورى 40). والفارق كبير فالآية الأولى هي بفعل الأمر أي أنه “أمر” من الله أما الآية الثانية فهي وصف للجزاء العادل للشيء وليس فعل أمر من الخالق وتلاها القرآن بقوله “فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ “. وفي هذا السياق نحب أن نوضح أن القرآن فرق بين “السيئة” و “العدوان” والأخير فيه تهديد لحياة الإنسان وليس خطأً في حق إنسان أثناء الحياة العادية.
ثانياً:
أن القرآن يمنع الرجل أن يمس زوجته إن رآها في أحضان رجل غريب في حالة زنا، وأعطاه فقط الحق أن يشتكيها إلى القاضي كما جاء في الآيات الكريمة التالية من سورة النور”والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين – والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين – ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين – والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين – (سورة النور آية 6-9) .
ثالثاً:
أن القرآن أمر الرسول أن يقتدي بالرسل الآخرين فقال له صراحة “أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ ۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقْتَدِهْ ۗ ” (الأنعام 90).
رابعاً:
أن القرآن ذكراً شيئاً وحيداً عما سيقوله الرسول عليه السلام يوم القيامة عن أمته. وهذا الشيء هو ما جاء في الآية التالية “وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِى ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ مَهْجُورًا” (الفرقان 30).
خامساً:
أن موقف القرآن واضح من مبدأ الشفاعة يوم القيامة وهل سيأذن بها الرحمن أم لا! فقال القرآن بوضوح في وصف يوم القيامة “يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَٰعَةٌ” (البقرة 254).
سادساً:
أنه ليس من حق أي إنسان أن يحكم على حساب الآخرين فيقول إنهم سيدخلون النار أو سيدخلون الجنة. فتبعاً للقرآن الكريم فإن الرسول نفسه لا يعرف ذلك وليس من حقه أن يصدر أحكاما على الآخرين في هذا الشأن أي حساب البشر يوم القيامة فكما جاء في القرآن “وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ ” (الأحقاف 9) وقوله تعالى أيضاً “وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرْهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓ” (المؤمنون 117).
سابعاً:
أن القرآن يرفض نشر الدين من خلال الحروب فقال بوضوح “ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ” (النحل 125) ولم يقل ادع إلى سبيل ربك بالحروب والغزوات!
ثامناً:
أن الرد الوحيد المقبول عند الله كرد على ازدراء الدين هو أن يترك الإنسان مجلس السخرية بهدوء ويعود للجلوس مرة أخرى إذا تغير طريقة الحديث. فكما قال القرآن بوضوح “وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِۦٓ ۚ” (النساء 140).
تاسعاً:
أن القرآن أعطى المرأة حق ترك الزوج أو الانفصال عنه بإرادتها منذ وقت نزوله فقال “فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ” (البقرة 229) وهو ما يعرف بالخلع وأن الفقهاء هم من حرموا المرأة من هذا الحق الإلهي عبر التاريخ.
عاشراً:
أن هناك 3 شروط فقط للقبول عند الله لدخول الجنة وهي كما جاءت في الآية الكريمة “إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّٰبِـُٔونَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ وَعَمِلَ صَٰلِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” (المائدة 69).
وأتمنى أن يتفكر الكثيرون في هذه الآيات!