حظي لقاء جلالة الملك عبد الله الثاني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وشخصيات مقدسية أمس، بأهمية خاصة من حيث التوقيت والموضوع والظروف تأكيدا للتلاحم والانسجام في الموقفين الأردني والفلسطيني، والتأكيد على الوصاية الهاشمية وإيصال رسالة مفادها بأن الأقصى والشعب الفلسطيني ليسوا وحدهم.
وجاء اللقاء في وقت عصيب تواجه فيه القضية الفلسطينية، وجوهرتها القدس تطورات وتحديات متسارعة يجب الوقوف في وجهها، خاصة في ظل سياسة حكومة الأحزاب الإسرائيلية اليمينية المتشددة التي تتبع سياسة يومية من مسلسل الاقتحامات والتوسع الاستيطاني والتشريعات العنصرية والتضييق الشامل على الأهل في فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص.
وقال أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان إن هذا اللقاء الأخوي يأتي تأكيدا للثوابت الأردنية المستندة إلى تاريخ عريق من تضحيات وبطولات الشعب الأردني تتقدمها التضحيات والمواقف الهاشمية تجاه فلسطين، فإرث الحسين بن علي قائد النهضة العربية، وعبد الله الأول شهيد الأقصى وموحد الضفتين وكل ملوك وأمراء بني هاشم الأخيار، ما تزال وستبقى منارة يهتدي بقداستها جلالة الملك عبد الله الثاني المتمسك بعروبة وهوية القدس الحضارية الإسلامية والمسيحية، وبحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وأضاف أن لقاء رمضان المبارك الذي يتزامن مع مبادرات مستمرة لجلالة الملك، ومنها وقفية كرسي الأمام الغزالي، ووقفية المصطفى لختم القرآن الكريم في المسجد الأقصى المبارك، بالإضافة إلى توجيهاته السامية للجميع بدعم القدس، وكذلك حراكه الدبلوماسي الدولي النشط بغية حشد الرأي العام الدولي الحر لنصرة فلسطين والقدس، تسهم كلها في التخفيف عن أهلنا في فلسطين والقدس، وتعزز من رباطهم وصمودهم.
وزاد، إن اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد أن الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس التي أكدتها، بل وتمسكت بها دول العالم وجميع تصريحات ومواقف جلالة الملك، هي عقيدة الأردنيين وتاريخهم الطويل ووجدانهم، وهي نهجنا وخارطتنا في النضال لأجل فلسطين، وهي عنوان المسيرة الأردنية الخالدة في مساندة أهلنا في فلسطين لمواجهة الاحتلال والمخططات الصهيونية المتمثلة بمحاولة إسرائيل تغيير الوضع التاريخي القائم ( استاتسكو)، ومحاولة هدم المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، ومساعي تهويد مدينة القدس العربية وفقاً للرواية الأسطورية التوراتية المختلقة التي نسفتها الدراسات والدلائل التاريخية الصحيحة بما فيها الغربية والإسرائيلية نفسها.
وأوضح أن سياسة الفصل العنصري (الابارتهايد) الإسرائيلية ودبلوماسية إرضاء الأحزاب الصهيونية ومؤيديها من المستوطنين في ظل تجاذبات ما يسمى بالإصلاح القضائي، جعلت من الشعب الفلسطيني ومقدساته وأرضه ساحة تمارس فيها إسرائيل جرائمها، ما يستدعي التدخل والحماية الدولية الفورية لرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني، وتوحيد الصف الفلسطيني والعربي والإسلامي.
وأكد أن حكمة جلالة الملك عبد الله الثاني وثباته على موقفه تجاه القضية الفلسطينية وجوهرتها القدس ومواصلته العمل الدؤوب على رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والشد من عزيمتهم أهلها ورفع معنوياتهم، جميعها مواقف عملية تؤكد للقاصي والداني بأن فلسطين والقدس في ضمير الهاشميين على الدوام.
وقال رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية في جامعة القدس الدكتور أحمد رفيق عوض إن هذه الزيارة جاءت في وقتها وظروفها و مضمونها لتأكيد التلاحم والانسجام في الموقفين الأردني والفلسطيني بشأن مجريات الصراع مع المحتل وترسيخ الدور الأردني في الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، ولا سيما مع تصاعد العدوان عليها من المتطرفين الإسرائيليين ضمن سياسة علنية لا تخفي نهجها لتغيير الأوضاع في منطقة الحرم القدسي الشريف.
وأضاف أن الزيارة التي أصبحت سنة حميدة في كل رمضان تندرج في إطار تنسيق المواقف وتأكيد الوحدة، وكذلك إرسال رسالة واضحة لحكومة الاحتلال بأن الأقصى ليس وحده والشعب الفلسطيني ليسوا وحدهم، وكذلك تأتي الزيارة على خلفية القرارات العنصرية والمتطرفة لحكومة نتنياهو التي لا تخفي نواياها بتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، فجاءت تصريحات جلالة الملك في زمانها تماما للتحذير واستباق كل خطوة لتهديد أمن المنطقة كلها.