بعملية “الصدمة والترويع” بدأت الولايات المتحدة غزو العراق فجر يوم 20 مارس 2003 بمشاركة قوات بريطانية وأسترالية وبولندية، وانتهت بإسقاط نظام صدام حسين واحتلال البلاد.
دوي الانفجارات بدأ يسمع في بغداد الساعة 05:30 من صبيحة يوم 20 مارس 2003، وكان ذلك إيذانا بانطلاق عملية الغزو التي لم تدم مرحلتها الأولى أكثر من 26 يوما.
السلطات الأمريكية في حمى حربها في ذلك الوقت وفق شعار “من ليس معنا، فهو ضدنا”، الذي رفعه الرئيس جورج بوش الابن عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، وعدت بالعثور أخيرا على أسلحة الدمار الشامل، وبقطع العراق “علاقاته” بالإرهابيين، وفي نفس الوقت، إيصال الديمقراطية إلى شعبه.
أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة، رًوج لها بتزييف الأدلة وتلفيقها كما تأكد ذلك لاحقا، كما لم يجد الأمريكيون أي دليل يسند مزاعمهم عن علاقات لنظام صدام حسين بالإرهابيين.. بقيت الديمقراطية، وهي لم تصل إلى العراق حتى الآن بعد 20 عاما من غزوه.
لم يرف للولايات المتحدة جفن، واستبدلت تسمية غزوها المدمر والوحشي “الصدمة والترويع” باسم آخر هو “حرية العراق”.
بهذا الاسم في العام التالي 2004 نفذت الولايات المتحدة عمليتين ضخمتين لاحتلال مدينة الفلوجة، أعقبها صراع دام طويل استمر تسع سنوات، بعد أن كانت ظنت أنها احتلت العراق في أسابيع معدودة.
مهدت واشنطن لغزو العراق بإعلان وزير الخارجية الأمريكي كولن بأول لأول مرة في فبراير 2002 عن احتمال “تغيير النظام” في العراق، في حين أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عد في حديثه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 سبتمبر 2002، صدام حسين “”خطرا جسيما”، وتوعد بغداد بعمل عسكري لا مفر منه إذا رفضت الامتثال لمتطلبات الأمم المتحدة لنزع السلاح!
بعد توقيع بوش على قرار للكونغرس يجيز استخدام القوة ضد صدام حسين، سمح مجلس الشيوخ الأمريكي في 17 أكتوبر 2002 بأكبر زيادة في الاعتمادات العسكرية خلال السنوات الـ 20 الماضية، بمقدار 37.5 مليار دولار، لتصل إلى 355.1 مليار دولار.
جورج بوش الابن وعد في خطاب للأمريكيين في 28 يناير 2003، بتقديم دليل على أن بغداد كانت تخفي أسلحة دمار شامل، وعرض علاوة على ذلك، قيادة تحالف مناهض للعراق في حالة نشوب صراع عسكري.
بدأت عملية الغزو الأمريكي صباح يوم 20 مارس 2003 من دون تفويض من الأمم المتحدة، تحت قيادة القيادة المركزية الأمريكية ومقرها الرئيس في قاعدة ماكديل الجوية بولاية فلوريدا.
بلغ إجمالي عدد القوات الأمريكية والبريطانية التي شاركت في عملية غزو العراق في مرحلتها الأولى 280 ألف عسكري، مدعومة بقوة جوية للتحالف تزيد عن 700 طائرة مقاتلة، وبأكثر من 800 دبابة أمريكية من طراز “إم -1 أبرامز”، وحوالي 120 دبابة بريطانية من طراز تشالنجر، وأكثر من 600 مركبة مدرعة أمريكية من طرازي “إم -2″ و”إم -3 برادلي” وحوالي 150 مدرعة بريطانية.
عشية بدء الغزو الأمريكي دخلت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة المنطقة منزوعة السلاح على الحدود بين الكويت والعراق. في نفس اليوم، أمر جورج بوش ببدء الاجتياح.
بدأ الغزو صباح 20 مارس بضربات بواسطة صواريخ كروز البحرية وذخيرة طيران دقيقة موجهة، ضد أهداف عسكرية استراتيجية وعدد من المنشآت الحكومية في مدينة بغداد، فيما بدأت القوات الأمريكية على الحدود بين الكويت والعراق في التمهيد بقصف مدفعي مكثف، عبرت إثره مفارز من مشاة البحرية وفرقة المشاة الآلية 3 الحدود العراقية الكويتية وبدأت العملية البرية لاحتلال العراق.
احتلت قوات التحالف مركز البصرة في 6 أبريل 2003، كما تمت السيطرة بالكامل على مدينة كربلاء، وسقطت بغداد في 9 أبريل، تلتها كركوك والموصل يومي 10 و11 أبريل، فيما تمت السيطرة على تكريت، مسقط رأس الرئيس العراقي صدام حسين في 14 أبريل.
أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في 1 مايو 2003 انتهاء العمليات العسكرية وبداية الاحتلال العسكري للعراق.
قبض الأمريكيون على الرئيس العراقي صدام حسين في 13 ديسمبر 2003 في بلدة الدور بمحافظة صلاح الدين، وانتهى بهم المطاف إلى تسليمه لخصومه وإعدامه شنقا في 30 ديسمبر 2006.
عقب احتلال العراق، تفجر عنف طائفي أودى بحياة عشرات الآلاف من العراقيين.. وتحول البلد لسنوات إلى ساحة للخراب والدمار تفجرت فيها نوافير دماء المدنيين الأبرياء.
بوقت لاحق في نوفمبر 2008، أقرت الحكومة والبرلمان العراقيان اتفاقا بشأن انسحاب القوات الأمريكية من البلاد وتنظيم إقامتهم المؤقتة على أراضيها.
في شتاء عام 2009، جرى سحب 90 ألف جندي أمريكي من البلاد، وتبقى في العراق بعد 31 أغسطس 2010، أقل من 50 ألف جندي، فيما ألقى الرئيس الأمريكي حينها، بارك أوباما خطابا للأمة في 31 أغسطس 2010 ، أعلن فيه انتهاء المرحلة النشطة من “العملية العسكرية في العراق”.
يوم 15 ديسمبر 2011، أقيم حفل رسمي بالقرب من بغداد كُرس لانسحاب الجيش الأمريكي من العراق والنهاية الرسمية للحرب في هذا البلد.
خلال تلك المراسم، أنزل وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا، راية القوات الأمريكية في العراق، ما يمثل رمزيا نهاية مهمتها، فيما غادر آخر رتل من القوات الأمريكية العراق في 18 ديسمبر 2011.
شارك في عملية “حرية العراق” في أوقات مختلفة ما يصل إلى 49 دولة، وكانت أكبر الوحدات بعد الولايات المتحدة من نصيب بريطانيا وصلت إلى 45 ألف عسكري، وإيطاليا بعدد 3200 عسكري، وبولندا بـ 2500 عسكري، وجورجيا 2000 عسكري وأستراليا 2000 عسكري، فيما بلغ الحد الأقصى لعدد الوحدات العسكرية الأمريكية في العراق 170 ألف شخص.
قتل للأمريكيين في عمليات غزو واحتلال العراق 4486 جندي وضابط أمريكي، فيما سقط للبريطانيين 179 عسكريا، وفقدت 21 دولة أخرى 139 عسكريا.
أما الخسائر البشرية في صفوف العراقيين فتقدرها بعض المصادر بـ 300 ألف شخص، في حين أن شركة ” IIACSS” البحثية تؤكد أن الرقم يصل إلى مليون شخص.
الأمر اللافت أن عملية الغزو الأمريكي للعراق التي بدأت في عام 2003، وانتهت رسميا في 2011، لا تزال مضاعفاتها تعمل في هذا البلد ضاربة إياه بين الحين والآخر بما خلفته من أحقاد وعداوات وإرهاب وجد تربته الخصبة في أبو غريب والمعتقلات الأمريكية الأخرى.