يعرف البوتوكس بخصائصه التي تعمل على القضاء على التجاعيد. لكن الباحثين يعتقدون أن الحقن قد تكون لها فائدة أخرى، وهي درء الكآبة.
ويعتقد الباحثون الألمان أن البوتوكس قد يساعد المرضى الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية، والذين غالبا ما يعانون من الاكتئاب.
ويُعد اضطراب الشخصية الحدية اضطرابا في الصحة العقلية يتسبب في أن يعاني المصابون من عدم الاستقرار العاطفي وأنماط التفكير المضطربة والسلوك الاندفاعي. بحيث يؤثر في طريقة تفكيرك في نفسك وشعورك بها وبالآخرين، ما يؤدي إلى مشاكل في مهام الحياة اليومية، بحسب مؤسسة “مايو كلينك”.
ويعمل البوتوكس عن طريق إرخاء عضلات الوجه لتنعيم الخطوط والتجاعيد. ويدعي الباحثون أن هذه التأثيرات نفسها، التي تستمر لمدة ثلاثة أشهر، هي المسؤولة عن أي فوائد للصحة العقلية.
بمعنى أن منع الناس من العبوس، عن طريق تجميد عضلات الجبهة اللازمة للقيام بذلك، يمنع المتلقين من تجربة الحالة المزاجية السلبية بشكل مكثف، وفقا لنظريتهم.
وقال فريق كلية الطب في هانوفر إن مادة البوتوكس “يمكن أن يكون لها دور” في علاج الأمراض العقلية.
ويعمل البوتوكس عن طريق حقن مادة سامة تعرف باسم البوتولينوم في الجلد، والتي تثبط مؤقتا الخلايا العصبية المسؤولة عن إرسال إشارات محددة إلى العضلات.
وكشف الدكتور أكسل وولمر، الطبيب النفسي بجامعة سيميلويس وكبير مؤلفي الدراسة: “تقدر منظمة الصحة العالمية أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب يبلغ نحو 280 مليونا. والعلاجات الراسخة مثل العلاج النفسي أو مضادات الاكتئاب لا تعمل بشكل كاف في حوالي ثلث المرضى، لذلك هناك حاجة لتطوير خيارات علاج جديدة، وهنا يمكن أن يكون لحقن البوتوكس دور”.
وفحص الفريق بيانات عن 45 امرأة، جمعت بين عامي 2016 و2019 كجزء من تجربة إكلينيكية. وكانوا جميعا يعانون من اضطراب الشخصية الحدية.
وتلقى نصفهم تقريبا حقنة بوتوكس واحدة في المنطقة الواقعة بين الحاجبين حيث تظهر خطوط التجهم.
وأعطيت مجموعة العلاج الوهمي جلسات الوخز بالإبر لمدة 20 دقيقة – واحدة في بداية الدراسة والثانية بعد أسبوعين.
وخضع المشاركون لفحص بالتصوير بالرنين المغناطيسي، وأكملوا الاختبارات التي تصنف أعراض اضطراب الشخصية الحدية قبل وبعد العلاج.
وتظهر النتائج، التي نُشرت في مجلة Scientific Reports، أنه بعد أربعة أسابيع، أفاد المشاركون في كلا المجموعتين أن أعراض الاضطراب لديهم خفت.
ومع ذلك، بعد العلاج، أبلغ متلقو البوتوكس فقط عن سلوكيات أقل اندفاعا. وقال الباحثون إن هذا الاكتشاف يتوافق مع بيانات مسح الدماغ، والتي أظهرت أن هناك نشاطا أكبر في القشرة الحركية، وهي منطقة من الدماغ تشارك في التحكم والتخطيط.
كما أظهرت نتائج المسح أيضا أن أولئك الذين تلقوا البوتوكس هدأ النشاط لديهم في منطقة اللوزة في الدماغ، والتي تعالج الخوف.
وأوضح الفريق أن دراستهم تقدم “الدليل الأول” على أن البوتوكس “قد يعدل الجوانب العصبية الحيوية والسلوكية المركزية لاضطراب الشخصية الحدية”.
وأشاروا إلى أن هذا يرجع إلى أن السم الذي يقطع التفاعل بين عضلات الجبهة والدماغ، والذي بدوره يغير استجابة الناس العاطفية.
وتؤدي الحالة المزاجية السلبية إلى تقلص العضلات بين الحاجبين، ما يؤدي إلى ظهور خطوط التجهم. لكن البوتوكس يشل هذه العضلات بشكل فعال.
ووفقا للبروفيسور تيلمان كروجر، أحد مؤلفي الدراسة، فإن الارتباط الوثيق بين الحالة المزاجية وتعبيرات الوجه، المعروفة باسم نظرية ردود الفعل على الوجه، يعني أن الأشخاص غير القادرين على التجهم يمرون بمشاعرهم السلبية بشكل أقل كثافة. والجبين المريح ينقل شعورا أكثر إيجابية، إذا جاز التعبير”.
وأشار الباحثون إلى أن الأطباء لم يقدموا بعد البوتوكس كعلاج للأمراض العقلية. ومع ذلك، يقول البروفيسور كروجر إنه يأمل أن يتغير هذا عندما يتم البحث بشكل أفضل عن آلية النتائج التي توصل إليها فريقه.