مقالات – هلا نيوز
حشدت دولة الإمارات العربية المتحدة جهدا سياسيا كبيرا لتأمين انعقاد قمة مؤتمر الأطراف الخاصة بالبيئة (كوب 28) التي افتتحت أعمالها أول أمس الخميس، كما أنها عقدت آمالا كبيرة على الاستفادة القصوى من هذا الحدث العالمي الذي يجمع قادة العالم تحت راية حماية الأرض من الاحترار المناخي.
أحد الأهداف الرئيسية التي توخّتها أبو ظبي من تلك القمة كانت إظهار دورها المركزي في إدارة عمليات التطبيع العربية مع إسرائيل، وكان حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المدعوّ للقمة، إحدى طرق التعبير عن تلك الأهداف.
تعرّضت خطط هذا الاستثمار الكبير لضربة كبيرة بعد عملية 7 تشرين أول/أكتوبر وبدء الحرب الإجرامية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في القطاع، بالتزامن مع ارتفاع منسوب هجمات الجيش والمستوطنين على أهالي الضفة الغربية، وبدلا من الاحتفالات التطبيعية المأمولة إماراتيا عاش الفلسطينيون، وراقب العالم، فصول الرعب الهمجيّة الإسرائيلية، مما رفع مدّ الاحتجاجات الشعبية في العالم الغربي، ومشاعر الغضب والأسى الشعبية العربية.
تراجع «العرس» التطبيعي أمام مشاهد الرعب والتوحّش والإبادة، وخسرت صفقة استثمار وجود نتنياهو، الذي كان، لو حضر، سيصبح هدفا كبيرا لاحتجاجات نشطاء المناخ، ومصدرا للإحراج والاستخزاء لمضيفيه أو مقابليه.
رافقت المؤتمر، منذ الإعلان عن استضافة الإمارات له الكثير من المفارقات، منها اختيار أبو ظبي لسلطان أحمد الجابر، الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبو ظبي، لرئاسة مؤتمر المناخ، وهو ما صعّد الكثير من الاحتجاجات، منها رسالة من البرلمان الأوروبي والكونغرس الأمريكي تعتبر التعيين مجازفة بتقويض المفاوضات حول مكافحة تغير المناخ، وانضاف إلى ذلك كشف وسائل إعلام عالمية لأن الإمارات ستسعى لاستخدام المؤتمر لإنجاز صفقات نفط وغاز، وهو ما دفع عضوا في المجلس الاستشاري الرئيسي للمؤتمر لإعلان استقالتها أمس معتبرة ما تقوم به أبو ظبي «يقوض نزاهة رئاسة المؤتمر والعملية برمتها».
يضاف إلى كل ذلك طبعا، أن الإمارات، وفي كل حدث تستضيفه، تتعرض لانتقادات أممية ودولية وحقوقية فيما يخص بسجلها في مجالات حقوق الإنسان وحرية التعبير.
رغم انحسار هدف التطبيع مع إسرائيل خلال انعقاد المؤتمر، فإن الحرب القائمة على غزة يجب أن تدفع الدول المشاركة في المؤتمر للتفكير في المفارقات والتناقضات التي تترتب على ما تقوم به إسرائيل حاليا، من أفعال القتل الجماعي وتدمير للبنى التحتية وخدمات المياه ودفع قرابة مليوني شخص للنزوح، من دون أن نتحدث عن شروط الحصار السابقة التي كان يرزح أهل القطاع تحتها.
من المعلوم أن نصف عمليات انبعاث الغازات في العالم ترتبط بعمليات البناء والهدم، كما أن العمليات الحربية تساهم مباشرة في الاحترار العالمي، فلو احتسب الجيش الأمريكي بلدا لاحتل الرقم 47 في قائمة أكثر الدول الملوثة في العالم، وعليه فإن اشتراك فلسطينيي القطاع مع باقي سكان الكرة الأرضية في المعاناة من آثار التغير المناخي، ينضاف إليه معاناتهم من التمييز العنصري الممارس ضدهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يحتكر أرضهم وماءهم ويحاصرهم، وفوق كل ذلك نكبتهم الحالية مع العدوان المستمر ضدهم.