أنهى ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال تحديات الواقع ورهانات المستقبل الذي ينظمه مركز حماية وحرية الصحفيين أعمال يومه الأول بمشاركة عدد كبير من الإعلاميين والنقابيين والدبلوماسيين والخبراء ومنظمات محلية وعربية وأجنبية.
انطلقت أعمال الملتقى الأحد في عمّان وتستمر لثلاثة أيام متواصلة حيث جرى في اليوم الأول مناقشة جملة من الأسئلة والتحديات التي ركزت غالبيتها على منصات التواصل الاجتماعي وحرية التعبير وخطاب الكراهية توزعت على سبع جلسات.
وزير العمل السابق معن القطامين شدد على الحاجة لميزان حقيقي للتوصل إلى تقدير أهمية المعلومات المقدمة من خلال المنصات وتقدير خطورتها.
وحول مظاهر التأثير على المجتمعات بسبب المنصات، قال القطامين “كنا في سبعينيات القرن الماضي نشاهد من 500 -1600 إعلان في اليوم الواحد، أما الآن فنشاهد يوميا 4000 – 10000 إعلان”.
وأكد المتحدثون أن منصات التواصل الاجتماعي “لن تحل مكان الإعلام التقليدي والاتصال وكلاهما يكملان بعضهما بعضا”.
وقال الرسام الكاريكاتوري عماد حجاج إن منصات التواصل الاجتماعي كان لها فوائد ومضارّ.
وتابع: ” منصات التواصل الاجتماعي فرضت علي كفنان تغييرا، ففن الكاريكاتير اختلف مع كل تحديات السوشيال ميديا فالكل يقوم بالتقليد ونسخ الأفكار لكن العبرة في الابتكار والإبداع”.
وحول آثار الذكاء الاصطناعي على الفن، قالت الفنانة زين عوض إن “الذكاء الاصطناعي له قدرة على أخد الأصوات ووضعها بأماكن أخرى، لكن ذلك لا يلغي وجود الفنان، لأن الفنان سيناريو قائم بحد ذاته، وبدلا من أن نأخذ صوت أي فنان ونقتحم خصوصيته، الأولى أن نعيد توزيع تراثنا القابل للاندثار وهو ليس خطرا كبيرا لكنه شيء مزعج”.
وعبرت عوض عن استيائها من الذكاء الاصطناعي من خلال إتاحته إمكانية تغيير أصوات المغنين إلى أغانٍ أخرى بأصوات مختلفة، وهذا يعمل على اقتحام خصوصية الشخص، مضيفة بقولها “يجب أن نستفيد من الذكاء الاصطناعي بطرق أفضل من استنساخ الأصوات”.
من جهتها أكدت الناشطة ديما فراج أن الناشط على منصات التواصل الاجتماعي “لا يمكن أن يحل محل الإعلامي والعكس صحيح، فكلاهما له دوره ومساحته الخاصة به”.
ولم يخفِ عدد من الصحفيين المشاركين تخوفاتهم من استخدامهم للسوشيال ميديا، لكنهم في الوقت نفسه أكدوا الحاجة الماسة للاستخدامها من قبل الصحفيين أنفسهم.
الصحفي جهاد أبو بيدر يرى أن الصحفي أكبر من منصات التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن 200 صحفي وصحفية ينشطون على تلك المنصات من أصل 2000 ــ 3000 صحفي وصحفية لديهم حساباتهم على تلك المنصات.
وأرجع أبو بيدر قلة عدد الصحفيين إلى ما وصفه بعدم احتمالهم للنقد إيجابا أو سلبا، وكذلك بسبب القانون، مؤكدا أنه يتقبل النقد سلبا أو إيجابا على صفحته الشخصية.
ووفقا للرئيس المؤسس لنقابة الصحفيين التونسيين الهاشمي نويرة فإن تلك الخشية لدى الصحفيين بسبب القوانين وأخلاقيات المهنة.
وقال إن منصات التواصل الاجتماعي تنتشر فيها الأخبار الكاذبة وبعضها يحض على التمييز العنصري والكراهية والحقد ولا بد لها من الامتثال للقوانين ومنها قانون الجرائم الإلكترونية.
ونفى مؤسس وعضو إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور توافر أية معلومات أو إحصائيات عن عدد الصحفيين الناشطين على السوشيال ميديا، مشيرا إلى أن غالبية الصحفيين والصحفيات لديهم حسابات متنوعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالرغم من أنها صفحات شخصية إلا أنهم يستخدمونها بنقل ونشر الأخبار والمعلومات والصور والفيديوهات.
ولم يخفِ المتحدثون في جلسة تناولت مدى تدخل الحكومات في السوشيال ميديا، أن الحكومات تتدخل في إطار فرض الرقابة، وأنها لم تتعلم من أجواء الربيع العربي.
وقال المتحدثون إن الحكومات ومن خلال القوانين لديها القدرة على السيطرة على المعلومات في الفضاء الإلكتروني.
وقال وزير الثقافة والشباب الأسبق ومستشار معهد السياسة والمجتمع محمد أبو رمان إن “بعض الحكومات لم تتعلم من الربيع العربي، في وقت تعمل فيه مواقع التواصل الاجتماعي على تغيير الآراء”، مشيرا إلى أن المنصات أسهمت في نشر الأخبار سواء كانت صحيحة أم خاطئة، ومنها الأخبار على شكل الذباب الإلكتروني.
من جهته قال رائد سمور المختص بأمن المعلومات، إن “دولة الاحتلال تعتبر الكاميرا أداة قاتلة لكيانهم كونها تفضح انتهاكاتهم”.
وفي هذا الصدد، وفي إطار إجابته عمّا هو مطلوب منا كشعوب تجاه القضيه الفلسطينية، قال أحمد الطيبي رئيس الحركة العربية للتغيير: “أعتقد أنه ليس الإعلام الذي يغيب القضية الفلسطينية ولكن القضية الفلسطينية غيبت في هذه المرحلة ولم تعد القضية الأساسية والمطلوب منا كشعوب عربية وإسلامية هو تداول أخبار فلسطين ونشر المعرفة أكثر عن الأخبار التى تخص فلسطين حتى لا يتم تشويه الحقائق”.
وقال الإعلامي المصري خالد البرماوي إن “التعامل مع المنصات الرقمية بالعالم ستؤثر، ونحن في المرحلة الثالثة في تطور الميديا وأنا مؤمن بأنه يوجد فرص كثيرة جدا كصحفيين فالصحفي يأخذ المعلومة ويدققها ويعيد صياغتها بطريقة مبتكرة وجديدة من نوعها”.
وترى الصحفية رنا صويص من صحيفة نيويورك تايمز أن “سوق العمل وتحديدا في الأردن لا يواكب متطلبات السوق التي تتغير بسرعة”، وتجد أن “المناهج تساعد على دخول الخريجين إلى سوق العمل”.
نائب رئيس معهد كارنيجي مروان المعشر دعا وسائل الإعلام لأن تطرح منصات للتحاور بين الجمهور، مشيرا إلى تجربته كوزير للإعلام قبل ٢٧ عاما حين أقر إلغاء وزارة الإعلام ليتأخر هذا القرار في أدراج مجلس النواب لمدة سبع سنوات.
وتساءل المعشر هل استقلالية الإعلام الأردني اليوم أكثر ممّا كانت عليه سابقا قبل ٢٧ عاما؟
وقال المعشر في ختام جلسات اليوم الأول للملتقى “نحن لا نريد شعارات عن حرية الإعلام، بل نريد مؤشرات لا تبقى شعارات جوفاء لا تترجم إلى أعمال على الأرض. في الوقت الذي لدينا فيه الكثير لنعمله من أجل استقلالية الإعلام”.
وأشار إلى أن الحكومات العربية التي تمنع استقلالية الإعلام تعتقد أن إعلامها الرسمي يكفي للتأثير على الجمهور مضيفا بأن الشيء الأهم في تطور الإعلام هو تقديم الرأي الآخر وترك الحكم للمواطن وهو عكس ما تفعله الحكومات العربية.
وأضاف هناك وسائل إعلام مستقلة لكن الأساس في العمل الإعلامي ليس الحيادية فقط، لأن من الصعب للغاية أن تكون وسائل الإعلام حيادية، لكن مقابل هذه الحيادية يجب أن تتوفر المهنية التي تعني تقديم جميع وجهات النظر.
وقال: “مهمة الإعلام نقل الحدث وليس صناعته، ولكن هذا لا يعني أنه لا يؤثر وبالنتيجة فالإعلام الذي لا يسمح بتعدد الآراء ليس إعلاما ولدينا مؤسسات خاصة تمتلك وسائل إعلام لكننا بالمقابل نحتاج لتدريب الصحفيين والإعلاميين والسماح بالحرية”.