نجح الاقتصاد الوطني في السير باتجاه النمو الايجابي منذ بداية العام الحالي 2023، وتمكن من الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وارتفاع معدلات النمو وزيادة الصادرات الوطنية، والنشاط السياحي في البلاد.
وبحسب بيانات إحصائية رصدتها للعديد من المؤشرات الاقتصادية منذ بداية العام الحالي، نما الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق الثابتة في الربع الأول من العام الحالي، بنسبة 2.8%، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
وحقق قطاع الزراعة والقنص والغابات وصيد الأسماك أعلى معدل نمو خلال هذه الفترة بلغت نسبته 7.4%، مساهمًا بمقدار 0.38 نقطة مئوية من معدل النمو المتحقق، تلاه قطاع الإنشاءات بنسبة 5.9%، مساهمًا بمقدار 0.14 نقطة مئوية، ثم قطاع النقل والتخزين والاتصالات بنسبه بلغت 4.8%، بمساهمة مقدارها 0.42 نقطة مئوية، تلاه قطاع الصناعات الاستخراجية الذي نما بنسبة بلغت 3.5%، بمساهمة مقدارها 0.10 نقطة مئوية من معدل النمو المتحقق.
وانخفض العجز في الميزان التجاري للمملكة في الثلث الأول من العام الحالي بنسبة 2.7%، ليبلغ 2.940 مليار دينار، مقارنة مع 3.023 مليار دينار للفترة نفسها من العام الماضي.
ونمت قيمة الصادرات الوطنية في الثلث الأول من العام الحالي بنسبة 4%، وصولا إلى ما مقداره 2.682 مليار دينار، مقارنة مع نحو 2.579 مليار دينار للفترة نفسها من العام الماضي.
وانخفض معدل البطالة في المملكة، خلال الربع الأول من العام الحالي بمقدار 0.9 نقطة مئوية، وعن الربع الأخير من العام الماضي بانخفاض مقداره 1.0 نقطة مئوية، ليصل إلى 21.9%.
وحقق الدخل السياحي خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، ارتفاعاً بنسبة 68.4% ليبلغ 2,826 مليار دولار، مدفوعاً بارتفاع عدد السياح إلى 2,483 ألف سائح وبنسبة نمو بلغت 69.0%.
وبلغت حوالات العاملين في الخارج لنهاية أيار الماضي، حوالي 1.4 مليار دولار، مقارنة مع 1.421 مليار دولار خلال ذات الفترة من العام الماضي.
وبلغ عدد الأوراق المالية المسجلة لدى مركز إيداع الأوراق المالية لنهاية حزيران الماضي، 7.6 مليار ورقة مالية، بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 20 مليار دينار.
كما ارتفع إجمالي مساحة الأبنية المرخصة في المملكة خلال الثلث الأول من العام الحالي، بنسبة 24.1%، لتصل إلى نحو 2.872 مليون متر مربع، مقارنة مع 2.314 مليون متر مربع لنفس الفترة من العام الماضي.
وارتفع الرقم القياسي العام لأسعار المنتجين الصناعيين في الثلث الأول من العام الحالي بنسبة 0.17%، ليصل إلى 139.99 مقابل 136.76 لنفس الفترة من العام الماضي.
وتشير هذه المعطيات الاحصائية إلى أن الاقتصاد الوطني سار باتجاه ايجابي منذ بداية العام الحالي، وبدأ يظهر حالة من التحسن والنمو، بعد أن قبضت جائحة فيروس كورونا خلال عامين من الأزمة على مفاصل اساسية، عرقلت معدلات النمو الاقتصادي، وعمقت معدلات البطالة.
وقال الخبير الاقتصادي جواد العناني، إن بعض القطاعات الاقتصادية شهدت تحسنا ملحوظا في النصف الأول من العام الحالي خاصة القطاع السياحي وارتفاع الصادرات الوطنية، منها الصناعات التعدينية، حيث يشهد الأردن فترة متميزة في التصدير التعديني مثل الفوسفات والبوتاس والأسمدة والبورمين، إضافة إلى صناعة الأجهزة والألبسة وتوابعها.
وأضاف العناني أن هنالك بعض القطاعات الاقتصادية التي يمكن للأردن تعظيم الاستفادة مثل قطاع الإنشاءات، لكنه يحتاج إلى تقديم الدعم اللازم لتحريك هذا القطاع وتنشيطه.
ولفت إلى أن القطاع الزراعي من القطاعات التي شهدت في الأونة الأخيرة نشاطا واضحا مقارنة مع السنوات الماضية، ما انعكس على اداء الاقتصاد الأردني، نتيجة لتنوع المنتجات الزراعية في المملكة، وفتح أسواق جديدة أمام المنتجات الأردنية، وإبرام العقود الزراعية مع العديد من الشركات المتخصصة في هذا المجال، مضيفا أن من القطاعات التي بدأت تشهد نموا في الفترة الأخيرة قطاع الاقتصاد الرقمي.
وأكد العناني أن هذه المؤشرات تدل على أن الأردن بدأ بالخروج من أزمة النمو الاقتصادي، متوقعا أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل ليصل إلى 3.5% إذا تم التخطيط بشكل سليم.
وأشار إلى أنه لا يزال هنالك مشكلة اساسية تواجه الأردن، وهي الزيادة النمو السكاني الناتجة عن زيادة عدد المواليد والقادمين أو المهاجرين إلى الأردن، مؤكدا أن هنالك فجوة كبيرة بين النمو السكاني والناتج المحلي الإجمالي، ما ينعكس سلبا على النشاط الاقتصادي.
ودعا العناني إلى تكثيف الجهود من قبل وزارة الاستثمار لاستقطاب وتعزيز الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص للنهوض بالاقتصاد الوطني.
بدوره، قال الوزير الاسبق للمالية والخبير الاقتصادي محمد أبو حمور، إن الاقتصاد الوطني استطاع خلال النصف الأول من هذا العام أن يحقق نتائج مميزة بالرغم من التعقيدات والمصاعب التي تشهدها المنطقة والعالم.
وأضاف أنه تمكن من الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي واستطاعت السياسات النقدية أن تحافظ على استقرار سعر صرف الدينار وعلى جاذبية الودائع بالدينار الأردني، إضافة إلى الاحتفاظ باحتياطيات مناسبة من العملات الأجنبية.
وبين أبو حمور أنه تم التأكيد مجدداً على ثقة المؤسسات الدولية بأداء الاقتصاد الأردني، وهذا ما اتضح من خلال نتائج المراجعة السادسة مع صندوق النقد الدولي الذي أشاد بالسياسات الاقتصادية المختلفة ونوه بضرورة الاستمرار في ضبط أوضاع المالية العامة والسعي لتخفيض نسبة الدين العام.
وذكر أبو حمور أن النصف الأول من هذا العام شهد ارتفاعاً واضحاً ونشاطاً لافتاً في الحركة السياحية تمثل في الاعداد الكبيرة من السياحة الأجنبية والداخلية وبما يفوق ما تحقق خلال الفترات الماضية، كما ارتفعت الصادرات الوطنية خلال الثلث الأول من العام الحالي وانخفضت مستوردات المملكة وكذلك العجز في الميزان التجاري، وغيرها من المؤشرات الاقتصادي التي أظهرت نموا في النصف الأول.
وأكد أبو حمور أنه بالرغم من الإنجازات التي تحققت إلا أن الظروف الراهنة، تتطلب مزيداً من العمل للتمكن من رفع سوية وتنافسية الاقتصاد الوطني وتعزيز البيئة الاستثمارية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
من جهته، أكد المدير العام لجمعية البنوك الأردنية ماهر المحروق، أن الاقتصاد الوطني يسير في اتجاه النمو الايجابي، على الرغم من الظروف الصعبة والتحديات التي يشهدها العالم.
وأشار إلى أن مساهمة القطاع الزراعي في النمو خلال الربع الأول من العام الحالي، يتطلب التركيز والاهتمام على هذه النسبة، لأنه لأول مرة يحقق هذه النتيجة ما يشير إلى أن القطاع الزراعي لديه الكثير من الفرص يمكن استغلالها سواء على البعد الاقتصادي أو الأمن الغذائي والتنموي.
وأضاف أن العديد من القطاعات الاقتصادية التقليدية ساهمت في تحقيق هذا النمو الاقتصادي، مثل الصناعة وقطاع الخدمات المالية، وارتفاع الصادرات الوطنية، واستقرار السياسة النقدية في ظل الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم أجمع من ارتفاع مستويات التضخم وزيادة أسعار الفائدة، حيث ما زالت معدلات التسهيلات في الاقتصاد الأردني تحقق نموا واضحا، إضافة إلى أن مستوى الودائع في ازدياد مستمر، والاحتياطات الاجنبية مرتفعة وجمعيها مؤشرات تدل على استقرار الاقتصاد الأردني.
ونوه المحروق بأن المسير في الاتجاه الإيجابي للاقتصاد الأردني يتطلب المزيد من الجهود للحفاظ على هذا المستوى وتحقيق مستويات أعلى للنمو، ما ينعكس على التقليل من معدلات البطالة والفقر، وليلمس المواطن أثر هذا النمو بشكل ايجابي.
وأوضح أن رقم النمو في الربع الأول “مبشر”، حيث يعطي إشارة إيجابية إلى أن النصف الثاني من العام الحالي سيشهد حركة قوية ونشطة في القطاع السياحي ما سيعود إيجابا على مستويات النمو في المملكة خاصة مع عودة المغتربين، مشيرا إلى أن النافذة الاقتصادية بالعموم تنشط في الربع الثاني والثالث من العام.
وأكد المحروق أن تحقيق مستويات أعلى من النمو يتطلب تكثيف الجهود من جميع الأطراف في القطاعين العام والخاص، خاصة في ظل وجود رؤية التحديث الاقتصادي التي تمتلك خطة عمل واضحة، وذلك لنتمكن من تحقيق جزء من الأهداف المطلوبة لهذه الرؤية.
بدوره، قال عضو مجلس إدارة غرفة صناعة عمان، موسى الساكت، “إن استقرار الاقتصاد الكلي في المملكة خلال الأعوام 2022 و2023 وهذا ما هو متوقع للعام المقبل أيضا، يعد نقطة إيجابية للاقتصاد الوطني”.
ولفت الساكت إلى أن مؤشرات الاداء البرنامج لم تظهر أي تحسناً على أرض الواقع، وهذا يتطلب إعادة تقييم البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي خاصة أنها رؤية عابرة للحكومات، مؤكدا اهمية العمل على تغيير برنامج العمل الناظم والمتعلق بالرؤية كل فترة من الزمن، وهذا يقع على جميع الوزارات، إضافة إلى عقد جلسات حوارية مع القطاع الخاص لمراجعة مؤشرات الاداء والبرنامج بشكل عام.
من جانبه، رأى استاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري، أن من أهم المؤشرات الاقتصادية التي أظهرت تحسنا في النصف الأول للعام الحالي، هي الصادرات الوطنية والدخل السياحي خاصة مع انتهاء أزمة كورونا وإعادة فتح مختلف القطاعات الاقتصادية، حيث أظهرت بعض الأنشطة الاقتصادية تحسنا ملحوظا.
وأكد الحموري أن الاقتصاد الوطني لا يزال يحتاج إلى مزيد من الجهود المكثفة، والإسراع في تنفيذ الإصلاح الاقتصادي، وإيجاد مشاريع حقيقية توفر فرص عمل للشباب وتقلل من معدلات الفقر في المملكة.