وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء إلى السعودية، الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة، في زيارة تستمرّ لثلاثة أيام وترمي إلى تعزيز العلاقات المتوترة مع السعودية الغنية بالنفط التي تسعى إلى توسيع علاقاتها مع خصوم واشنطن.
وحطت طائرة بلينكن في مدينة جدّة المطلّة على البحر الأحمر حوالي الثامنة مساء بالتوقيت المحلي (17:00 ت غ)، في أول زيارة له إلى السعودية منذ أن قرّرت الرياض وطهران استئناف علاقاتهما الدبلوماسية في اتفاق رعته الصين في آذار الماضي، بعد قطيعة استمرّت لسبع سنوات، وفق وكالة فرانس برس.
وعشية رحلة بلينكن، قال المسؤول الأميركي الرفيع في الخارجية والمكلّف بشؤون شبه الجزيرة العربية دانيال بنايم في تصريح صحفي “نركّز على أجندة متوافق عليها والقدر الكبير من العمل الذي يمكن لبلدينا إنجازه معا”.
ستركّز المباحثات على العلاقات الاستراتيجية والجهود الرامية إلى إنهاء النزاعات في السودان واليمن والمعركة المشتركة ضد تنظيم “داعش” الإرهابي وعلاقات الدول العربية مع إسرائيل.
وتأتي الزيارة في خضمّ تغيّر سريع لمشهد التحالفات في الشرق الأوسط بدأ منذ نحو ثلاثة أشهر مع الاتفاق السعودي الإيراني الذي أحيا الآمال بحلّ نزاعات في المنطقة تقف أوّل قوّتين إقليميّتين في الخليج على طرفَي نقيض فيها.
وقبيل وصول بلينكن الثلاثاء، تعيد إيران، العدو اللدود للولايات المتحدة، فتح سفارتها في الرياض.
لقاء غير مؤكد مع ولي العهد
شملت سلسلة الانفراجات الدبلوماسية التي شهدتها المنطقة إعادة الرئيس السوري بشار الأسد، حليف إيران، إلى جامعة الدول العربية، بعد عزلة استمرّت لأكثر من عقد على خلفية النزاع في بلده.
وفي سياق انفتاح الرياض على خصوم واشنطن، استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الاثنين الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو واستعرضا خلال اللقاء “العلاقات الثنائية بين البلدين، وآفاق التعاون وفرص تعزيزه في مختلف المجالات”، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).
من المتوقع أن يلتقي بلينكن الثلاثاء بولي العهد، وفق مسؤول أميركي. لكن السعوديين لم يؤكدوا اللقاء بعد.
وينتقل بلينكن الأربعاء إلى الرياض لحضور اجتماع لمجلس التعاون الخليجي، قبل أن يترأّس مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان اجتماعا للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي الذي أُنشئ عام 2014 ويضم عشرات الدول.
في السنوات الأخيرة، توتّرت العلاقات الأميركية السعودية بسبب قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، ورفض أكبر مصدّر نفط في العالم المساهمة في تخفيف ارتفاع أسعار الطاقة بعد الحرب الروسية في أوكرانيا.
متجاهلةً الدعوات الأميركية السابقة لزيادة الإنتاج، أعلنت السعودية الأحد وهي من أبرز البلدان الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أنها ستقوم بتنفيذ خفض طوعي إضافي في إنتاجها من النفط الخام مقداره مليون برميل يوميا ابتداءً من تموز.
تعاون وثيق
تواصل الرياض وواشنطن التنسيق خصوصا في مجال الدفاع؛ إذ إن الرياض تشتري بشكل دائم أسلحة أميركية متطوّرة.
وتعاون دبلوماسيّو البلدين بشكل وثيق في الجهود الرامية إلى التوصل لوقف إطلاق نار في النزاع الدائر منذ ثمانية أسابيع في السودان، إلّا أنها باءت بالفشل حتى الآن. كما أن المملكة لعبت دورا محوريا في إجلاء آلاف الأجانب من السودان إلى أراضيها.
وينخرط الحليفان أيضا في المعركة ضد تنظيم “داعش” الإرهابي الذي رغم هزيمته في الشرق الأوسط لكنّه لا يزال نشطا في بعض الدول الإفريقية.
ويُتوقّع أن تشغل جهود السلام في اليمن حيّزا كبيرا من المحادثات بين بلينكن والسعوديين. وتقود السعودية منذ 2015 تحالفا عسكريا داعما للحكومة اليمنية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
لكن في الآونة الأخيرة، أجرى وفد سعودي محادثات مع الحوثيين في صنعاء، العاصمة اليمنية الخاضعة لسيطرة المتمرّدين، لمحاولة التوصل إلى هدنة، كما جرت عملية تبادل أسرى كبرى بين الطرفين استمرّت لثلاثة أيام.
وتأمل الولايات المتحدة أيضا بأن تطبّع السعودية العلاقات مع إسرائيل التي سبق أن طبّعت دول عربية عدة بينها الإمارات والبحرين علاقاتها معها عام 2020 بموجب اتفاقات رعتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وعشية زيارته السعودية، قال بلينكن إنه “لدى الولايات المتحدة مصلحة فعلية على صعيد الأمن القومي في إرساء تطبيع بين إسرائيل والسعودية”.
وأضاف “نستطيع وعلينا ان نؤدي دورا كاملا للمضي قدما في هذه المسألة”، لكنه تدارك أن “ليس لديه أي أوهام لجهة إمكان القيام بذلك سريعا أو بشكل سهل”.
ولطالما اشترطت السعودية للتطبيع مع إسرائيل الاعتراف بدولة فلسطينية، مطالبة الولايات المتحدة بتوفير ضمانات أمنية.
أ ف ب