دعت جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان إلى إعادة النظر بقائمة المهن الصادرة عن وزارة الاستثمار، استنادًا إلى تعليمات المهن الحرفية التي لا يسمح لغير الأردنيين بممارستها والصادرة بمقتضى الفقرة (ب) من المادة 12 من نظام تنظيم البيئة الاستثمارية رقم 7 لسنة 2023، مؤكدة أنها ستتسبب بالمزيد من التضييق على المستثمرين وتثقل كاهلهم، فضلًا عن أن تطبيقها يعني انتقال المزيد من العمال إلى العمل في القطاع غير المنظم ما يعني حرمانهم من الحماية الاجتماعية.
وقالت تمكين، في بيان صدر عنها اليوم الأحد، إن هذا النوع من الإجراءات والقرارات يعني التوسع في المهن المغلقة أمام غير الأردنيين، وفي المقابل تعني أن زيادة نسب التهرب التأميني والعمل في القطاع غير المنظم بسبب حاجة سوق العمل الأردني للعمال من الجنسيات غير الأردنية في حين تؤدي هذه التقييدات إلى زيادة نسب التهرب التأميني، حيث يحظى العمال غير الأردنيين بحماية أقل ووصول أدنى للحماية الاجتماعية ويعدون ضمن الفئات الأكثر ضعفاً في سوق العمل، وتشير الأرقام الصادرة عن التقرير السنوي لمؤسسة الضمان الاجتماعي عام 2021 أن نسبة المؤمن عليهم الفعالين غير الأردنيين (11.9%) فقط من إجمالي المؤمن عليهم الفعالين.
في ضوء ذلك، يعني التهرب الضريبي المزيد من العبء على عاتق الشركات والأشخاص الذين تم اضغاء الطابع الرسمي عليهم أي أنهم يدفهون الضرائب وبنفس الوقت سيقلل من الايرادات العامة ما سيقود الحكومة إلى زيادة الضرائب، وفي المقابل، تزايد رقعة العاملين في القطاع غير المنظم تعني المزيد من العمال خارج مظلة الحماية الاجتماعية حَسَبَ البيان.
وقال البيان : “قرارات متناقضة، صدرت عن الحكومة الأردنية، مؤخرًا، تقول الحكومة أن الهدف الأساسي منها محاربة البطالة في الأردن، التي وصلت إلى أرقام غير مسبوقة، حيث سجلت نسب البطالة خلال الربع الرابع من العام الماضي 23.9% وفقًا لدائرة الإحصاءات العامة”.
أخر هذه القرارات صدور تعليمات رقم (9) لسنة 2023 تعليمات المهن الحرفية والأشغال اليدوية التي لا يسمح لغير الأردنيين بممارستها والصادرة بمقتضى الفقرة (ب) من المادة 12 من نظام تنظيم البيئة الاستثمارية رقم 7 لسنة 2023 التي منعت غير الأردنيين ممارسة (11) مهنة حرفية هي : (صالون حلاقة (ستاتي ورجالي وأطفال)، ومشغل تنجيد وتجديد الأثاث والمفروشات، ومشغل صنع الحلويات أو انتاج المعجنات أو البوظة بهدف البيع المباشر، ومشاغل التجارة والحدادة والألمنيوم وخراطة وتشكيل المعادن، ومشغل تطريز وخياطة الأزياء التراثية، ومشغل صياغة الذهب والحلي والمجوهرات، وإنتاج وتعبئة المياه النقية المفلترة بهدف البيع المباشر، وإنتاج المكسرات المحمصة والمعبأة بهدف البيع المباشر، وتحميص القهوة وطحنها وتعبئتها بهدف البيع المباشر، وصنع المنتجات الخزفية الفخارية، وخدمة غسيل وكي الملابس (دراي كلين).
ورغم أن هذه التعليمات ليست جديدة، بل هي عبارة عن تحديث لتعليمات رقم 9 لسنة 2016 لسنة 2016 المهن الحرفية والأشغال اليدوية التي لا يسمح لغير الأردنيين بممارستها التي ضمت 15 حرفة يمنع عمل غير الأردنيين فيها، في حين ضمت التعليمات الجديدة 11 حرفة حيث تم دمج بعض الحرف في التعليمات الأخيرة وشطب التصوير باستثناء كاميرات التصوير السينمائي، وصيانة وسائط النقل، ومشغل صباغة الملابس، ومشغل جاروشة البلاستيك الذي لا يشمل إعادة التدوير، ومشغل مخللات، إلا أن اعادة استصدار هذه التعليمات خلق نقاشًا حول فاعليتها على أرض الواقع بالحد من مشكلة البطالة في الأردن، فضلًا عن تناقضها مع قائمة المهن المغلقة الصادرة عن وزارة العمل.
وردًا على مسوغ الحكومة الدائم الذي يقول أن الهدف من اصدار كل هذه الأنظمة والتعليمات والاجراءات هو محاربة البطالة بين الأردنيين، شرح البيان أن التحليل الواقعي يظهر أن كل هذه الاجراءات وتحديدًا تلك التي تخص عمل غير الأردنيين في الأردن، والمعمول بها منذ أكثر من عشرين عامًا، لم تفلح على أرض الواقع بتقليل نسب البطالة التي تزداد عامًا بعد عام، رغم تطبيق هذه الإجراءات والأنظمة، والسبب وراء ذلك ضعف خطط الحكومات المتعاقبة بوضع حلول جدية للتغلب على مشكلة البطالة حيث إن أهم الأسباب لهذه المشكلة هو ضعف سياسات الاستثمار في الأردن والتضييق على المستثمرين بإثقال كاهلهم بالضرائب والرسوم، فضلًا عن تغيير القوانين الناظمة لعملهم بشكل يسبب ارباكًا لسير عملهم، ومن ناحية أخرى، عدم توفر بيئة عمل لائقة في الكثير من القطاعات العمالية في الأردن سواء من حيث الأجور أو توفر مزايا أخرى مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وغيرها من الشروط التي تجعل الأردنيين الباحثين عن عمل لا يقبلون على العمل فيها، هذا يعني تشغيل غير الأردنيين فيها الذين عادة ما يقبلون شروط عمل لا يقبلها الأردنيين.
وأضاف “وبشكل يُظهر تناقضًا في السياسات الحكومية، بعد أقل من أسبوع من صدور هذه التعليمات، أعلنت وزارة العمل عن اجراءات متعلقة بقرار مجلس الوزراء بوقف استقدام العمالة الوافدة وتسهيل عملية انتقالها بين القطاعات الاقتصادية المختلفة، التي سيسري تطبيقها اعتباراً من تاريخ 2/5/2023 ولمدة 3 أشهر، لتسمح هذه الإجراءات بانتقال العمال غير الأردنيين في قطاعات مثل الزراعة، والانشاءات، وصالونات التجميل، وقطاع المخابز، وقطاع الفنادق، والعمال غير الأردنيين في منطقة العقبة الخاصة، وقطاع العاملين في المنازل، وقطاع الألبسة والمحيكات، إلى صاحب عمل جديد في نفس القطاع وفقًا لشروط لكل قطاع”.
هذه الاجراءات نصت على فقرة صدرت على لسان وزير الصناعة والتجارة ووزير العمل يوسف الشمالي تقول: “لغايات استخدام العمالة غير الأردنية للعمل في القطاعات والأنشطة الاقتصادية، تم السماح باستخدام العمالة غير الأردنية في المهن المسموحة والمهن المسموحة بشروط والمهن المقيدة ومهن ذوي المهارات المتخصصة في جميع القطاعات والأنشطة الاقتصادية وحسب الشروط والمتطلبات وإجراءات العمل المعمول بها في الوزارة وحسب الأعداد والنسب المحددة للقطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة وباستثناء أمانة عمان والبلديات والمدارس ودور الحضانة ورياض الأطفال والجامعات والكليات ومراكز ومعاهد التدريب أو أي جهه تعليمية أو تدريبية، وعدم السماح بالاستخدام لأول مرة لأي شخص أجنبي إذا وجد ختم (غير مصرح له بالعمل) على جواز سفره”
في السياق ذاته تنص مادة في تعليمات رقم (9) لسنة 2023 تعليمات المهن الحرفية والأشغال اليدوية التي لا يسمح لغير الأردنيين على: “يستثنى من تطبيق أحكام هذه التعليمات المنشآت التي تمارس المهن الحرفية والأشغال اليدوية المشار إليها في المادة (3) أعلاه والتي يتجاوز فيها عدد العمال خلال فترة لا تقل عن (3) شهور من تاريخ تقديم الطلب عن (10) عمال”.
ولفت البيان أنه وبتحليل اجراءات وزارة العمل الأخيرة، وتعليمات المهن الحرفية الأخيرة يتبين أن هذه التعليمات لا ضرورة ولا فائدة لها وسيكون من شبه المستحيل تطبيقها على أرض الواقع، حيث تلمح اجراءات وزارة العمل الأخيرة بشكل غير مباشر إلى امكانية عمل غير الأردنيين في المهن والحرف المغلقة كونها سمحت باستخدامهم وفق شروط معينة، كذلك لفتت تعليمات المهن الحرفية إلى أن قرار منع استخدام غير الأردنيين يكون فقط في المنشآت التي فيها أقل من عشرة عمال، ما يعني أن فئة كبيرة من المؤسسات أصلًا مستثنية من تطبيق هذه التعليمات.
من ناحية أخرى، تزيد مثل التعليمات والاجراءات من التعقيدات التي يرزح تحت عبئها أبناء قطاع غزة الذين، يتم معاملتهم في سوق العمل معاملة غير الأردنيين، حيث لدى الغزيين جوازات سفر أردنية مؤقتة تمكنهم من السفر لكنها لا تخولهم الحصول على الجنسية ومصطلح أبناء غزة بالأردن يطلق على اللاجئين الفلسطينيين الذين لجأوا إلى الأردن من قطاع غزة (الذي كان يخضع لمصر قبل حرب عام 1967).
عام 2019 عند مناقشة البرلمان لتعديلات على قانون العمل، وافق مجلس النواب على مقترح بإعفاء كل من أبناء الأردنيات وأبناء غزة من استصدار تصاريح عمل، لكن لجنتي “العمل” و”القانونية” في مجلس الأعيان لم توافق على هذا التعديل، بل حصرت الإعفاء بأبناء الأردنيات، ورفضته لأبناء غزة، بذلك تم تعديل المادة في قانون العمل ذلك الوقت، حيث تم اعفاء أبناء الأردنيات من استصدار تصاريح عمل، واعفاء أبناء غزة من رسوم استصدار تصاريح العمل فقط، ما يعني انطباق قائمة المهن الحرفية وقائمة المهن المغلقة عليهم.