مقالات واراء – هلا نيوز
تساءل كاتب ومثقف قطري شهير، عن سبب عدم تجاوب الشارع العربي مع الرد الإيراني على اسرائيل بما يليق من تجاوب، معتبراً أن سلطات الاحتلال هي العدو الأول للإنسانية، وقال إن “الأشقاء” المتجاورين في ضفتي الخليج أقرب لبعض، داعياً الجميع لرص الصفوف.
وعلق الدكتور حمد عبد العزيز الكواري، وزير الدولة القطري ورئيس مكتبة قطر الوطنية، على التطورات التي تشهدها منطقة الخليج والتحديات التي تواجهها دول الشرق الأوسط، في ضوء الحرب الإسرائيلية على غزة. وعلق الكواري وهو مرشح قطر السابق لمنصب رئاسة منظمة اليونيسكو وخسرها بسبب تواطؤ دول عربية، مع ما يحدث في المنطقة من تحديات تهدد الأمن والاستقرار في الإقليم.
وكتب على حسابه في منصة “إكس”: “لم أجد نفسي في حيرة في الكتابة في أمر كالذي وجدت نفسي فيه وأنا أكتب عن الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل. فقد وجدت فيما يُكتَب هنا وهناك في مواقع التواصل الاجتماعي ما يثبت انسياق العقول وراء نظريات المؤامرة، وقد باتت الأفق الفكري المهيمن على ساحة التحليلات من سنوات”.
لماذا لم يتجاوب الشارع العربي مع العمل الإيراني ضد اسرائيل بما يليق من تجاوب؟
لم أجد نفسي في حَيرة في الكتابة في أمر كالذي وجدت نفسي فيه وأنا أكتب عن الهجوم الإيراني الأخير على #اسرائيل فقد وجدت فيما يُكتَب هنا وهناك في مواقع التواصل الاجتماعي ما يثبت انسياق العقول وراء نظريات…
— Hamad Al-Kawari (@alkawari4unesco) April 16, 2024
وشدد أنه “من المؤكد أن إسرائيل عدو الإنسانية الأول، وأنها تسعى لإزالة شعب من الوجود، وبحرب الإبادة الحالية التي تحدث تحت أنظار العالم بكل تفاصيلها، قد بلغت من الطغيان والغرور والاستهانة بالقيم والمبادئ والمواثيق الدولية ما فاق كل وصف”. واعتبر أن ما قامت به إسرائيل من عدوان على القنصلية الإيرانية، هو عدوان مباشر على إيران، لأن السفارة امتداد -حسب القانون الدولي- لدولتها، وهو عدوان سافر على سوريا، ومن حق الدولة السورية أن ترد أيضا، ولكن أنّى لها ذلك!”. وفق قوله.
ومع تأكيده على جُرم استهداف الممثليات الدبلوماسية للدول، يتساءل المثقف القطري عن “السبب الرئيسي، من الحيرة والشك الذي لم يحقق التجاوب المطلوب من الشارع العربي من التصدي الإيراني لإسرائيل، ووصول هذه الكمية من الأسلحة الفتاكة، إليها والتي لولا تضافر حلفائها للمواجهة لكانت كارثة حقيقية عليها”. وشدد الدكتور الكواري على ضرورة وعي الشارع العربي بماهية الأزمة الحاصلة في المنطقة، من عدوان إسرائيلي على الشعب الفلسطيني، والدعم الغربي للكيان.
وأكد أن “ذلك هو السؤال المركزي الذي لابد من طرحه في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الصراع مع الصهيونية، بدل اتخاذ موقف الاستعانة مما حدث أو النأي بالذات عن الخوض فيه تحت أية ذرائع”.
وتحدث الكواري في تصريحه وتحليله لما يجري في المنطقة، عن رأيه الذي لا يخفيه، وقناعته وهو لا يخفي أنه “من أشد الناس حرصاً على العلاقات العربية الإيرانية والخليجية منها بصورة خاصة”. واستطرد قائلاً: “إن اهتماماتي بالعلاقات الإيرانية العربية يعرفها الإيرانيون قبل العرب، وتعتبر هذه العلاقات استراتيجية فرضها التاريخ المشترك والمصالح المشتركة، وهي ضرورة من ضرورات استقرار المنطقة، وجزء أساسي من توازناتها”.
ويمضي رئيس مكتبة قطر الوطنية في تحليله على ضرورة الحرص على هذه العلاقة الاستراتيجية للطرفين، أي إيران والعرب، ودعا “الجارة الكبرى إيران إلى التمعن في أسباب حالة التشكيك والريبة في النوايا وضعف التجاوب العربي معها، مع ما قامت به من عمل كبير ضد عدو العرب والمسلمين الأول، مما قد يعكس أزمة ثقة متواصلة في الشارع العربي خاصة”.
كما وجّه رسالة لطهران قائلاً: “أدعو الجارة إيران أيضا إلى أن يكون تشخيصها وتحليلها دافعاً لمراجعة سياساتها التي مارستها في سوريا والعراق بشكل مباشر أو عبر المحسوبين عليها، والوقوف إلى جانب الطغاة من حكامها، مما دمر هذين البلدين العزيزين وجعلهما على ما هما عليه من ضعف وصراعات طائفية وتدمير، أدت إلى تهجير الملايين ممن صاروا يبحثون عن الأمن والعيش في كل مكان، وأنهى دورهما”.
واعترف الكواري، “أن السياسة الإيرانية ذكية وقادرة على قراءة الأوضاع قراءة صحيحة، لذلك أدعوها إلى تقييم موقف الشارع العربي، وليس الحكومات التي من الطبيعي أن تغلف مواقفها بالدبلوماسية”. وأضاف أن “موقف الشارع العربي موقف مشكك في دوافع ما قامت من عمل. ولا يمكن التغاضي عن هذا الموقف العام الذي وصّف الرد الإيراني بالمسرحية، مما يعني التشكيك المطلق في النوايا والفعل”.
وفي تحليله لواقع حال الشرق الأوسط، يعتبر الكاتب، أنه “كان من الممكن أن يشتعل الشارع العربي بهجة لوقوف إيران إلى جانب أشقائها من العرب والمسلمين في فلسطين، ولكن ما حدث زاد في استبعاد القول بصدقية ولاء السياسة الإيرانية لقضايا حقوق الإنسان وخاصة القضية الفلسطينية”.
وأضاف أنه “لو لم تحقق هذه الضربة إلا هذا الدرس للعلاقات العربية الإيرانية، وهو إعادة إيران لتقييم مواقفها واتخاذ إجراءات عملية ومقنعة لتصحيح المسار، بما يوحد الأمة الإسلامية، وبما يجعل هذه الأمة جديرة بما تحمله من رسالة وبما يجعلها قادرة على مواجهة اسرائيل، لكفى إنجازاً باستعادة إيران الثقة في الشارع العربي مما يجعلها حليفاً حقيقياً لوحدة موقفنا ضد إسرائيل”.
ويعتبر ن ما يقدمه الشعب الفلسطيني من تضحيات من أجل قضيته، جدير بأن يكون دافعاً للعمل العربي الإيراني المشترك. ويتساءل الكواري: “فهل تقوم إيران بدراسة موقف الشارع العربي وأسباب تشككه وتردده في دعم عملها الكبير؟ وهل يكون من أهدافها الحقيقية إثبات صدقيتها على أرض الواقع بعيداً عن حماسة الوجدانيات؟”.
ويختتم الكاتب تصريحه بالقول: “أليست هذه فرصة لإيران كي ترأب الصدع وتنتصر لما ينتظره الشارع العربي والمسلم منها؟”.