عربي دولي – هلا نيوز
في لحظات خسرت الصحفية أمنية أبو الخير كل شيء، منزلها ومكتبها والأهم خصوصيتها، لتجد نفسها معيلة لوالديها الطاعنين في السن في مركز إيواء، في ظل ظروف صعبة ونقص حاد بالاحتياجات الأساسية لأدنى مقومات الحياة، فقد سلبت منها حرب غزة الأمن والأمان ووضعت على كاهلها أثقال تعجز عن حملها الجبال، كما تصف.
بعد مقتل عدد من أفراد أسرتها نزحت أمنية وعائلتها من جباليا إلى مدينة غزة، وبعدها إلى مدينة النصيرات قبل أن تنتقل قبل شهرين إلى مركز نزوح في دير البلح، وتقول “نظراً لأن مركز النزوح يُعتبر شبه عيادة ويقصده الكثير من المرضى، فقد تعرضت للعديد من الأمراض مثل الإنفلونزا وبسبب تلوث المياه تعرضت للأمراض المعوية، تدهورت حالتي الصحية كما أن العيش في أماكن ضيقة مع أشخاص غرباء انتزع مني خصوصيتي”.
قبل النزوح، كانت حياة أمنية مختلفة، فكان كل من شقيقيها يمتلكان صيدلية ومنزل، وكان والدها يعيش من دخل أرضه، لكن “الحرب دمرت كل شيء” كما تقول “الآن أعيش على دخل بسيط بالكاد يساعدني في إعالة والديّ، فالمواد الغذائية نادرة وأسعارها باهظة وكذلك الملابس، فتكاليف الحرب مرتفعة، والمساعدات غير كافية”.
وتضيف “استمريت مدة ثلاثة أشهر أطهو الطعام على الحطب الذي أشتريه بمبالغ باهظة، حيث الغاز يُباع في السوق السوداء بأضعاف سعره، وحتى مياه الشرب والاستحمام أشتريها وهي في الأساس ملوثة”.
عندما يكون الموت هو القاعدة، تصبح الحياة بحسب أمنية “شيئاً قيماً جداً، ففي هذه الظروف، لا يبالي الشخص بخسارة ممتلكاته، فالروح أغلى من ذلك، وعدم القدرة على توفير الطعام بالكميات الكافية يصبح أمراً ثانوياً”.
وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، لا تعلم الشابة الثلاثينية “إن كان في ظل الحرب بإمكان المرأة الفلسطينية أن تتذكر أنها امرأة، فلا يتوفر لها أدنى الأمور لتهتم بنفسها”.
ووسط الظروف العصيبة التي تعيشها النساء في غزة، غاب عن بال الناشطة الحقوقية هبة الدنف أننا في شهر مارس، شهر يوم المرأة العالمي، رغم أنها كانت تقوم في السنوات السابقة بتنظيم فعالياته، وتقول “أصبحت اليوم امرأة فلسطينية كادحة، تصارع من أجل لقمة العيش، فبعد أن كنت أمارس نشاطي من مكتبي، ها أنا أُجبر على تعلم مهارات جديدة مثل إشعال النار من الحطب، وهمي الأكبر تأمين طعام وملابس ودواء لأطفالي بعد أن نزحنا من بيوتنا دون أي شيء، فقد تحوّلت المرأة الفلسطينية إلى امرأة متسولة، تستنجد وتستغيث وتطلب حاجيات أطفالها”.
تتحمل الدنف مسؤولية حماية أطفالها من مخاطر المجتمع الغريب، بعيداً عن بيئتها المعتادة التي عاشت فيها عشرين عاماً. تعيش الآن في منطقة لا تعرف فيها أحداً، تشعر بالغربة والخوف على مستقبل صغارها. بات طموحها يقتصر على الحفاظ على أفراد عائلتها. كل يوم، تتضرع إلى الله أن تستيقظ هي وأطفالها بسلامة، بعيداً عن نيران القصف.
وصل عدد النساء والفتيات اللواتي يعشن في بلدان متأثرة بالنزاعات في العام 2022، بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إلى 614 مليون امرأة، أي مع تسجيل ارتفاع عن السنوات الخمس السابقة بنسبة 50 في المئة. وفي مثل هذه الحالات، تتعرض آلاف النساء والفتيات للاستهداف المتعمد في مناطق الحروب، من خلال الاغتصاب أو العنف الجنسي.
واحتفالاً باليوم العالمي للمرأة 2024، اختارت المنظمة الأممية “الاستثمار في قيادة النساء والفتيات وفي مشاركتهن في بناء السلام”، كموضوع لهذا العام.
معاناة مضاعفة
لا تزال المستشارة القانونية للحركة النسوية الفلسطينية والمديرة العامة لمركز الأبحاث والاستشارات القانونية والحماية للمرأة في غزة، زينب الغنيمي، تعيش في شمال قطاع غزة، حيث المجاعة الحقيقية كما تؤكد، وتقول “هنا لا يجد الناس ما يأكلونه، الوضع صعب للغاية، سعر كيس الطحين وصل إلى 600 دولار، وكيلو الأرز بـ 30 دولار، ونحن نتناول وجبة واحدة في اليوم”.
وتشدد في حديث على أن “حقوق المرأة الفلسطينية مهضومة، حيث تم انتهاك حقها في الحياة والسكن والصحة والعمل والغذاء والأمن الإنساني، فتعرضت للقتل والفقدان والتهجير القسري وهدم مسكنها، وما زالت وللأسف، الأمم المتحدة لا حول لها ولا قوة، وإلى حد الآن لم تصدر بياناً تضامنياً مع النساء الفلسطينيات، في حين تضامنت منذ اليوم الأول مع الإسرائيليات”.
وتؤكد “لا نزال، بالرغم مما نعيشه، نُصرّ والزميلات على الاستمرار بتقديم خدمات مؤسساتنا بقدر ما نستطيع، ونواصل التواصل مع النساء وعائلاتهن لتقديم الدعم والمساندة لهن، ولن نتوانى عن دورنا طالما بقينا على قيد الحياة”.
ومع تصاعد حدة المعارك في غزة، قررت الصحافية ميسون كحيل النزوح إلى مدينة أكثر أماناً. وداع المنزل كان مؤلماً، ورحلة النزوح شاقة وموحشة. سارت مع أفراد من عائلتها وسط حشود النازحين، واجهوا مخاطر عديدة على طول الطريق.
تقول ميسون ” “هذه الحرب من أصعب الحروب التي مرّت علينا. لأول مرة تم إخراجنا من منازلنا بالقوة، وفقدنا العديد من الأقارب والأصدقاء، جميعنا مجروحون ومنازلنا تضررت أو دمرت بشكل أو بآخر. خسرنا الكثير في هذه الحرب وما زلنا ندفع أثماناً باهظة.”
تتابع “كصحفيين، نحاول قدر الإمكان تغطية الأحداث، وسط انقطاع الكهرباء والإنترنت الذي استمر لفترات طويلة. كان قطاع غزة معزولاً عن العالم لنحو عشرة أيام متتالية، حينها فقدت عدداً من أقاربي ومعارفي، واكتشفت ذلك عبر فيسبوك عقب عودة الإنترنت.”
وتقيم ميسون الآن في مدينة رفح، حيث تسكن مع أشقائها في منزل شقيقتها المقيمة في أميركا وتقول “نعيش في مأساة كبيرة، نتعرض في كل لحظة للموت من دون أي ذنب ارتكبناه.”
وتعلق الصحفية الفلسطينية على معاناة المرأة في الحرب بالقول “تعاني المرأة أضعاف الرجل، فقد اختفت الفوط الصحية من السوق، واضطررنا لاستخدام ورق الحمام والأقمشة، وعند توفرها زادت أسعارها بشكل كبير. كما فقدنا الوصول إلى المسكنات.”
وتضيف “المناطق الأكثر تضرراً هي مدينة غزة وشمالها، حيث لا يصلها مساعدات ونفذت المواد الغذائية. استمر أولاد شقيقي بأكل أعلاف الأرانب لمدة شهر. أما في جنوب القطاع، فنواجه أسعاراً خيالية ونضطر لشراء الماء للاستحمام والشرب، ونتناول المعلبات لفترات طويلة.”
وتكمل “أشقائي الميسورين مالياً تمكنوا من الخروج من غزة، أما أنا فوضعي المادي لا يسمح بذلك، فتكلفة الخروج تصل إلى 5000 دولار للشخص الواحد، حيث يتم التسجيل عبر شركة معينة وتصدر الأسماء ضمن كشوفات السفر.”
كل موقف يمر على ميسون تعتقد أنه الأصعب، “لكن الواقع يثبت أن القادم أصعب”، وتضيف بحنين “أشتاق للحياة الطبيعية، للذهاب إلى العمل ورؤية المواطنين في الشارع، ولقاء الأصدقاء في المساء، وزيارة الأقارب والجيران. حتى لو انتهت الحرب، حياتنا ستظل مختلفة، بعد فقدان أعزائنا وخسارة أملاكنا”.
أرقام صادمة
ترى الكاتبة والباحثة النسوية هداية شمعون أنه “يجب إطلاق شعار “الحرب على النساء الفلسطينيات في غزة” بمناسبة هذا اليوم العالمي للمرأة، فقد وصل عدد القتلى في غزة إلى أكثر من 30,800 حتى الآن، وتؤكد الإحصائيات أن أكثر من 70 في المئة منهم من النساء، بالإضافة إلى اللواتي لا زلن تحت الأنقاض، وكل منهن لديها قصة تستحق الاهتمام”.
وتضيف في حديث” أنه ” كل يوم تستمر فيه هذه الحرب ستقتل 63 امرأة في المتوسط وفق هيئة الأمم المتحدة، في وقت تم تدمير أكثر من 25 مستشفى، مما يجعل الوصول للخدمات الطبية والرعاية صعباً للنساء ومنهن المئات ممن فقدن أطرافهن، أما الحوامل فيعانين من ظروف قاسية للغاية للحصول على الرعاية الصحية، ما يؤدي إلى وفاة أطفالهن بسبب عدم تلقي التطعيمات ونقص التغذية السليمة”.
النساء في غزة بحسب شمعون “هن الأكثر تأثراً بالعنف، حيث يفقدن المعيل والأحباء والدعم المتوقع في حياتهن، فلا توجد امرأة لم تذق مرارة الفقد، وها أنا الآن في عزاء شقيقتي التي رحلت بشظايا صاروخ سقط على منزل الجيران تاركة خلفها ثمانية أبناء وعدد من الأحفاد، مع العلم أنه حتى الآن تم إحصاء 12 ألف طفل يتيم”.
المنازل التي كانت ملاذاً آمناً للنساء تحولت بفعل الحرب كما تقول شمعون “إلى بيئة محفوفة بالمخاطر والضغوط، ومع هذا يفرض على النساء التكيف والصمود في مواجهة هذه الظروف دون راحة أو استراحة، لا بل منهن من وجدن أنفسهن في خيام غير آمنة تحت الأمطار الغزيرة، مما زاد من صعوبات المحافظة على خصوصيتهن”.
وتواجه نسبة كبيرة من النساء صعوبات في الحصول على الغذاء، “ولا تقدم فقاعات المساعدات التي تسقط من الطائرات أي شيء، بل تعرض حياتهن وحياة الرجال للخطر، وتضطر بعضهن للوقوف لساعات طويلة ابتداء من الساعة الخامسة صباحاً للانضمام إلى طوابير الخبز للحصول ولو على رغيف لإطعام أطفالهن”، بحسب شمعون.
كما أن الوضع الكارثي في غزة يجعل النساء وفقاً لشمعون “عرضة للأمراض المعدية، عدا عن أنهن يعيشن في حالة دائمة من التوتر والقلق، ورغم ذلك يحاولن بكل ما أوتين من قوة الصمود وحماية عائلاتهن من ويلات الحرب، حتى نسين أنفسهن. إن ما تواجهه نساء غزة لا يمكن توصيفه بكل قواميس العالم، وهذا المشهد المرعب والمخيف لم يسبق له مثيل في أي حرب في التاريخ”.
وكانت نائبة المديرة التنفيذية للأمم المتحدة، سارة هندريكس، قد أشارت إلى “التأثير غير المتناسب” للصراع في غزة على النساء والفتيات، مشددة على أهمية إدراك وتحديد “الاحتياجات ونقاط الضعف الخاصة والملحة للنساء ومعالجتها”.
وأضافت “هناك أكثر من 500 ألف امرأة وفتاة نزحن من منازلهن في غزة. بالإضافة إلى ذلك، تشير تقديراتنا إلى أن العنف قد أنتج ما يقرب من 900 أسرة جديدة تعيلها نساء (بعد مقتل شركائهن الذكور). هذه الأرقام حتى 18 أكتوبر”، وشددت “أدى العنف إلى ارتفاع عدد النساء اللواتي أصبحن الآن أرامل ومسؤولات عن بيوتهن وأسرهن وعن احتياجاتهن”.
وتابعت “حتى قبل اندلاع العنف، أفاد تقرير عن الاحتياجات الإنسانية، لعام 2023، بأن 668 ألف شخص لاسيما النساء والفتيات، أي ما يقرب من 30 في المئة من السكان، كانوا بحاجة إلى الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي”.
أبعد من احتفال
في خضمّ الأحداث في غزة، كل المعايير الدولية كما تقول الدنف “التي كنا ننادي بها ونعمّمها على النشطاء وأفراد المجتمع، والتي نشدّد على أهميتها لضمان حقوق المرأة، تنتهك”.
وفي يوم المرأة العالمي 2024، تتمنى الدنف أن تكون قضية المرأة الفلسطينية هي القضية المركزية، وتناشد النساء اللواتي لطالما حملن راية الحق في الثامن من آذار، أن يرفعن هذه الراية نصرة للنساء الفلسطينيات المقهورات في غزة.
بالنسبة للنسويات، يوم المرأة العالمي كما تقول مديرة جمعية FEMALE حياة مرشاد “ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو فرصة للتذكير بمعاناة النساء اليومية والقضايا الهامة التي يجب العمل عليها. ولذلك، هذا العام، لا يمكننا الحديث عن احتفال في ظل ما يحدث في غزة والسودان وجنوب لبنان والكونغو وغيرها، ونحن ندعو إلى الإضراب النسوي في هذا اليوم، للتأكيد على أنه لا يوجد يوم عالمي للمرأة وحال النساء في مناطق النزاع هكذا”.
وأمس الخميس، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن حالة حقوق الإنسان مستمرة في الخروج عن نطاق السيطرة في جميع أنحاء السودان، فيما تتزايد المخاوف المتعلقة بالحماية على رأس كل ساعة. وأشار إلى أن الهجمات العشوائية التي شنتها قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية تسببت في مقتل أو إصابة عدد كبير من المدنيين.
وذكر غوتيريش أن الأمم المتحدة تتلقى تقارير مثيرة للقلق عن العنف الجنسي المنهجي المرتبط بالنزاع، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي، فضلاً عن الاختطاف والاتجار بغرض الاستغلال الجنسي. ودعا الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، وحماية المدنيين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، وفق التزامهم بذلك.
وكانت الناشطة النسوية والمدافعة عن حقوق النساء فهيمة هاشم، أعلنت أن النساء يقعن دائما ضحايا للنزاعات المتكررة التي ظل السودان يشهدها، منبهة إلى أن العنف ضد النساء يهدف إلى “كسر النساء وإجهاض العمل النسوي”.
وتطرقت خلال مشاركتها في فعاليات بمناسبة الذكرى السنوية لقرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن المرأة والسلم والأمن، إلى ما وصفتها بـ”القوانين المجحفة في حق النساء” التي وضعتها حكومة الرئيس السابق عمر البشير، مثل قانوني الأحوال الشخصية والنظام العام، ولا تزال هذه القوانين موجودة على الرغم من إلغائها في أعقاب الثورة.
وأضافت “حتى قبل الحرب، كان يتم استخدام أجساد النساء، بصورة منهجية، كساحات للحرب. وعندما اندلعت الحرب الحالية، رأى الناس وخاصة في الخرطوم مواقف مختلفة، حيث تم احتلال منازلهم واغتصاب فتياتهم وطفلاتهم أمام أعينهم واختطاف بعضهن إلى مناطق أخرى. لا يمكن أن يحدث أقبح من هذا بالنسبة للنساء”.
قوانين ضبابية
بسبب المعارك الدائرة بين إسرائيل وحزب الله على الحدود الجنوبية للبنان، “هناك شريحة كبيرة من نساء الجنوب اضطررن إلى النزوح”، كما تشدد المحامية في منظمة “كفى” فاطمة الحاج، شارحة “بناء على متابعتنا في المنظمة، لمسنا أن هناك عبء اقتصادي كبير يثقل كاهل النساء في ظل النزاعات، خاصة المطلقات واللواتي يعانين من خلافات عائلية. وإحدى الحالات التي طرقت باب المنظمة كشفت أن طليقها نجح في سحب حضانة أطفالها منها بحجة تعرضهم للخطر في مكان إقامتها، على الرغم من أنه يعيش في الضاحية الجنوبية لبيروت والتي تعتبر من الخطوط الساخنة”.
وفيما يتعلق بلبنان، بالإضافة إلى وضع المعارك على الحدود، هناك بحسب مرشاد “هجمة كبيرة على الحراك النسوي منذ ما يزيد عن العام، حيث يتم التحريض ضده في المساجد والحملات الإعلامية، وعلى الرغم من ذلك، تظل الحركة النسوية موجودة لتدعم النساء والفتيات في الأوضاع الصعبة وتتحدث باسمهن، مع العلم أنه بالنسبة لي أجد أنه من الضرورة عدم فصل المطالب النسوية عن المطالب الحقوقية والإنسانية والسياسية، وهذه القضايا يجب أن تكون من أولويات عملنا”.
دائما تتحمل النساء العبء الأكبر في الحروب، بحسب مرشاد “فهنّ يتحملن مسؤولية رعاية أسرهن وأطفالهن وكبار السن، وتأمين احتياجاتهم الأساسية من طعام ولباس ومأوى ومشرب، في ظل ظروف صعبة للغاية، وغالباً ما يتم تجاهل احتياجاتهن الخاصة، مثل احتياجات الصحة الإنجابية والجنسية، لاسيما في ظل نقص الخدمات الصحية والوصول إلى مستلزمات الدورة الشهرية”.
كما ترتفع بحسب ما تقوله مرشاد “مستويات العنف ضد النساء بشكل كبير في ظل الحروب، خاصة العنف الجنسي، مما يزيد من معاناتهن ويهدد حياتهن، لذلك يجب أن يكون العمل اليومي موجهاً نحو رفع أصوات هؤلاء لجعل قضاياهن حاضرة بشكل أساسي في الأجندات العامة”.
وفي ذات السياق، تشدد الحاج على أن “القانون الدولي ليس واضحاً فيما يتعلق بحقوق المرأة خلال النزاعات المسلحة، حيث لا توجد آلية محددة لمحاسبة المرتكبين في حال تعرض المرأة لأي انتهاكات، مثل الاغتصاب والخطف وسوء المعاملة”، وتضيف “على الرغم من توثيق الجمعيات النسائية للواقع الذي تعانيه نساء وفتيات غزة، إلا أنهن لم يحصلن على الدعم الإعلامي أو الدولي الكافي أو من قبل الأونروا، التي تتولى المسؤولية في هذا المجال”.
تظهر تجربة النزاع في سوريا وليبيا والعراق وغيرها أن النساء والفتيات والأطفال هم الأكثر تضرراً وعرضة لآثار الحرب، وفقاً لما تقوله الحاج “وهذا يستدعي ضرورة رفع الصوت لإقرار قانون شامل لمناهضة العنف ضد المرأة يتضمن حمايتها في ظل النزاعات المسلحة، وهذا ما قامت به منظمة كفى من صياغة مشروع قانون شامل لمناهضة العنف ضد المرأة”.
النضال مستمر
وعن وضع المرأة في البلاد العربية، تقول الحاج “في كل مكان وفي كل حيز، تتعرض حقوق المرأة للانتهاك، لذلك لا يزال المجتمع النسوي يناضل لانتزاع الاعتراف بخصوصيتها وتعرضها للتعنيف في مجتمع قوانينه تمييزية. والنضال مستمر حتى الاعتراف بأن مناهضة العنف حاجة تشريعية تتطلب كذلك آلية لمواجهتها من خلال إعطاء قضيتها حيزاً كبيراً في السياسات العامة وعلى رأسها ضرورة تعديل قوانين الأحوال الشخصية، وقوانين العمل التحرش، وتوفير الحماية الكاملة لها وتشديد العقوبات على منتهكي حقوقها، بالإضافة إلى تقديم التعويضات اللازمة لجبر الضرر الذي يلحق بها”.
كما أن الحديث عن وضع المرأة في العالم العربي، يفترض بحسب الناشطة النسوية، عليا عواضة، التطرق إلى عدة أمور، بدءاً من وضعها في القوانين وسوق العمل وصولاً إلى وضعها الاجتماعي” وتشير إلى أنه “يلاحظ أن هناك تطورات على صعيد وضع المرأة بشكل عام في المنطقة العربية، حيث دخلت بشكل متزايد في سوق العمل وتمكنت من تولي مناصب قيادية في الشركات الاقتصادية، بالإضافة إلى مشاركتها الواسعة في أنواع جديدة من العمل الاقتصادي”.
ومع ذلك، لا يزال هناك بحسب عواضة “العديد من القوانين التمييزية ضد النساء والفتيات في لبنان والمنطقة العربية، بالإضافة إلى التمييز الاجتماعي والارتفاع المستمر في نسب العنف ضدهن، وجرائم القتل التي تطالهن”.
ووفقاً لعواضة “لا يمكن تجاهل الوضع الخطير للنساء والفتيات خلال فترات النزاع، مثل ما يحدث اليوم في غزة وجنوب لبنان، حيث تعاني المرأة في غزة من عدم القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية”.
وتختم “ينبغي أن نعترف بأننا غير قادرين حتى على النظر بشكل إيجابي لوضع النساء والفتيات في ظل ما يحدث في المنطقة، مع الأمل في أن تنتهي هذه الحروب وتحقق القوانين الدولية حماية أفضل لهن خلال فترات النزاع والحروب”.