حذّر قانونيان في الإمارات من سلوكيات يقع فيها بعض الأشخاص قد تعرّضهم للمساءلة القانونية، وهي استخدام «الفلاتر» على منصّات التواصل الاجتماعي التي تقوم بتشويه وجوه الأشخاص بشكل فكاهي، ونشرها على حساباتهم الخاصة، إذ يترتب على ذلك الفعل مسؤولية جزائية تجعل مرتكبيها متهمين بالاعتداء على خصوصية الآخرين والتقليل من شأنهم في حال أثبت صاحب القضية تعرّضه للضرر.
وأكدا أن العقوبة لمستخدمي «فلاتر» تشويه وجوه الآخرين ونشرها تصل إلى الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تزيد على 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك لكل من استخدم نظام معلومات إلكترونياً أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد، بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر.
ونوها إلى أنه من حق المدعي تحريك دعوى مدنية يطالب فيها بتعويض مالي يفصل فيه القاضي بسلطته التقديرية بعد انتهاء جميع مراحل القضية الجزائية بإدانة الطرف الآخر.
وقالت المستشارة القانونية والمحامية، أساور المنصوري، إن قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية يكفل حق الأشخاص المتضررين نفسياً وأدبياً من استخدام «الفلاتر» التي تغير ملامح وجوه الأشخاص ليبدوا بشكل فكاهي أو مشوّه، وذلك من خلال المادة (44) التي تنص على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تزيد على 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم نظام معلومات إلكترونياً أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر».
وذكرت أن استخدام «الفلاتر» بشكل غير مسؤول يؤدي إلى تبعات قانونية ولو كان بقصد الضحك والفكاهة، خصوصاً حين يتم تصوير الأشخاص بغير علمهم وتغيير ملامحهم، بحيث يبدون على غير هيئتهم. وأكدت أن انتفاء النية لا يشفع لمرتكبي مثل هذا السلوك، خصوصاً أنه بمجرد نشر صور الآخرين بـ«فلاتر» تشوه وجوههم وهيئتهم على مواقع التواصل الاجتماعي قد يتسبب لهم بضرر أدبي ونفسي.
من جهته، أشار المستشار القانوني والمحامي، راشد الحفيتي، إلى أن استخدام «الفلاتر» التي تقوم بتشويه الملامح الحقيقية دون علم أصحابها ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، يُعدّ انتهاكاً لخصوصيتهم وتشويهاً لصورتهم الشخصية أمام الآخرين، ما يجعل مرتكبيها عرضة للمساءلة القانونية، مشيراً إلى أن القانون الإماراتي تكفل بحماية حق هؤلاء الأشخاص عبر مواد قانونية تجرّم من تطاول على خصوصيتهم وتسبب بالأذى النفسي والأدبي لهم.
وأوضح أنه يحق لأي شخص تم تصويره دون علمه عبر «فلاتر» قامت بتشويه وجهه أو تغييره، ونشر ذلك عبر تقنية المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي، رفع دعوى جزائية للمطالبة بحقه في المحكمة، وتحريك دعوى مدنية لتعويضه مادياً بعد الانتهاء من جميع مراحل القضية الجزائية وإدانة الطرف الآخر.
من جهتها، أوضحت الأخصائية النفسية، هلا وليد السعيد، أن استخدام «الفلاتر» لتشويه وجوه الآخرين بغرض الفكاهة والضحك، يُعدّ سلوكاً عدوانياً ونوعاً من أنواع التنمر الإلكتروني الذي قد يؤدي لاضطرابات نفسية للأشخاص الذين تم تصويرهم بشكل فكاهي، وترسيخ مفاهيم معينة لديهم كالشعور بالدونية والإذلال وقلة احترام الذات والشعور بعدم الرضا عن النفس وازدياد مشاعر الوحدة والعزلة والقلق والاكتئاب.
وأشارت إلى أن «الفلاتر» المخصصة لتحسين ملامح الوجوه في تطبيقات الهواتف الذكية تتسبب في اضطرابات نفسية خطيرة تسمى «ديسمور فوبيا»، والتي تعني عدم رضا الشخص عن نفسه ومظهره، كما أن بعض الأشخاص يحاولون تغيير وجوههم رغم عدم وجود سبب يتطلب العمل الجراحي.
وأكدت الباحثة في التراث الإماراتي، بدرية الحوسني، أن استخدام «فلاتر» التشويه لكبار السن أو أفراد العائلة بشكل عام، سواء كانوا آباء أو أمهات أو أقارب، يمكن أن يؤثر على مفهوم الاحترام ويقلل من قيم الاحترام لدى الفرد، إذ إنه في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي هذا التصرف إلى تشويه فهم الاحترام والقيم الأسرية الأصيلة.
وأضافت أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تسهم في تفكيك القيم الاجتماعية الأصيلة لانفتاحها على مجتمعات عديدة، كعدم احترام خصوصية الآخرين وتقدير الأشخاص، أو تصويرهم بطرق تفتقر إلى الاحترام والحس الإنساني.