هلا نيوز – وكالات
لأول مرة، حدد الباحثون مدى أهمية الأحماض الدهنية في الدماغ والجينات التي تتحكم فيها لتكوين الذاكرة، بالإضافة إلى زيادة الفهم لكيفية تشكل الذكريات، ويفتح هذا الاكتشاف الباب أمام علاجات جديدة للأمراض التي تؤثر على الذاكرة مثل مرض الزهايمر.
بحسب ما نشره موقع New Atlas نقلًا عن دورية EMBO، فإن الدماغ البشري غني للغاية بالمركبات الدهنية التي تشكل حوالي 60%من وزنه، وإن هناك نوعا من الدهون في الدماغ، هي تحديدًا الدهون الفوسفاتية ووحدات بناء الأحماض الدهنية الحرة FFA، التي تشكل أغشية عصبية تلعب دورًا حاسمًا في التعلم والذاكرة، بيد أن الآليات، التي يؤثر بها نشاط الخلايا العصبية على المشهد الدهني للدماغ وتكوين الذاكرة اللاحق، مازالت غير مفهومة جيدًا.
سلطت دراسة جديدة، أجراها باحثون في جامعة كوينزلاند، بالتعاون مع جامعات نيو ساوث ويلز وستراسبورغ وبوردو ومعهد سكريبس للأبحاث وكلية بايلور للطب، الضوء على الآليات الجزيئية والجينات الكامنة وراء تكوين الذكريات.
وقال إسحاق أكيفي، الباحث الرئيسي في الدراسة: “لقد أظهرنا سابقًا أن مستويات الأحماض الدهنية المشبعة تزداد في الدماغ أثناء التواصل العصبي، لكن لم يمكن معرفة ما الذي يسبب هذه التغييرات”، مشيرًا إلى أنه “الآن، ولأول مرة، تم تحديد التغيرات في مشهد الأحماض الدهنية في الدماغ عندما تقوم الخلايا العصبية بتشفير الذاكرة”.
وأثناء العمليات العصبية، يقوم إنزيم الفسفوليباز بتحليل الفسفوليبيدات لإنتاج الأحماض الدهنية الدهنية المشبعة، مما يغير بيئة الدماغ المحلية.
وأظهرت الدراسات أن الدهون الفوسفاتية مثل PLA1 ومستقلبات FFA الخاصة بها ترتبط بالبروتينات الرئيسية مثل Syntaxin-1A وMunc18-1 لتنظيم الحويصلات المشبكية التي تطلق الناقلات العصبية وهي ضرورية لنشر النبضات العصبية بين الخلايا العصبية، تتجلى أهمية الدهون الفوسفاتية PLA1 في وظيفة الخلايا العصبية من خلال الاضطراب الوراثي الشلل النصفي التشنجي الوراثي HSP، حيث ترتبط طفرة في جينDDHD2 ، الذي يشفر PLA1 بالخلل المعرفي.
وللتحقق من دور الجين DDHD2 في تكوين الذاكرة، استخدم الباحثون نموذج الفأر المعطوب DDHD2 المسبب للشلل النصفي التشنجي الوراثي وتتبعوا التدهور الحركي العصبي والإدراكي للفئران المُعطلة طوال حياتها. قاموا بتقييم التغييرات التي طرأت على 19 منطقة مستقلبات FFA عبر خمس مناطق في الدماغ استجابةً لإجراء يختبر الذاكرة الترابطية القائمة على المكافأة. في حين أن إجراء الاختبار أدى إلى تغييرات خاصة بالمنطقة في المشهد الدهني للدماغ في فئران التحكم، والتي تتميز بزيادة في الأحماض الدهنية المشبعة، أظهرت الفئران المُعطلة DDHD2 انخفاضًا كبيرًا في استجابة الدهون المشبعة، حتى قبل حدوث ضعف في الذاكرة.
وقال فريدريك مونييه، أحد الباحثين بالدراسة: “إن الطفرات البشرية في جينات PLA1 وSTXBP1 تقلل من مستويات الأحماض الدهنية الحرة وتعزز الاضطرابات العصبية”. وشرح أنه “لتحديد أهمية الأحماض الدهنية الحرة في تكوين الذاكرة، تم استخدام نماذج الفئران حيث تمت إزالة جين PLA1.
وتم تتبع بداية وتطور التدهور العصبي والمعرفي طوال حياتها. وتبين أنه حتى قبل أن تضعف ذاكرتها، كانت مستويات الأحماض الدهنية الحرة المشبعة لديها أقل بكثير من الفئران الخاضعة للتحكم. ويشير هذا إلى أن إنزيم PLA1 والأحماض الدهنية التي يطلقها تلعب دورًا رئيسيًا في اكتساب الذاكرة.
وتترتب على النتائج آثار مهمة لفهم كيفية تشكيل الذكريات وتطوير علاجات للأمراض التي تؤثر على الذاكرة، حيث قال مونييه: “تشير النتائج إلى أن التلاعب بمسار اكتساب الذاكرة له إمكانات مثيرة كعلاج للأمراض التنكسية العصبية، مثل مرض الزهايمر”.