تطلق “تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان”، حملة إعلامية تتناول أهمية مراجعة ملَفّ الأجور في الأردن من حيث تعديل التشريعات بحيث تتواءم مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن، كذلك إيجاد آليات فعّالة تضمن حصول العمال على أجورهم.
وأوضحت تمكين في بيان صادر عنها الخميس، أنّ الحملة جاءت بعد مصادقة الأرْدُنّ، نهاية العام 2023 على اتّفاقيّة العمل العربيّة رقم 15 لسنة 1983، بشأن تحديد الأجور وحمايتها، حيث ورد في الاتفاقية العديد من البنود المهمة التي تستدعي إعادة النظر في الأجور والحد الأدنى لها، وستتناول الحملة أهم بنود الاتفاقية ومدى مواءمتها مع التشريعات الأردنية.
وحول أهم بنود الاتفاقية وفقًا لورقة موقف أعدتها “تمكين” بعنوان “اتّفاقيّة العمل العربيّة رقم 15 لسنة 1983، بشأن تحديد الأجور وحمايتها وتصديق الأردنّ عليها ومدى مواءمتها مع التشريعات الوطنيّة”، ما جاء حول الحد الأدنى للأجور، حيث تعتبر الاتّفاقيّة من أهمّ اتّفاقيّات العمل العربيّة التي تناولت الأدنى للأجور، وعرفته بأنه: “المستوى المقدّر للأجر ليكون كافيًا لإشباع الحاجات الضروريّة للعامل وأسرته، كالملبس، والمسكن، للعيش بمستوى إنسانيّ لائق”.
وأوضحت الورقة أنه في الأردنّ، يحدّد قانون العمل قيمة الحدّ الأدنى للأجور من خلال اللجنة الثلاثيّة لشؤون العمل تتولّى تحديد الحدّ الأدنى للأجور، حيث تُشير المادّة (52) من قانون العمل أن تتولّى اللجنة الثلاثيّة تحديد الحدّ الأدنى للأجور، وذلك عمومًا أو بالنسبة لمنطقة أو مهنة معيّنة أو لفئة عمريّة معيّنة على أن يؤخذ بعين الاعتبار مؤشّرات تكاليف المعيشة الّتي تصدرها الجهات الرسميّة المختصّة.
وعليه إنّ مهمّة اللجنة الثلاثيّة للعمل، وفقًا لقانون العمل، تتبلور في قياس تكاليف المعيشة، وتحديد الحدّ الأدنى للأجور بناء على توافقاتها، يجدر الإشارة في هذا الجانب إلى أنّ قرارات اللجنة الثلاثيّة الّتي تحدّد الحدّ الأدنى للأجور لم تتضمّن في طيّاتها الأسس الّتي بنيت عليها قرارات رفع الحدّ الأدنى للأجور، وفق اللجنة.
وأوضحت الورقة أنّ تحديد الحدّ الأدنى للأجور مرتبط بمؤشّرات تكاليف المعيشة ومع ازدياد نسب التضخّم، إلّا أنّ الحدّ الأدنى للأجور لا يزال منخفضًا (يبلغ الحدّ الأدنى للأجور 260 دينارًا)، رغم أنّ ربط الحدّ الأدنى للأجور بالتضخّم يزيد القدرة الشرائيّة للعاملين ويحافظ عليها، حيث إنّ هنالك علاقة عكسيّة بين القوّة الشرائيّة من جهة والتضخّم من جهة أخرى، فمثلًا في حال ارتفاع الأسعار مع بقاء الأجور ور ثابتة، فإنّ القوّة الشرائيّة للمواطنين تكون حينها قد انخفضت القيمة الحقيقيّة لأجورهم، بالمقابل فإنّه حينما ترتفع الأجور بمعدّل أكبر مقارنة بارتفاع الأسعار، ينتج عن ذلك تحسّن في القوّة الشرائيّة.
وأشارت الورقة إلى أن قرارات اللجنة الثلاثية التي تحدد الحد الأدنى للأجور لم تتضمن في طياتها الأسس التي بنيت عليها قرارات رفع الحد الأدنى للأجور الذي بدأ من 80 دينارًا في العام 1999 ليصل إلى 220 دينارًا عام 2017.
وفي 24 شباط 2020 اتّخذت اللجنة الثلاثيّة لشؤون العمل قرارًا في برفع الحدّ الأدنى لأجور الأردنيّين إلى 260 دينارًا اعتبارًا من 1 كانون الثاني 2021، والحد الأدنى للأجور للعمال غير الأردنيين 230 ديناراً اعتباراً من 2021/1/1، على أن تجري زيادة الحد الأدنى للأجور لهم على مدى سنتين ليتساوى مع الحد الأدنى للأجور للأردنيين في 2023/1/1.
وتضمّن القرار أيضًا “زيادة الحدّ الأدنى للأجور للسنوات 2022 – 2023 – 2024 بما يعادل نسبة التضخّم للسنة السابقة، والّتي تصدر عن الجهات الرسميّة المختصّة”، ليصدر قرارًا آخر مطلع العام 2023 بتثبيت الحدّ الأدنى للأجور ليبقى 260 دينارًا، وعدم رفعه للعامين (2023-2024)، على أن يتم إعادة النظر بالحد الأدنى للأجور من قبل اللجنة بداية عام 2025 لإعادة احتسابه بحيث يتم زيادة الحد الأدنى للأجور والبالغ 260 دينار بإضافة نسب التضخم تراكميًا للسنوات 2022-2024، وفق تمكين.
وأكدت الورقة أنّ الحدّ الأدنى للأجور لا يكفي للاحتياجات الأساسيّة للعامل وأسرته، ولا يزال يقلّ عن خطّ الفقر المطلق للأسرة المعياريّة (حجم الأسرة المعياريّة 4.8 فرد) في الأردنّ البالغ وفق الأرقام الرسميّة 480 دينارًا شهريًّا، كما أنّ خطّ الفقر العامّ المطلق (الغذائيّ وغير الغذائيّ) بلغ 813.7 دينار للفرد سنويًّا (أي 68 دينارًا للفرد شهريًّا)، أمّا خطّ الفقر المدقع للفرد (أي الفقر الغذائيّ) فقد بلغ 336 دينارًا للفرد سنويًّا، أي ما يعادل 28.0 دينارًا للفرد شهريًّا، كذلك يقلّ الحدّ الأدنى للأجور عن معدّلات الإعالة البالغة، حيث يعيل كلّ شخص ثلاثة آخرين، بمعنى 400 دينار شهريًّا.
وفيما يتعلق بامتياز أجر العامل أعلى من امتياز الدولة، أشارت الورقة إلى أن الأجور والمبالغ المستحقّة للعامل الناشئة عن عقد العمل تعتبر دينًا ممتازًا، ويتمتّع بأعلى درجات الامتياز على ما عداه من ديون بما فيها ديون الدولة، (على الأموال المنقولة وغير المنقولة لصاحب العمل)، هذا ما يتوافق مع التشريعات الأردنيّة التي أوردت الديون الممتازة في الموادّ من 1424 حتى 1447 من القانون المدني رقم 43 لعام 1976.
أما حق الامتياز في قانون العمل الأردني نصت عليه المادة (51) التي جاء فيها: (أ . 1. تعتبر الأجور والمبالغ المستحقة بموجب أحكام هذا القانون، للعامل أو ورثته أو أي مستحقين لها بعد وفاته، ديونًا ممتازة امتيازًا عامًا من الدرجة الأولى بالمعنى القانوني لهذه الكلمة، 2. يفقد العامل حقه في الامتياز العام المنصوص عليه في البند (1) من هذه الفقرة إذا ثبت للمحكمة المختصة أن الأجور والمبالغ المتحققة له والتي يشملها هذا الامتياز لا تستند إلى أي أساس قانوني).
وبينت الورقة أنه من خلال مراجعة أوّليّة قامت بها “تمكين” لمجموعة من القرارات القضائيّة المتعلّقة بالعمل، أحكامها صدرت بأنّ المبالغ المستحقّة للعامل، أو ورثته أو المستحقّين بعد وفاته ديونًا ممتازة امتيازًا عامًّا من الدرجة الأولى تقدم على غيرها من سائر الديون الأخرى بما في ذلك الضرائب والرسوم والحقوق الأخرى المستحقّة للحكومة والديون المؤمنة برهونات عقاريّة أو تأمينات عينيّة.
وأوردت الاتّفاقيّة العربيّة رقم (15) في المادّة الثالثة عشر ما يلي: تمنح المرأة العاملة الأجر المماثل لأجر الرجل وذلك عن تماثل العمل، ولضمان تطبيق أحكام قانون العمل ومعايير العمل العربية والدولية المُصدّق عليها أُصْدِرَت الاتفاقية العربية رقم (19) لعام 1998.