جسدت الوقفة الأردنية الهاشمية بجانب الأشقاء في غزة قصة من قصص الإنسانية ونبراسا للعالم يهتدى به في وقت غض العالم فيه البصر عن المآسي التي يعيشها الشعب الفلسطيني الأعزل منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الشعواء على غزة.
جاءت هذه المواقف بروح العائلة الواحدة والجسد الواحد، بمبادرة لدعم أهل غزة وسائر فلسطين، إذ عبرت مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني عن مشاعر أبوة خالصة تجاه أبناء غزة، فهب لوضع حد للحرب الإسرائيلية ومنع انتقالها إلى مناطق أخرى في فلسطين، فتحرك على قدم وساق وعقد سلسلة مكثفة من اللقاءات مع قادة وزعماء الدول وكبار المسؤولين الأوروبيين ركز خلالها على أهمية وصول المساعدات الإنسانية لإنقاذ الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي.
وبتوجيهات سامية، أرسل جلالته العديد من المساعدات التي خففت آلام أبناء غزة فدخلت عشرات الشاحنات الأردنية المحملة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية وطائرات الإنزال الجوي أيضا المحملة بالأجهزة ومواد الإسعافات بأنواعها المختلفة، ما يؤكد حرص جلالته على توفير كل ما يلزم للأشقاء إلى جانب إيلاء اهتمام خاص بالمستشفيات الميدانية كرسالة طمأنة للفلسطينيين بأن الشعب الأردني بجوار شقيقه الفلسطيني لن يتركه وحيداً، فلم يهدأ بال لجلالته ولم تغفُ له عين حتى يؤمّن الحد الأدنى من الإغاثات المتواصلة التي تسعف نفسا بريئة لا ذنب لها في وجه طغيان ووحشية تدعي أنها تدافع عن نفسها.
وجنبا إلى جنب جهود جلالة الملك، كرس سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، جهده للإشراف على الطائرات الأردنية المحملة بالمساعدات بنفسه، يتفقد كل شيء يتم إرساله إلى الشعب الفلسطيني، وقد عبر في كلمة لسموه وهو يتفقد طائرة مساعدات بمطار العريش أن هذه الجهود نابعة من الأخوة ومن أخلاقيات لا يغيرها ظرف ولا زمان ولا مكان.
أما مشاعر الأمومة الحانية لجلالة الملكة رانيا العبدالله تجاه أطفال فلسطين فلا كلمات تعبر عنها، فمنذ اندلاع الحرب على غزة وجلالتها تلمس مشاعر الفقد في كل بيت فلسطيني، مؤكدة أن الإنسانية ستظل منقوصة غير مكتملة لأن معاناة أي مواطن فلسطيني تنتقص من إنسانيتنا.
وفي الإطار ذاته كانت زيارة جلالة الملكة رانيا للأطفال الذين تم إجلاؤهم من غزة لتلقي العلاج، لإضفاء روح الأمان في نفوسهم، وهي تشاركهم بعض الألعاب التعليمية، للتخفيف عنهم خلال فترة العلاج.
وكانت نبرة جلالتها جلية في كل مرة مؤكدة أن «علينا أن نرى في وجوه أطفال غزة وجوه أطفالنا.. كل مقطع من تلك المقاطع هو بمثابة نداء يائس للعالم للاعتراف بإنسانيتهم وآلامهم. لم يفقد أهل غزة الأمل في إنسانية الآخرين، رغم فشل الكثيرين في رؤية إنسانيتهم».
المواقف الإنسانية النبيلة التي ترسخت في البيت الهاشمي وترعرع عليها أبناء الهاشميين في الأسرة الأردنية الواحدة نموذج متفرد، فكان موقف سمو الأميرة سلمى بنت عبدالله الثاني التي تحمل رتبة ملازم أول/طيار في سلاح الجو الملكي، وهي ترافق طاقم طائرة الإنزال الأردنية الخامسة المحملة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية للأشقاء في غزة، حيث سيرت بتوجيهات ملكية سامية، بهدف زيادة قدرة الكوادر الطبية ولتعزيز وتطوير إمكانات المستشفيات بتقديم الخدمات الطبية والعلاجية، في ظل الحرب على القطاع، حيث برهنت سموها على الأيادى البيضاء الممدودة بالعطاء من جميع أفراد الأسرة الهاشمية بروح الإنسانية البيضاء قبل المسؤولية.
حالة التناغم في الموقفين الرسمي والشعبي بقيادة جلالة الملك لوقف العدوان على غزة، جعلت الأردن في صدارة المواقف العروبية الصادقة في دعم الشعب الفلسطيني، فموقف المملكة الصلب يأتي من صلابة ومتانة الجبهة الداخلية ووحدة الصف خلف جلالة الملك، كما أن التفاف الأردنيين خلف مواقف جلالته المطالبة بوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة بشكل مستدام، كان رسالة واضحة للعالم أجمع.