كشفت حسابات حديثة، أجراها فريق من علماء الأحياء والجيولوجيا، أن عدد الخلايا الحية على وجه الأرض يفوق عدد النجوم في الكون أو حبات الرمل على كوكبنا.
ويقدر الرقم بمليون تريليون تريليون، أو 10^30 بالرمز الرياضي (1 متبوعا بـ 30 صفرا).
وتمثل الميكروبات الغالبية العظمى من هذه الخلايا، وهي صغيرة جدا بحيث لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة. والكثير منها عبارة عن البكتيريا الزرقاء، وهي فقاعات صغيرة من الطاقة والكيمياء تنطلق في النباتات وفي البحار وتجمع الحياة كما نعرفها، وتستغل ضوء الشمس لتصنيع الأكسجين الذي نحتاجه للتنفس.
وقال بيتر كروكفورد، عالم الأحياء الجيولوجية بجامعة كارلتون في أوتاوا والمعد الرئيسي للتقرير، الذي نُشر في مجلة Current Biology: “النتيجة الكبيرة هي أن هذا يضع الأرض كمعيار لعلم الكواكب المقارن”. وهذه النتيجة “تسمح لنا بطرح أسئلة كمية أكثر حول المسارات البديلة التي يمكن أن تتخذها الحياة على الأرض، وكم الحياة التي يمكن أن تكون ممكنة على كوكبنا”.
وكتب مايكل كيب من جامعة Duke، والذي لم يكن جزءا من الدراسة، في Current Biology Dispatches: “في الساحة الكونية الشاسعة، ربما تكون هناك كواكب تعيش بسرعة وتموت فتية، في حين أن أخرى بطيئة وثابتة. أين تقع الأرض في هذا الطيف؟.
ووافق كاليب شارف، عالم الأحياء الفلكية في مركز أبحاث Ames التابع لناسا، الدكتور كروكفورد في رأيه. وكتب في رسالة بالبريد الإلكتروني: “كان هناك عدد من الأعمال المثيرة للاهتمام في العام أو العامين الماضيين، حيث تراجع الناس خطوة إلى الوراء للتفكير حقا في الطرق التي تطبع بها الحياة نفسها على الكوكب”.
وفقا للسجل الأحفوري، ظلت الجيولوجيا والتطور في تناغم لمدة 3.8 مليار سنة، حيث كان عمر كوكبنا 700 مليون سنة فقط. وفي ذلك الوقت ظهرت أولى المخلوقات وحيدة الخلية، ربما في فتحات بركانية تحت سطح البحر، تتغذى على الطاقة الكيميائية المحيطة بها.
وقد تزايد عدد الخلايا بشكل كبير منذ ذلك الحين، حتى من خلال الكوارث الجيولوجية وأحداث الانقراض، التي فتحت طرقا جديدة للتطور.
وزُرعت بذور الحياة الحيوانية في وقت ما في الماضي المعتم، عندما تعلمت بعض البكتيريا استخدام ضوء الشمس لتقسيم جزيئات الماء وإنتاج الأكسجين. وقبل 2.4 مليار سنة مضت، مع رسوخ عملية التمثيل الضوئي، بدأت كمية الأكسجين في الغلاف الجوي في الارتفاع بشكل كبير.
وقال بيتر وارد، عالم الحفريات من جامعة واشنطن، إن حدث الأكسدة العظيم “كان بوضوح أكبر حدث في تاريخ المحيط الحيوي”.
وبدون عملية التمثيل الضوئي، لن يكون لدى بقية الخليقة سوى القليل من الطعام. ولكنها مجرد خيط واحد في شبكة من حلقات ردود الفعل الجيولوجية للطقس والمحيطات والميكروبات والبراكين، للحفاظ على استقرار الكرة الأرضية ودفئها بشكل أساسي والسماح للحياة بالنمو.
وأدى ظهور البكتيريا الزرقاء إلى ما يعرف باسم الانفجار الكامبري منذ حوالي 550 مليون سنة، عندما ظهرت كائنات متعددة الخلايا – الحيوانات – بغزارة مفاجئة ورائعة في السجل الأحفوري.
وأدرك كروكفورد وزملاؤه أنهم يستطيعون تتبع نمو الخلايا عبر الزمن عن طريق قياس النظائر المعدنية وكمية الأكسجين في الصخور القديمة. ونتيجة لذلك، تمكنوا من تقدير إجمالي الحياة التي أنتجتها الأرض منذ بدايتها – حوالي 10^40 خلية، أي ما يقرب من 10 مليار خلية أكثر مما هو موجود حاليا.
وعلى الرغم من أن هذا العدد يبدو ضخما، إلا أنه لا يمثل سوى 10% من جميع الخلايا التي ستتكون عندما يسدل الستار على الحياة على الأرض بعد مليار سنة من الآن.
ويقول علماء الفلك إنه مع تقدم عمر الشمس، ستتضخم عملية التجوية وغسل ثاني أكسيد الكربون. وفي الوقت نفسه، مع انخفاض باطن الأرض تدريجيا، سيهدأ النشاط البركاني، ما سيوقف تجديد الغازات الدفيئة.
ونتيجة لذلك، قال كروكفورد: “من غير المرجح أن ينمو المحيط الحيوي للأرض بما يتجاوز ∼ 10 ^ 41 خلية متكاملة زمنيا عبر كامل العمر الصالح للحياة على الكوكب”.
وأوضح الدكتور كروكفورد أنه كلما زاد عدد الخلايا، زاد عدد مرات تكاثرها، ما أدى إلى إنتاج المزيد من الطفرات.