أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني، النسخة الأولى من تقرير “مؤشر التنمية المحلية المستدامة 2023″، والذي طوّر منهجيته بالتعاون مع الوزارات المعنية، ودائرة الإحصاءات العامة، ومكتب الأمم المتحدة الإنمائي في الأردن، وفق أسس علمية لقياس مستوى التنمية المحلية المستدامة في المحافظات الأردنية.
وجرى اعتماد هذا المؤشر من الحكومة كأحد الأسس والمعايير المستخدمة في تحديد سقوف موازنات المحافظات “النفقات الرأسمالية”، ضمن الموازنة العامة، وبوزن نسبي يصل إلى 15% من السقف الإجمالي المخصص للمحافظات.
وأكد المنتدى أهمية هذا المؤشر في توفير أداة قياس كمية وعلمية تساعد على تتبع الإنجاز لتحقيق التنمية المستدامة على مستوى المحافظات، وذلك من خلال تقييم وقياس خمسة محاور رئيسية، وهي كل من الأنشطة الاقتصادية، والتعليم، والصحة، والبنية التحتية، والوضع الاجتماعي.
وبحسب المنتدى، فإن هذا المؤشر يمكن أن يلعب دوراً مهماً في تقييم نتائج تنفيذ مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي على مستوى محافظات المملكة، وبالتحديد المبادرات المدرجة ضمن ركيزتي جودة الحياة، والاستدامة.
وفيما يتعلق بنتائج المؤشر للعام 2023، فقد أشار التقرير إلى أن المحافظات قد سجلت الأداء الأفضل ضمن محور “الصحة”، نتيجة أدائها الجيد في مؤشر “نسبة الأفراد المؤمنين صحياً”، كما كان أداؤها جيداً نسبياً في محور “الوضع الاجتماعي”، نظراً لأدائها في مؤشر “دليل التنمية المبكرة للطفل”.
وبينت النتائج، وجود ضعف واضح في أداء المحافظات ضمن محور “البنية التحتية”، بسبب ضعف أدائها بشكل رئيسي في مؤشري “التزويد المائي للأغراض المنزلية والبلدية”، و”حوادث التدهور إلى إجمالي الحوادث”. كما جاء أداء المحافظات ضعيفاً أيضاً في محور “الأنشطة الاقتصادية”، نتيجةً لضعف أدائها في مؤشر “توزيع المؤمّنين في الضمان الاجتماعي حسب المحافظات”.
وعلى مستوى أداء المحافظات، جاءت العاصمة عمان الأعلى من حيث مستوى التنمية وفقاً لنتائج المؤشر، حيث سجلت ما مجموعه 70.4 نقطة (من أصل 100 نقطة). تلتها محافظة البلقاء (47.1 نقطة)، ثم العقبة (45.2 نقطة) والكرك (43.7 نقطة). فيما حلّت محافظة المفرق في المرتبة الأخيرة، بعد أن سجلت 24.8 نقطة ضمن مؤشرات التنمية المحلية بالمجمل.
وأظهرت نتائج التحليل وجود فجوة كبيرة فيما بين أداء محافظات المملكة. حيث وصل الفارق ما بين محافظة العاصمة وثاني المحافظات (البلقاء) إلى ما يقارب 23.3 نقطة. فيما بلغ قرابة 45.6 نقطة عند المقارنة مع أقل المحافظات من حيث التنمية المحلية (المفرق). هذا، وجاءت ست محافظات من أصل اثنتي عشرة محافظة تحت المتوسط العام لمؤشر التنمية المحلية، والبالغ 40.4 نقطة.
وبحسب توزيع المحافظات وفق تصنيف مستوى التنمية المحلية، فقد حلت كل من عمان، والبلقاء، والعقبة ضمن المحافظات ذات التنمية المحلية المرتفعة. بينما جاءت كل من الكرك، وإربد، والزرقاء، ضمن المحافظات ذات التنمية المحلية المتوسطة المرتفعة.
وضمن المحافظات ذات التنمية المحلية المتوسطة المنخفضة، جاءت كل من عجلون، وجرش، والطفيلة. بينما جاءت كل من مأدبا، ومعان، والمفرق ضمن المحافظات ذات التنمية المحلية المنخفضة.
أما بالنسبة للمحاور الرئيسية، فقد سُجل التباين الأعلى بين المحافظات ضمن محور “الوضع الاجتماعي”، والذي يعبر عن مستوى الرفاه والدخل لدى الأفراد، فيما جاء “محور التعليم” الأقل من حيث الفجوة بين أداء المحافظات.
وبينت نتائج التقرير، تربّع محافظة العاصمة على قائمة المحافظات في ثلاثة محاور من ضمن المحاور الخمسة، وهي كل من “البنية التحتية” و”الأنشطة الاقتصادية” و”الوضع الاجتماعي”، فيما جاءت محافظة عجلون الأفضل أداءً في محور “التعليم” نتيجة ارتفاع نسبة الملتحقين في المرحلة الثانوية لدى المحافظة، وانخفاض مستوى الأمية بين سكانها.
أما في محور “الصحة”، فقد حلت محافظة العقبة في المرتبة الأولى نتيجة لأدائها الجيد في المؤشرات الفرعية، وكان أفضلها مؤشر “معدل وفيات الأطفال دون الخمس سنوات”.
وعلى الجانب الآخر من أداء المحافظات ضمن المحاور الرئيسية، فقد سجلت عجلون الأداء الأضعف في محور الأنشطة الاقتصادية، بسبب ضعف أدائها في المؤشر الفرعي لتوزيع المؤمّنين في الضمان الاجتماعي، وجاءت أيضاً الأضعف في محور البنية التحتية، نظراً لضعف خدمات النقل العامة فيها.
فيما جاءت الطفيلة الأضعف أداءً في محور الوضع الاجتماعي، كنتيجة لضعف أدائها في المؤشر الفرعي لمتوسط الإنفاق على الغذاء إلى إجمالي الإنفاق. أما في محور الصحة فقد سجلت محافظة مأدبا الأداء الأضعف، بسبب ارتفاع معدل وفيات الأطفال دون الخمس سنوات نسبياً مع المحافظات الأخرى. فيما حلت المفرق في المرتبة الأخيرة ضمن محور التعليم، نظراً لضعف أدائها في مؤشر معدل صافي الالتحاق للمرحلة الثانوية.
وفي ختام التقرير، أوصى منتدى الاستراتيجيات وفقاً للنتائج، بضرورة استخدام هذا المؤشر لتتبع أداء المحافظات سنويا ضمن المؤشرات الفرعية، وتوجيه البرامج التنموية وفق أولوياتها وحاجاتها.
وأشار المنتدى إلى أهمية العمل على تقليل الفجوات الموجودة بين محافظات المملكة في مستويات التنمية المحلية، من خلال دعم اللامركزية في إدارة شؤونها، وزيادة مخصصاتها المالية ضمن الموازنة العامة.
وشدد على ضرورة إيلاء اهتمام كبير لتطوير البينة التحتية في محافظات المملكة، وتحديداً التي حصلت على الدرجة الأقل ضمن المحاور الرئيسية للمؤشر. علاوة على التركيز على دعم وتطوير منظومة النقل العام والمواصلات داخل المحافظة وما بين محافظات المملكة، مما سيسهم في التقليل من تركز الاستثمارات وفرص العمل ضمن عدد قليل من المحافظات، وبالتالي الحد من هجرة السكان إليها.
كما أشار المنتدى ضمن التوصيات، إلى ضرورة توسيع مظلة شمول الحماية الاجتماعية للأنشطة الاقتصادية في المحافظات، وبالأخص في القطاعين التجاري والزراعي، مما سيكون له أثر في تعزيز مستوى التنمية المحلية في المحافظات كافة.