حطّت الطائرة ليس فقط بأجسادهم المرهقة التي لم تر الراحة منذ السابع من تشرين الأول الماضي، إنما بأرواحهم التي تاقت لأمن الوطن وبعيونهم التي انهكتها ساعات خوف وأرق، وبنفوسهم التي تملؤها مشاعر حبّ ووفاء وولاء لجلالة الملك عبد الله الثاني، وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين لوصولهم لأرض الوطن بسلام قادمين من غزة التي تتعرض لحرب هي الأشرس عبر التاريخ.
القادمون من غزة، ولكل مواطن حكاية قادته أن يكون خلال فترة الحرب على أرض غزة، اختلفوا بأسباب الزيارة، وجمعتهم رعاية الوطن بقيادة جلالة الملك لأن يكونوا في طائرة واحدة بحرص من الأردن، وترجمة لتوجيهات جلالة الملك وجهود نموذجية من وزارة الخارجية وشؤون المغتربين ليكونوا على أرض الوطن سالمين، بكل أمن وسلام وإجراءات إنسانية مميزة، وحرص على حمايتهم، تقلّهم طائرة سلاح الجو الملكي مع توفير كلّ ما من شأنه يجعل من عودتهم آمنة.
نهاية الأسبوع الماضي، وصلت طائرة سلاح الجو الملكي، التي تحمل على متنها أردنيين جرى إجلاؤهم من قطاع غزة، إلى مطار ماركا في العاصمة عمّان، وذلك تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، سيّر الأردن طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني، إلى مطار العريش في جمهورية مصر العربية الشقيقة، لنقل 53 مواطنا أردنيا تم إجلاؤهم من قطاع غزة إلى مصر عبر معبر رفح، حيث وصلت الطائرة إلى مطار ماركا العسكري ظهر يوم الخميس الثاني من تشرين الثاني الحالي.
وبحسب الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير د.سفيان القضاة، فإن 53 مواطنا أردنيا تم نقلهم إلى المملكة على متن هذه الطائرة التي كانت حملت على متنها في حينه مساعدات إنسانية إغاثية وطبية، لمساعدة الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، مضيفا أن 196 مواطنا أردنيا تم استقبالهم مساء الأربعاء، في الجانب المصري من معبر رفح وتأمين مستلزماتهم، من قبل فريق السفارة الأردنية في القاهرة، حيث تم تأمين عودة عدد كبير منهم إلى المملكة من خلال مطار القاهرة الدولي.
والجدير ذكره بهذا الشأن أن هذه الرحلة هي الأولى لإجلاء المواطنين الأردنيين من قطاع غزة، ذلك أن عملية الإجلاء مستمرة طالما دعت الحاجة، وبطرق ووسائل مختلفة، وفقا للقضاة.
لم تكن تلك الأيام التي أمضوها في غزة عادية، عاشوا خلالها الكثير من التفاصيل ما بين خوف وقلق ورعب وتوتر، وجوع وعطش، إلى أن جاءت كلمة سيد البلاد بتوجيهات ملكية إنسانية لتنقذ فيهم أرواحهم ونفسياتهم، بتوجيهات ملكية سيرت المملكة الأردنية الهاشمية طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني، إلى مطار العريش في جمهورية مصر العربية الشقيقة، ونقلت 53 مواطنا أردنيا تم إجلاؤهم من قطاع غزة إلى مصر عبر معبر رفح، لتنقلهم من واقع خطير بائس، لحياتهم في وطنهم، عادوا ممتنين شاكرين لجلالة الملك وولي عهده على رعاية أعادت لهم الحياة وأعادت لأسرهم نبض الوجود.
عادوا ، (53) مواطنة ومواطنا، حاملين تعب أيام لا وصف لها على ألسنتهم كافة سوى الأسوأ في حياتهم، والأكثر تعبا ورعبا، معتبرين توجيهات جلالة الملك ومتابعة سمو الأمير الحسين بداية جديدة لحياتهم، تزداد فيهم عقولهم وقلوبها حبا وولاء للقيادة، وبأن الأردن ينعم بقيادة حقا لا مثيل لها، قيادة جعلت من الوطن أيقونة سلام، ومن المواطن آمنا سالما مكرّما على أرضه وحتى في سفره هو محمي ومصانة حياته وكرامته.
في الاقتراب منهم يمكنك أن تسمع نبض قلوبهم شوقا للوطن، وفي الاستماع لكلماتهم، تطرب لأعلى درجات الحبّ والوفاء والشكر لجلالة الملك وولي عهده، هكذا تجدهم كل العائدين من غزة بعد أيام أثقلتهم تفاصيلها بذكريات حتما يسعون بكل ما أوتوا من قوّة لنسيانها، هم العائدون وقد أنقذهم الوطن من حرب مدمّرة هي الأكثر عنفا وإجراما بتاريخ البشرية، ليكونوا اليوم على أرض الأمن والسلام بين أسرهم ومحبيهم بتوجيهات ملكية سامية.
كافة القادمين من غزة، بدأوا حديثهم بشكر جلالة الملك وولي العهد، مؤكدين أن توجيهات جلالة الملك السامية بتسيير طائرة لعودتهم، هي بمثابة عودة النبض لحياتهم، مثمنين هذه المكرمة، وشاكرين لجلالة الملك وولي عهده، فقد أنارت نفقا مظلما من الخوف والرعب عاشوه خلال الأيام الماضية، ليخرجوا منه بالكثير من السلامة والأمن ويبتعدوا عن صوت القذائف والصواريخ والأهم صراخ الأطفال الذين لم تشفع لهم طفولته من ظلم الاحتلال وجرائمه.
جريدة «الدستور» التقت بعدد من العائدين من غزة، ممكن كانوا يقومون بزيارات خاصة لذويهم، ليعيشوا أياما من الحرب على الأهل في غزة، مؤكدين أنها أيام عجاف، سوداء، مؤلمة، متعبة نفسيا وصحيا، ما اضطر عددا منهم لمراجعة الأطباء فور عودتهم إلى عمّان .. أيام لم تمنحهم فسحة أمل، لتأتي توجيهات جلالة الملك وتنقذ فيهم كل انتظارهم ليوم العودة الآمنة، فكان لهم ما حلموا به.
وأشار عدد من العائدين في أحاديث إلى أن جهود نشامى سلاح الجو الملكي كانت ممتازة، وكذلك وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، فلم يشعروا بأي جهد أو تعب، وبكل سهولة تمكنوا من الوصول لعمّان، وأي كلمات شكر لن توفيهم حقهم لكل ما قدموه للعائدين، الذي كانوا جميعا مثقلين بألم أيام عصيبة، مختصرين كل هذه الجهود بقولهم «ما قصروا» وفي ذلك ألف رسالة لقيمة ما قدّم لهم.
عبد الرحمن الحتو
في البداية تحدثنا مع عبد الرحمن الحتو الذي قال إن والدته كانت في غزة وهي الآن في المستشفى تجري عددا من الفحوصات بعد أيام صعبة جدا قضتها في غزة، مشيرا إلى أنها سافرت إلى غزة لزيارة والدتها وشقيقاتها، وقد بدأت الحرب على غزة في هذه الأثناء.
وبين الحتو أن توجيهات جلالة الملك وجهود جلالته وولي عهده الأمين أنقذت حياة والدتي، وهي اليوم بيننا بعدما فقدنا وهي كذلك فقدت الأمل بعودتها، وبحياتنا معا، ومهما شكرت جلالته لا يمكن أن أنقل ما أشعر به من ثناء وولاء وشكر، وفخر بقيادتنا وبوطني، حيث لا نُترك لأي ظروف صعبة، أو حروب أو عدم راحة.
وبالطبع ،أضاف الحتو، لا ننسى جهود نشامى سلاح الجو الملكي ووزارة الخارجية وشؤون المغتربين «ما قصروا» بجهود نموذجية كانوا سببا في سلامة وأمن عشرات المواطنات والمواطنين، سلامتهم بعد حياة قاسية وظروف صعبة لم يجدوا خلالها الراحة ولا الأمن ولا الماء ولا الطعام، فنحن نشكرهم ونشكر السفير الأردني في القاهرة، كثيرة هي قائمة من علينا أن نشكرهم من قلوبنا ألف رسالة حب وشكر لكل من جعل السلام يعود لمنزلنا.
والدتي الآن في المستشفى، قال الحتو، فهي لم تستطع النوم منذ عودتها وبالطبع لم تنم طوال الفترة التي قضتها في غزة، وفي حال نامت لدقائق تنهض فورا وهي مذعورة وخائفة، ما جعلنا نذهب بها للأطباء، الحمد لله أننا اليوم معا، بفضل قيادة هاشمية حكيمة تحمي المواطن في حلّه وترحاله.
آية عمرو
وكذلك آية عمرو، ابنة رجاء السقا، رأت في توجيهات جلالة الملك ومتابعة ولي العهد الأمين لأوضاعهم والحرص لعودتهم آمنين سالمين، بمثابة إعادة النبض لحياتهم، التي كادت تدمّر في غياب والدتهم في غزة، وقد تمر أيام دون معرفة أي خبر عنها، ليعيشوا ظروفا قاسية من القلق والخوف.
وقالت آية توجيهات جلالة الملك بتسيير طائرة لعودة المواطنين من غزة، جميل في أعناقنا جميعا، زادت من حبّنا وولائنا ووفائنا للقيادة، نحن نعشق الأردن وجلالة الملك وولي عهده، وما توجيهات جلالته السامية إلاّ مكرمة ملكية بعثت فينا نبضا جديدا لحياتنا بعدما حقا كدنا نفقد كلّ ما هو جميل في حياتنا.
وأضافت عمرو ، اليوم «ماما» بيننا ولو كانت مريضة، فقد عادت من غزة وهي متعبة وهي الآن تراجع الأطباء، لكنها بين أسرتها وفي أرض السلام، الأردن الذي نفخر به أينما ذهبنا فهو الوطن الذي يحمي المواطن داخله وخارجه، ولا أبالغ إذا ما قلت إني أحتاج حروفا تضاف لحروف اللغة حتى أعبّر عن شكري وعائلتي ووالدتي لجلالة الملك وولي عهده.
وبالطبع لا يمكن أن ننسى الجهود التي بذلتها وزارة الخارجية وشؤون المغتربين والسفير الأردني، هي جهود جبارة وعظيمة، ليصل المواطنون آمنين سالمين لأرض الوطن، وجمعهم مع عائلاتهم، بإجراءات سهلة وتذليل أي عقبات، وهم اليوم بين أهلهم وذويهم وإن كانت قد مرّت عليهم الكثير من الصعوبات، والخطر، والأذى والخوف لكن في حضن الوطن بأمنه وسلامه نتجاوز أي صعوبات وذكريات تنسينا إياها روعة وطننا .
وأشارت عمرو إلى أن والدتها كانت في زيارة لوالدتها وشقيقاتها في غزة، مبينة أن جدتها كبيرة في السن، وذهبت والدتها للاطمئنان عليها، لتأتي الحرب بظروفها البشعة والإجرامية، وتعيش والدتها ظروفا غاية في الصعوبة، وتمر بها الكثير من الأحداث كأن تسمع أصوات الصواريخ والقذائف، وتسارع للنزول أسفل الطاولات خوفا من القصف، وبالطبع واجهت قلة الطعام والماء، بل ندرتهما، إلى أن فتحت لها طاقة الفرج بتوجيهات جلالة الملك بتسيير طائرات لعودة الأردنيين لتحيا بذلك من جديد على أمل الوصول للوطن الذي ننعم بدفئه وأمنه واستقراره، وننعم بقيادة هاشمية لا مثيل لها في هذه المعمورة.
عمرو الشرفا
وتحدثنا مع عمرو الشرفا، الذي كان في غزة يزور أهل زوجته برفقتها ورفقة أطفاله، واصفا (25) يوما من حياته وحياة أسرته بأنها سيئة وقاسية، مليئة بالخوف والرعب والقلق على أطفاله حيث لا طعام ولا ماء، فكانت عودتهم للوطن مغامرة سيما وأنهم وصلوا معبر رفح لأكثر من مرة وعادوا بسبب القصف الإسرائيلي.
الشرفا لا يزال تحت تأثير تفاصيل خطيرة ملأت أيامه الـ (25)، وفي حديثه بكلمات متباعدة تحتاج الكثير من التركيز لاستيعابها، فكلامه مثقل بالتعب والهم والقلق، ومحاولة استيعاب كل ما عاشه خلال الأيام الماضية.
وقال الشرفا لا أنكر أني بدأت أشعر بأن هذه الحياة تنتهي لي ولأسرتي، وكانت التوجيهات الملكية السامية بتسيير طائرات لعودتنا بمثابة حياة جديدة لنا جميعا، لم أصدق أننا سنعود إلى عمان بلد الأمن والسلام، ومهما قلت من شكر لجلالة الملك فإني لن أعبّر بحقيقة ما أحمله من شكر وحبّ لجلالته، فقد عشنا 25 يوما لا يمكن وصفها بعُجالة، أياما قاسية وصعبة ترى نهاية الحياة تقترب منك كل يوم لا بل كل ساعة أكثر فأكثر، ناهيك عن ظروف الحياة الصعبة ومنعدمة الأساسيات، ما يجعلنا نحمد الله على ما أنعم علينا من وطن آمن وقيادة هاشمية بقيادة جلالة الملك ومتابعة ولي العهد الأمين لأوضاع المواطنين داخل الوطن وخارجه.
وشدد الشرفا على أهمية دور وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الكبير الذي قاموا به لتكون رحلة عودتنا سهلة ومنظمة وبأعلى درجات التنظيم، ونشكر سلاح الجو الملكي، وكل من كان وراء تنفيذ توجيهات جلالة الملك بعودتنا آمنين سالمين للوطن، بعدما حقا فقدت الأمل بأن أعيش يومي دون حرب هي الأقسى بتاريخ البشرية.
وثمن الشرفا توجيهات جلالة الملك، وقال أشكر جلالة الملك وولي عهده الأمين، لما قدّماه لنا من بدايات جديدة مليئة بالأمن والسلام، وبأيام حقا كدت أنسى تفاصيلها، ولا أنكر أني حتى اللحظة أعيش تحت تأثير قساوة الأيام الماضية، وفي نسيانها مهمة صعبة عليّ لكني سأتجاوزها وأنا وأسرتي نعيش في وطن السلام.