هلا نيوز
شهادات من ناشطين حول أسواق رقّ في السودان خصوصا في دارفور، يتم فيها بيع نساء يتعرضن للخطف من قبل قوات «الدعم السريع» فيما أكدت مديرة وحدة العنف ضد المرأة والطفل (مؤسسة حكومية) سليمي اسحاق، وجود هذه الأسواق.
قبل أسابيع، تحدث ناشطون محليون ومنظمات حقوقية عن فتيات مختطفات من الخرطوم ومناطق في دارفور يتم بيعهن في أسواق للرق وابتزاز ذويهم بغرض دفع فدية، وذلك في الفاشر حاضرة شمال دارفور إلا أن السلطات المحلية أصدرت بيانا حينها نفت فيه وقوع مثل هذه الجرائم.
وأكدت سليمي قيام قوات «الدعم السريع» والميليشيات المتحالفة معها، بخطف النساء وإنشاء أسواق للرق وأماكن احتجاز في دارفور لبيعهن أو إطلاق سراحهن مقابل فدية.
وبينت أن «روايات أسواق الرق مؤكدة من خلال شهود عيان، وهناك فتيات تم إطلاق سراحهن بفدية».
أضافت: «هناك أسر تتحفظ في تناول القضية، كذلك هناك خطر محدق يطارد من يتحدث بالموضوع، لذلك لم نستطع الوصول إلى الأعداد الحقيقية وأسماء مناطق بعينها».
وأشارت إلى «وجود محتجزات للنساء المختطفات من الخرطوم الخرطوم ونيالا في فنادق مغلقة وداخل مبان حكومية معطلة في نيالا، كذلك في مناطق على الطريق الرابط بين مدينتي الفاشر ونيالا في إقليم دارفور».
وبينت أن ما حدث للنساء في السودان يشبه الى حد كبير وما حصل لـ «الأيزيديات» من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» حيث تم «خطفهن واسترقاقهن برغم اختلاف الطريقة والدوافع الأيديولوجية». ووفقا لها، تشير الإحصائيات الأخيرة بوقوع (136) حالة عنف جنسي موثقة ارتكبتها قوات»الدعم السريع» لافتة في الوقت نفسه أن هذه الأرقام لا تعكس الواقع وإنما تمثل (2٪) فقط منه.
وزادت: هناك الكثير من الحالات لم يتم الإبلاغ عنها بسبب ظروف الحرب وعوامل اجتماعية أخرى.
وبينت أن وتيرة العنف كانت قد انخفضت في شهر أغسطس/آب لدرجة عدم تسجيل أي حالة، لكنها رجعت في سبتمبر/أيلول الجاري بشكل أفظع عبر اقتحام المنازل.
وسبق أن كشفت هيئة محامي دارفور عن اختطاف نساء من عناصر ميليشيا عربية، حيث اشترطت إطلاق سراحهن مقابل الفدية.
ولفتت الى تلقيها معلومات عن مزاعم لأسواق رق في الفاشر، لكن لم يتسن لها إثبات ذلك.
شهادات حول القضية من اثنين من الناشطين الحقوقيين المحليين في دارفور.
قال أحدهم: «بعد الشهر الثاني من اندلاع الحرب وعقب استهداف مناطق في شمال دارفور مثل كتم وطويلة، وكذلك الاستهداف الذي طال مدينة نيالا، اختطفت قوات (الدعم) والجنجويد عددا من الفتيات وذهبوا بهن إلى اتجاهات مجهولة، كانت من ضمنهن صديقتي وزميلتي في الجامعة وفتاه أخرى، تم بيع الأولى بـ(700) ألف جنيه، والثانية بمليون جنيه سوداني وغادر بهما المشتري إلى منطقة أردمتا، بالقرب من الجنينة، وهناك التقى بهما أحد المعارف الذي سدد المبالغ وأخذ الفتاتين وأطلق سراحهما وهما الآن في منطقة في محلية سربا في ولاية غرب دارفور».
وحسب الناشط الحقوقي، الذي فضل حجب اسمه، المحتجزات والأسواق التي توجد فيها الفتيات المختطفات، تقع في غرب وشمال دارفور وأماكن في اتجاه جبل سي ومنطقة دعوة.
ناشط ثان، من محلية كاس في ولاية جنوب دارفور، فضل كذلك حجب اسمه لدواع أمنية، أفاد بأن أسواق الرق توجد في الفرقان.
ناشطان كشفا عدة حالات… ومسؤولة حكومية تشبّه الأمر بمأساة إيزيديات العراق
وأوضح أن عمليات البيع تتم بين أفراد «الدعم السريع» والميليشيا المتحالفة معها، لافتاً الى أن الأسواق تباع فيها الأسلحة كذلك.
ووفقا له: «تم تحرير فتاة بمبلغ 600 ألف جنيه بواسطة زميل دارسة من منطقة كبابية في ولاية شمال دارفور بعد أن اختطفت من الخرطوم».
وقدر عدد الفتيات المخطوفات حول كاس يصل إلى أكثر من (50) فتاة وتتراوح أسعار البيع والفدية إلى حدود مليوني جنيه، مبيناً عدم وجود سلطة مدنية في كاس بعد سقوط حامية الجيش على يد «الدعم السريع».
محاولات التواصل مع قوات «الدعم السريع» للتحقق من تلك الاتهامات، لكن لم تجد أي رد.
يذكر أنها كانت قد نفت في بيان سابق أي صلة لها بجرائم اختطاف واغتصاب النساء، واعتبرت أنها مزاعم تأتي في إطار «الحملات المضادة» التي يقودها فلول «النظام البائد» في مواجهتها.
السلطات المحلية على مستوى والي شمال دارفور، نمر محمد عبد الرحمن، أيضا لم يرد على تساؤلات لكنه سبق أن أصدر بياناً بهذا الخصوص قال فيه: إن «ما تم نقله في بعض الوسائط الإعلامية والتي تفيد بوجود أسواق للرق النسائي في محليات الفاشر ومليط والمالحة، عار تماما عن الصحة.
يشار إلى أن قائمة المفقودين والمختفين قسرياً بعد اندلاع الحرب تضم العشرات من الفتيات والنساء اللواتي لا يعرف مصيرهن حتى الآن.
وفي سياق متصل، كانت مبادرة «مفقود» (مبادرة تطوعية تعمل على البحث عن مفقودي الثورة والحرب) قد أعلنت أن القوات الخاصة في الجيش السوداني تمكنت من تحرير مجموعة من النساء، والفتيات المفقودات، من يد قوات الدعم السريع في ضاحية الحلفايا.
حسب المفقودات، فإن قوات الدعم كانت تجبرهن على علاج الجرحى وإعمال طهي الطعام.
وبينت المبادرة أن «بعض النساء اللواتي عُثر عليهنّ بعد خطفهنّ قد صرّحن بأنهن قد أكرهن من قبل قوات الدعم السريع باستعمال العنف والترهيب على أداء مهامٍ مختلفة، منها الطبخ وغسل ثياب الجنود في ظروفٍ صحيةٍ وأمنيةٍ رديئة للغاية».
وحسب الصحافي الهادي عبد الله – من دارفور، فإن «ظاهرة اختطاف النساء والفتيات منتشرة في إقليم دارفور، حيث عمد بعض مسلحي الدعم السريع الهاربين من المعارك، الى نقل عشرات الفتيات من الخرطوم إلى دارفور، وأبلغ العديد من الأسر عن اختطاف فتياتها، وأيضاً ثمة بلاغات أخرى غير مؤكدة عن أن الدعم السريع أقام أسواقا للرق في الضعين وشمال وغرب دارفور».
ووفقا له، يأتي ذلك في الوقت الذي توقفت فيه المؤسسات العدلية والأمنية بسبب الحرب، الأمر الذي حال دون القدرة على تدوين بلاغات جنائية بحق قوات الدعم السريع التي لم تتوقف عن ارتكاب مزيد من الانتهاكات الصادمة ضد المدنيين.
وجزم بأن «استمرار الممارسات البشعة المخالفة لكل القيم الأعراف والقوانين من قبل الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، سيشكل شرخاً اجتماعياً واسعاً وسط المجتمع السوداني» مشددا على ضرورة «مضاعفة الجهود المحلية والدولية لوقفها ومعاقبة مرتكبيها».
وبين أنه «لا يزال المدنيون يعانون بسبب فشل السلطات في توفير الأمن، وعدم قدرتها على تحقيق العدالة والمساءلة عن الجرائم وغيرها من الانتهاكات».
وزاد: «قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة لا تكف عن توسيع دائرة جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الجنسي والتهجير القسري والقتل على أساس الهوية».
وكانت قد شهدت اجتماعات الأمم المتحدة الأخيرة إدانات عديدة لـ «الدعم السريع» فيما يتعلق بارتكابها جرائم عنف جنسي ضد النساء خلال الحرب المستعرة في السودان منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي.
وحول ذلك، قالت مديرة وحدة العنف ضد المرأة والطفل، سليمي إسحاق: «إدانات واسعة، لكن لا يوجد فعل ملموس». واستدركت: « نعم صدرت عقوبات في مواجهة (نائب رئيس قوات الدعم وشقيقه) عبد الرحيم دقلو لكن لا يوجد فعل آخر»
وأوضحت أن «المحاثات مستمرة مع البعثات الدولية حول احتياجات ومستقبل النساء وذلك من أجل تضميد الجراح التي خلفها العنف الجنسي».
وبينت أن «العنف الجنسي في حرب السودان، ممنهج وهو الأقبح من نوعه» معلنة في الوقت نفسه أن «هناك مخاطر حقيقية تواجه مقدمي الخدمات للضحايا من أطباء أو من يشتبه بتعامله مع المنظمات أو المتطوعين أو الناشطين، حيث يتم التحقيق معهم واعتقالهم من قبل قوات الدعم السريع».
وختمت:»أنا أخاف أن اتحدث عن بعض الحالات، لأن ذلك يسبب خطرا كبيرا على مقدمي الخدمات، أي أنباء عن اغتصابات أو عنف جنسي أصبح يعرضهم للاعتقال والمساءلة من قبل الخرطوم ونيالا في ولاية جنوب دارفور».