قذافي فراج” المُلقب بـ “سفاح الجيزة” واحدة من أكثر القصص إجرامية في الشارع المصري، والذي اعترف فيها القاتل أمام رجال المباحث، بقيامه بقتل 4 ضحايا، أولهم صديق طفولته، الذي سفك دمه بروحٍ باردة عام 2015، ثم قتل الباقين بأساليب وحشية، ولم تُكشف جرائمه إلا بعد خمس سنوات من قيامه بها.
تحوّلت قصة “قذافي” إلى مسلسل تشويقي بعنوان “سفاح الجيزة” الذي يقوم ببطولته الفنان أحمد فهمي، وتدور أحداثه حول قاتل متسلسل في الجيزة، نجح في الهروب من حبل المشنقة قرابة خمس سنوات، تمكّن خلالها من ارتكاب أربع جرائم قتل.
الاضطراب النفسي
اللافت في قضايا القتل الوحشية، أن ذريعة المجرمين، وحتى دفوع المحامين عن المجرمين الوحشيين، ادعاء إصابتهم بـ “الاضطراب النفسى”، كطوق نجاة للإعفاء من المسئولية الجنائية.
والأغرب في قضية “سفاح الجيزة” أنها نالت تعاطف الكثيرين سواء القصة الحقيقية للمجرم، أو الشخصية البطولية للعمل، والتي تُظهر أن القاتل شخصية هادئة مُستقرة وسوية نفسياً كما يبدي لمن حوله، وأن ظروفه المحيطة أو طفولته المُجحفة هي من نمّت بداخله الحس الإجرامي.
يفسّر الاستشاري النفسي والتربوي موسى مطارنة الدوافع الإجرامية بأنها “وليدة البيئة المجتمعية والأسرية” إذ يعتبر “أن الطفل لا يولد مجرماً ولا ضعيف الشخصية ولا مُنفصماً حتى، بل البيئة الأسرية المُحيطة، هي من تفرز هذه السلوكيات”.
علاقة الحب في بناء شخصية سليمة
ويفرق مطارنة بين البيئة الداعمة للطفل، والبيئة المُحفزة للسلوكيات العدوانية قائلاً: “الأسرة الهادئة القائمة على مشاعر الحب السامية والحوار واللطف، تنشئ شخصية معتدلة متوازنة”، أما “الطفولة المملوءة بالعدوانية والإجحاف والإهانات، تولّد إنساناً عدائياً كارهاً لمن حوله، بالتالي أفكار الإنسان تتشكل بفعل بيئته المُحيطة”.
في تفسير التسلسل النفسي لنمو الشخصية، يعتبر مطارنة “أن المفاهيم السليمة بعمر الطفولة تتحول مع نضج الإنسان إلى أفكار، ثم إلى مبادئ، والتي تتشكل فيما بعد لتصبح قيماً ثم سلوكيات”.
رواسب الطفولة هل تخلق مجرماً؟
ويكمل مطارنة قائلاً: “لو كانت البيئة الأسرية قائمة على العنف، وغياب أساليب الحوار الراقية، فمن الطبيعي خلق شخصية تتسم بالعنف ولا تأخذ ما تريده إلا بالقوة، بالسرقة أو القتل أو البلطجة”.
ويسرد مطارنة المُحفزات البيئية التي تحوّل الإنسان العادي إلى مُجرم “غياب الإرشاد والتوجيه من قبل الأسرة، أو الانفصال الذي يتخذه الوالدان قرار لهما، أو تربية الطفل في ظل غياب الضوابط السلوكية”.
ووفقاً لمطارنة “هذه المحفزات تبدأ كأفكار ثم تتحول إلى سلوكيات لا تتجزأ من شخصية الإنسان”، ويعتبر مطارنة أن علاج الشخصية العدوانية الإجرامية يتمحور حول إيجاد علاج سلوكي وبناء ذاتي للأفكار من جديد.