“لا ترمها فمن الممكن أن نحتاج إليها”.. جملة صغيرة لكنها تختزل عمق الرسالة التي أرادت الأردنية هيا جهاد إيصالها منذ سنوات، فهي ترفض أن يحوي قاموس حياتها مفردة “مهملات”.
هيا (26 عاماً)، شابة لا تتعامل مع المسميّات، فلا شيء تالفا لا يمكن الاستفادة منه عندها، مهما كان نوعه ومادته إذ تقوم بإعادة تدوير أي قطعة بلاستيكية أو ورقية أو غير ذلك، واستخدامها مجددا في جوانب حياتية مختلفة، بعد أن تضيف عليها لمسات فنية متقنة.
تحمل الشابة الأردنية الشهادة الجامعية بتخصص الكيمياء من جامعة البلقاء الحكومية، ومنذ تخرجها عام 2020، أرادت أن توفر لنفسها فرصة عمل، في ظل ارتفاع نسبة البطالة في بلادها.
مراسل الأناضول زار الشابة في منزل والدها، بمنطقة المقابلين بالعاصمة عمان، واطلع على واقع حرفتها، التي باتت بالنسبة لها عملاً خاصاً، وتحولها إلى مقصد للباحثين عن الروعة والخروج عن المألوف.
** الحاجة تعلم الإنسان
قالت هيا للأناضول: “خلال أزمة كورونا وما رافقها من إجراءات وحظر للتجوال، انحصر الجميع في بيوتهم، وكنا بحاجة إلى بعض الأشياء والحاجات التي نستعين به في حياتنا اليومية”.
وأضافت: “سابقا، كنت أتابع برنامجا متلفزا يتعلق بإعادة تدوير المهملات من مختلف المواد، وبدأت التعلم من تلقاء نفسي، وكان الحافز حاجتي لبعض الأشياء الضرورية ولم نستطع الحصول عليها بسبب قيود كورونا”.
وأردفت: “أعيد تدوير كل ما يقع تحت يدي من رولات ورق الحمام، وأقراص السي دي، وعلب الحليب السائل، وعلب البوظة، وغير ذلك”.
** بيع المنتجات
وتابعت هيا: “في الحقيقة، عندما بدأت هذه المهنة كان الهدف شخصيا، وما زال حتى اللحظة، ولكن في بعض الأحيان أقوم بعرض بعض المنتجات للبيع”.
واستدركت: “الإقبال كبير جداً؛ لأن من يقوم بهذا العمل عددهم قليل جدا بحسب ما أعلم وأتابع”.
وأضافت هيا: “عرضت منتجاتي في عدد من المعارض المحلية، ولكن لم تكن مشاركتي فيها بشكل مباشر، فقط المنتجات ومن خلال بعض المشاركين”.
وأوضحت أنها “تقوم يوميا بتشكيل 5 قطع على الأقل، وتستخدم في تزيينها وتجميلها القماش القشي وخيوط الخيش والكرتون”.
وتابعت: “القطع تحتاج من ساعتين لثلاث وخاصة الأشياء الصغيرة”، مؤكدة: “أنا لست بآلة، العمل يحتمل الخطأ، ولكن أشعر بأن ما أقوم به متقن نوعا ما”.
أما عن طبيعة المنتجات، فقد بينت بأنها “ديكورات وإكسسوارات وقوارير للمزروعات وحافظات للأقلام وسلال متنوعة وأطباق محمولة ومعلقات وغير ذلك”.
** حفاظ على البيئة
ولم تقلل الشابة الأردنية من أهمية ما تقوم به في الحفاظ على البيئة، مستشهدة بموقف تعرضت له في الماضي، كان هو الدافع وراء عملها.
وقالت هيا: “زرت إحدى حدائق العاصمة عمان، وشاهدت داخلها كميات من النفايات والمخلفات، وكانت تؤثر على المنظر العام، وتلحق ضرراً واضحاً بالبيئة”.
وأضافت: “منذ ذلك تعززت الفكرة لدي بأن هذه الأشياء بالإمكان أن تتحول إلى مناظر جميلة”.
** المهتمون بالمنتجات
وفيما يتعلق بأسعار المنتجات قالت هيا: “أستخدم مواد بسيطة بالتشكيل، ولا أطمح لجني الثروات بقدر ما أسعى للحصول على المتعة بالتشكيل وتحقيق شعور جميل بالقدرة على الإنتاج في المجتمع”.
وأشارت إلى أن “الأسعار متفاوتة وتعتمد على المواد التي أستخدمها، ولكنها تبدأ من دينارين وأغلاها 10 دنانير (2.8 ـ 14 دولارا)”.
أما عن زبائنها فقالت هيا: “إن من يقصدني هم من تزيد أعمارهم على 40 عاماً، لأن هذه الفئة العمرية تشعر بقيمة المنتجات اليدوية”.
وأضافت: “لا أقصد التقليل من شأن من هم دون الـ 40 عاما، وإنما لتأكيد أن التطور في مناحي الحياة المختلفة له تأثير متفاوت بتفاوت الأعمار”.
وأردفت: “الفئة العمرية الصغيرة لا تهتم بشكل كبير، وترى أن الأشياء متوفرة بالسوق، ولكن أنا أشعر بعملي هذا بأنني أخرج طاقة سلبية، وهو متعة في ذات الوقت”.
ولم تخفِ هيا اعتزازها بدور الأهل تجاه ما حققت، مختتمةً حديثها بالقول: “أهلي دائما يدعمونني، كل شيء يرونه يقولون بأنه يجب تركه لهيا فهذه مواد تحتاجها”.